الجزائر تسترجع "جزءًا" من فدية فرنسية للجهاديين

الجزائر - ضبط الجيش الجزائري مبلغ 80 ألف يورو قال إنه جزء من “فدية” حصل عليها جهاديون في مقابل إطلاق سراح أربعة رهائن -من بينهم رهينة فرنسية في مالي- في أكتوبر، بحسب ما نشرته وزارة الدفاع الجزائرية مساء الإثنين.
وقالت الوزارة في بيان “كشفت ودمرت مفرزة للجيش الوطني الشعبي (…) خمسة مخابئ للإرهابيين واسترجعت مبلغا ماليًّا مقدّرًا بثمانين ألف أورو، والذي تبين أنه يمثل دفعة أولى من عائدات الفدية التي كانت محل صفقة (…) بمنطقة الساحل”، في إشارة ضمنية إلى الفدية التي دفعتها فرنسا لجماعة أنصار الإسلام والمسلمين في مالي.
وبالرغم من أن الوزارة لم تكشف في بيانها عن المزيد من التفاصيل حول كيفية وصول هذه الأموال إلى أراضيها، إلا أنها أكدت أن هذه العملية تمت في جبل بولاية (محافظة) جيجل (شمال شرق الجزائر)، واستفادت من معلومات قدمها “الإرهابي المسمى رزقان أحسن المدعو بأبوالدحداح” الذي ألقي عليه القبض في 16 ديسمبر.
وكانت وزارة الدفاع في بيان سابق وصفت “أبوالدحداح” بـ”الإرهابي الخطير الذي التحق بالجماعات الإرهابية سنة 1994″، أي في بداية الحرب الأهلية (1992 – 2002) التي أسفرت عن سقوط 200 ألف قتيل حسب حصيلة رسمية.
ويرى مراقبون أنه من غير المستبعد أن تساهم هذه التطورات في حدوث توترات جديدة بين باريس والجزائر، خاصة أن عمليات الجيش الجزائري -التي أفرزت اعتقال العديد من العناصر الإرهابية على حدودها مع مالي وحجز المبلغ المالي الذي يعتقد أن تكون باريس قد دفعته لجماعات جهادية- تأتي بموازاة تصعيد كلامي بشأن “الماضي الاستعماري الفرنسي”.
وسبق للجزائر أن عبرت عن قلقها من استمرار دفع “فديات” لتحرير رهائن، وانتقدت بشدة الإفراج في أكتوبر عن 200 سجين مقابل أربع رهائن -بينهم العاملة الإنسانية الفرنسية صوفي بترونين- بعد مفاوضات بين الحكومة المالية ومجموعة جهادية تحاربها فرنسا منذ سنوات.
لكن الجزائر لمحت مرارا إلى أن باريس دفعت فدية، ونددت بذلك على لسان مسؤولين كبار في الدولة على غرار قائد الجيش الجنرال سعيد شنقريحة ورئيس الوزراء عبدالعزيز جراد.
وتحدّث أحد الجهاديين الجزائريين الذين أفرج عنهم في مالي مقابل الرهائن -أوقف في أواخر أكتوبر على يد الجيش الجزائري- عن دفع “الملايين من اليورو”، في مقطع فيديو بثه التلفزيون الجزائري الرسمي.
وقال إن “المفاوضات تمت بين فرنسا وإياد غالي (أحد أبرز القياديين الجهاديين في الساحل والمرتبط بالقاعدة) ومالي”، لكن ليس ممكنا التحقق من صحة أقواله ولا من الظروف التي صور بها مقطع الفيديو.
واعتبر رئيس الوزراء الجزائري أنه من الضروري “تكثيف التشاور للتصدي للتطرف العنيف ومكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله”.
ولطالما نفت فرنسا الدخول في مفاوضات للإفراج عن الرهائن الأربع ودفع فدية لتحرير بترونين، وذلك في سياق الرد على الاتهامات الجزائرية المتواترة.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس في أكتوبر “لم نكن طرفا في هذه المفاوضات”.
ولكن يبدو أن تطمينات كاستيكس قوضها إقرار فرنسا مؤخرا بأنه يمكنها الدخول في مفاوضات مع عناصر الجماعات الجهادية في الساحل الذي تتعثر فيه العمليات الفرنسية.
وأشارت الرئاسة الفرنسية في الـ21 من ديسمبر الجاري إلى أنه “يمكن الدخول في مفاوضات مع الجماعات الجهادية لكن باستثناء تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية (داعش)”.
وعملت الجزائر لسنوات على منع تقديم الفدية للجهاديين، وخاصة أن ذلك ستكون له ارتدادات على أمنها القومي حيث ترى السلطات هناك أن مثل هذه العمليات “ستستغلها الجماعات الجهادية لتهديد المصالح الجزائرية”.
ويُعتقد أن دفع الفديات مقابل تحرير رهائن أجانب في الساحل، أمر رائج، لكن بدون معرفة تفاصيل هذه الحالات، وبدون أن يتم تأكيد غالبيتها رسمياً.
ويأتي تصريح رئيس الوزراء الجزائري في سياق توتر متزايد بين فرنسا والجزائر بسبب تراكم الخلافات حول عدد من القضايا.
وفي وقت سابق قالت فرنسا إنها تفكر في القيام بتخفيف “موجه” لعدد تأشيرات الدخول الممنوحة للدول، ولاسيما الجزائر التي تتردد في إعادة مواطنيها الذين يشتبه ببقائهم بشكل غير قانوني في فرنسا أو بأنهم متطرفون.
ومن جهتها، تصعد الجزائر مع باريس بشأن ملف “الذاكرة” المعلق بين البلدين اللذين حاولا في وقت سابق التعاون على حسمه.
والأسبوع الماضي، أعلنت الجزائر أنها لن تطوي صفحة “الماضي الاستعماري” مع فرنسا بالتزامن مع اعتزام الأخيرة إعلان تقرير جديد بشأن هذا الملف.