المهنة خياطة، الجنسية إثيوبية، الراتب 7 دولارات شهريا

ارتبطت مهنة الخياطة في إثيوبيا بظروف التشغيل الهشة حيث تواجه الخياطات ظروفا قاهرة نتيجة تدني الأجور والعمل القسري لساعات طويلة خصوصا مع ضغوط الوباء الذي أشاع مخاوف العدوى بفايروس كورونا، ما أدى إلى تخفيض العمالة داخل المصانع.
أواسا (إثيوبيا) - تصنف مهنة الخياطة في إثيوبيا ضمن أسوأ الوظائف والأدنى أجرا حتى قبل أن يتفشى كوفيد – 19. كانت الخياطات في مجمع أواسا الصناعي في إثيوبيا من بين أسوإ عمال الملابس أجرا في العالم، إذ تكسب الكثيرات منهن أقل من 30 دولارا في الشهر.
وقالت عدة خياطات في تصريحات صحافية، إن خفض الأجور والعمل القسري لساعات إضافية أصبحا من الممارسات الشائعة اليوم في المصانع التي تعاني من نقص الموظفين والتي هجرها المئات من العاملين السابقين لأسباب تشمل الخوف من الإصابة بفايروس كورونا المستجد.
وقالت تيغيست، وهي خياطة تبلغ من العمر 20 عاما، إن بعض زملائها لم يعودوا إلى أواسا منذ تسريحهم في أشهر الوباء الأولى، حين تضررت صناعة الملابس العالمية بسبب الطلبات الملغاة.
وفي الأشهر الأخيرة، أجبر أرباب العمل المتحمسون لتعويض الخسائر العمال الباقين على تحمل الركود، كما أكّدت لنا تيغيست –التي غيرنا اسمها لحماية هويتها- وعمال آخرون.
وقالت تيغيست -التي تحدّثت إلينا من الغرفة الصغيرة التي تستأجرها مع عاملة أخرى مقابل 275 بير إثيوبي (حوالي 7 دولارات) شهريا، وهو مبلغ يقرب من نصف راتبها الشهري البالغ 650 بير إثيوبي- “كان علينا أن نعمل أكثر لسد الفجوة”.
وأضافت “نحن نخشى الإصابة بالفايروس لكن علينا أن نستمر لأنه ليس لدينا أي خيار آخر”. وقد اضطرت إلى العمل لتجنب أن تكون “عبئا” على أسرتها الفقيرة التي تعيش في قرية جنوبية.
وقالت إنها منذ عودتها من الإجازة كانت تعمل ست ساعات إضافية في الأسبوع دون أجر، وكان المقابل بطاقات بقيمة 0.13 دولار لهاتفها المحمول. كما أبلغت خمس نساء أخريات على الأقل عن تجارب مماثلة منذ إعادة افتتاح المصانع. وقلن إنهن عملن مع شركات مصنعة مثل كاي جي جي غارمتس وإندوشين اباريل التي تتعامل مع علامات تجارية كبيرة مثل ذا تشيلدرنز بليس وليفايس.
ونفى مدير في كاي جي جي غارمتس ورئيس الموارد البشرية في إندوشين اباريل هذه المزاعم وقالا إن المصانع لم تغلق خلال تفشي الوباء. وقال فيتسوم كيتيما، المدير العام لمجمع أواسا الصناعي، “لا توجد مثل هذه الممارسات في مجمعنا”. وكتب في رسالة نصية “تدير شركاتنا أعمالها بما يتماشى مع قانون البلاد”.
ولم يرد كل من ذا تشيلدرنز بليس وليفايس على طلبات التعليق.
وخلال السنوات الأخيرة شُيّد أكثر من اثني عشر مجمعا صناعيا في إثيوبيا كجزء من خطط طموحة لتحويل الفقراء -وخاصة المجتمع الزراعي- إلى قوة تصنيعية، وجذب المستثمرين بإعفاءات ضريبية وقروض وتكاليف عمالة رخيصة.
الخياطات الأقل أجرا في العالم يشتغلن في ظروف أشبه بالعبودية، حسب مركز الأعمال وحقوق الإنسان بجامعة نيويورك
وافتتح مجمع أواسا الصناعي، الذي يقع على بعد حوالي 275 كيلومترا جنوب العاصمة أديس أبابا، في 2016 وجمع 28 ألف عامل قبل تفشي الوباء.
وتشغّل المصانع الآن عمّالا بعدد مثل الذي سجّلته ما قبل الوباء. ويمكن رؤية حشود من النساء وهن خارجات من المصانع إلى حدود الشهر الماضي.
ولم تكن الكثيرات منهن يرتدين الأقنعة. وكانت بعضهن جديدات في سوق العمل، معوّضات لأولئك اللاتي لم يعدن من الإجازة خشية الفايروس أو بسبب ظروف العمل القاسية.
وفي عدة مناسبات ندد نشطاء بالظروف الشبيهة بالعبودية والأجور المنخفضة؛ إذ كان عمال الملابس، ومعظمهم من النساء، الأقل أجرا في العالم، وفقا لتقرير صدر في 2019 عن مركز الأعمال وحقوق الإنسان بجامعة نيويورك ستيرن للأعمال.
وقالت بينيلوبي كيريتسيس، من اتحاد حقوق العمال، إن هذه الأجور المنخفضة تعزز احتمال تعرّض العاملات للجوع وأشكال أخرى من الانتهاكات في العمل.
وقال العمال الذين كانوا في أواسا عندما بدأت الأزمة الصحية إنهم يكافحون من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية على الرغم من الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى حمايتهم. وقد أعلنت إثيوبيا حالة الطوارئ لمدة خمسة أشهر في أبريل لمكافحة فايروس كورونا والتخفيف من تأثيره، وحظرت الشركات، بما في ذلك مصانع الملابس، من تسريح العمال على الرغم من التراجع الكبير في المبيعات والطلبات.
وأُجبرت المئات من العاملات على الخروج في إجازة في يناير 2020 وطرد بعضهن أثناء تفشي الوباء، وفقا لمسح عبر الهاتف شمل 3896 عاملة ملابس وأجري بين 28 أبريل و1 يوليو.
وقالت العاملات لمؤسسة تومسون رويترز إنهن حصلن على إجازة لم تكن أجورهن كافية خلالها، مما أجبر البعض على تخطي وجبات الطعام أو الاقتراض لشراء الطعام. وتعيش أغلبيتهن في أحياء فقيرة بالقرب من المجمع، ويتشاركن في غرف صغيرة في الكثير من الأحيان دون مياه.
وقالت تيغيست إنها تلقت 450 بير إثيوبي (11.65 دولار) شهريا، أي ثلثي أجرها العادي، وتكافح لتغطية نفقاتها، فعادت إلى قريتها إلى أن أعيد افتتاح المصنع الذي تعمل فيه. وذكرت أخريات، مثل بيرتوكان البالغة من العمر 24 عاما، أنه تم تخفيض أجورهن منذ عودتهن من عطلة دامت 21 يوما.
وأضافت تيغيست أن صاحب عملها اقتطع منحة الطعام مما سبب خفضا في الأجور بنسبة 20 في المئة. كما أنه قلل من منح الإنتاج. وعندما اشتكت هي وزميلاتها، أخبرهن المدراء بأن بإمكانهن المغادرة إن كنّ غير راضيات. وهي ممارسة شائعة لثني العمال عن الشكوى.
وقالت بيرتوكان -التي غيرنا اسمها لحماية هويتها- وهي ترضع طفلها “قيل لنا إنه ينبغي علينا التحلي بالصبر”.
وقال نشطاء ونقابيون إن وضع حد أدنى قانوني للأجور سيساعد في حماية العمال من مثل هذه الانتهاكات. وزاد الوباء من أهمية إنشاء نقابات عمالية تأخر وجودها كثيرا في أواسا والمجمعات الصناعية الأخرى، وفقا لنشطاء.
وقال أنجيسوم جيبري يوهانس -وهو رئيس الاتحاد الصناعي لنقابات عمال المنسوجات والجلود والملابس في إثيوبيا- “كلما زاد عدد العمال المنظمين زادت فرصهم في حل المشاكل التي نشأت بسبب الوباء”.
لكن بالنسبة إلى بعض عمال الملابس مثل بيرتوكان، تبدو إمكانية التحسينات السريعة ضئيلة طالما استمر الوباء. وقالت بيرتوكان “لست متأكدة من موعد عودة الأمور إلى طبيعتها. إذا استمر الوباء ولم تحقق الشركة أرباحا، فماذا تتوقع؟”.