الحكومة الأردنية أمام تحدي كسب الشارع بعد ضمان ثقة البرلمان

مجلس نيابي أردني "فتي" منزوع عنه صفة "الثوري".
الثلاثاء 2020/12/29
سنة تمضي وأخرى تأتي.. والوضع من سيء إلى أسوأ

تستعد الحكومة الأردنية إلى تقديم بيان الثقة لمجلس النواب الأحد المقبل، وسط حالة من الارتياح حيال العلاقة مع المجلس الجديد، حيث من غير المرجح أن تواجه صعوبة كبيرة في التعامل معه، رغم حماسة بعض نوابه الجدد لإثبات الذات.

عمان – يبدأ رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، الثلاثاء مشاوراته النيابية بلقاء كل من رئيس مجلس النواب عبدالمنعم العودات، وأعضاء المكتب الدائم للمجلس، تمهيدا لتقديم الحكومة بيان الثقة الأحد المقبل. وتحدثت مصادر حكومية أن بيان الثقة شبه جاهز، ويجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة عليه، بناء على خطاب العرش وكتاب التكليف.

ويعتقد أن الخصاونة أمام طريق مفتوح لنيل ثقة البرلمان، رغم كل ما يقال عن الدماء الجديدة المتطلعة للتغيير في مجلس النواب الجديد، الذي استكمل تشكيل لجانه الخمس عشرة، وانتخاب رؤسائها ومقرريها الاثنين.

وتشكلت معظم اللجان من وجوه نيابية جديدة، فيما كانت حصيلة القوى الحزبية صفرية ومنها جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التي فشلت في فرض نفسها في أي من اللجان، الأمر الذي اعتبرته أوساط قريبة منها بأنه يأتي ضمن حملة ممنهجة لإقصائها، خصوصا بعد فشل نقيب المحامين الأسبق النائب صالح العرموطي في الحصول على عضوية اللجنة القانونية المسؤولة على مراجعة التشريعات.

ويقول محللون إن التحديات الحقيقية لحكومة بشر الخصاونة ستنطلق بعد الحصول على ثقة مجلس النواب في ظل وضع اقتصادي صعب، يتوقع أن يتفاقم في العام المقبل، لاسيما مع استمرار تدهور الوضع الوبائي وظهور السلالة الجديدة المتحورة من فايروس كورونا في المملكة.

ويشير المحللون إلى أن الحكومة وإن حرصت على عدم تضمين أي ضرائب جديدة على الأردنيين في موازنة العام المقبل، في ظل خشيتها من ردود فعل الشارع المتحفّز، بيد أن الأمر لا يخلو من تعقيدات لاسيما في ظل العجز الكبير المتوقع.

27 في المئة نسبة الفقر في الأردن التي فاقمها تفشي جائحة كورونا، بحسب بيانات البنك الدولي

ويحرص وزير المالية الأردني محمد العسعس، على التسويق للموازنة الجديدة التي قال إنها أخذت في الاعتبار تعزيز الحماية الاجتماعية ودعم القدرة الشرائية للمواطن، وأن الحكومة حرصت من خلالها على احتواء معدلات البطالة المرتفعة ومنع تحولها إلى مشكلة بالتوازي مع جائحة كورونا، قائلا إنه جرى رصد مخصصات لدعم العاملين في أبرز القطاعات المتضررة.

وبموجب مشروع الموازنة، فقد رفعت الحكومة مخصصات صندوق المعونة الوطنية، الذي يوفر راتبا شهريا للأسر الفقيرة بنسبة 38 في المئة، لتصبح 284 مليون دولار، مقابل 205 ملايين دولار لعام 2020، وذلك مع تنامي معدلات الفقر داخل المملكة.

وحسب تقديرات البنك الدولي، فإنه من المرجح أن تشهد نسبة الفقر في الأردن ارتفاعا من 15.7 في المئة إلى 27 في المئة، في ظل خسارة الآلاف من الأردنيين لعملهم في ظل جائحة كورونا وما خلفته من تداعيات جد سلبية على المؤسسات والشركات الاقتصادية.

وتحاول الحكومة من خلال موازنة العام المقبل توفير إيرادات لمساعدة المؤسسات المتضررة، وإعادة حلقة الإنتاج، وهذا سيكون مكلفا، لاسيما في ظل تسجيل عجز كبير وقياسي في الموازنة، مع ترجيحات بتراجع الدعم الدولي.

Thumbnail

وقدر مستوى العجز المالي في الموازنة العامة لعام 2021 بنحو 3.6 مليار دولار باحتساب المنح الخارجية، التي تتوقع الحكومة تراجعها العام القادم إلى 814 مليون دولار، ما سيفاقم العجز المالي حيث سيكون على حكومة بشر الخصاونة اجتراح حلول مبتكرة تتفادى من خلالها زيادة الضغوط على المواطنين.

ومرجح أن تقدم الحكومة الموازنة إلى مجلس النواب في العاشر من الشهر المقبل، ومن المتوقع أن تواجه “استعراضات كلامية”، لاسيما من النواب الجدد المتعطشين لإثبات حضورهم، وتغيير الصورة التي طبعت في أذهان الأردنيين حيال العمل البرلماني، لكن في الأخير ستتم المصادقة عليها.

ولطالما واجهت المجالس النيابية السابقة انتقادات شعبية لتخليها عن الدور المنوط بها لصالح تزكية خطوات السلطة التنفيذية. ويقول محللون أردنيون إنه ليس من المتوقع أن يخرج المجلس النيابي الحالي عن مسار المجالس السابقة، وأن يتبنى فعليا سياسة مشددة مع حكومة الخصاونة، رغم التغيير الذي طال وجوها برلمانية عديدة.

ويشير المحللون إلى أن حكومة الخصاونة لا تبدو قلقة من العلاقة مع المجلس، بقدر قلقها من التململ في الشارع الأردني والتوتر المسجل مع النقابات المهنية.

وكانت الحكومة بدأت مبكرا معركة مع نقابات ذات ثقل بينها المعلمون والمحامون، وآخرها نقابة الصحافيين التي توعدت بالتصعيد الاثنين في حال لم يطلق سراح الصحافي جمال حداد، الذي اعتقل على خلفية مقال له تحدث فيه عن تلقي مسؤولين سرا للقاح كورونا.

وتحولت النقابات المهنية في السنوات الأخيرة إلى رقم صعب في المعادلة الأردنية، وشكلت تحركاتها صداعا مزمنا لحكومتي هاني الملقي وعمر الرزاز، وبدا أن هناك توجها لدى الحكومة الحالية للضرب بيد من حديد مستغلة قانون الدفاع الوطني المفعل منذ مارس الماضي.

2