لماذا يسعى أردوغان للتقرب من إسرائيل

أنقرة - ناقض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، نفسه من خلال إعرابه عن رغبته في إقامة علاقات أفضل مع إسرائيل وذلك بالرغم من مواقفه السابقة إزاء التطبيع، رغم أن بلاده فتحت منذ عشرات السنين قنوات تواصل مع تل أبيب.
وأكد أردوغان، الجمعة، أن بلاده ترغب في إقامة علاقات أفضل مع إسرائيل، لكنه انتقد في نفس الوقت السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين ووصفها بأنها “غير مقبولة” و”خط أحمر” بالنسبة إلى أنقرة.
وتابع بالقول “السياسة تجاه فلسطين خط أحمر بالنسبة إلينا. من المستحيل أن نقبل السياسة الإسرائيلية تجاه فلسطين”.
وقال أردوغان إن تركيا لديها مشاكل “مع شخصيات على أعلى مستوى” في إسرائيل، وإن هذه العلاقات من الممكن أن تكون “مختلفة تماما” لو لم تكن تلك القضايا موجودة، مضيفا أن المحادثات على المستوى الاستخباراتي مستمرة بين الجانبين و”يجب توطيدها”.
وتثير هذه الدعوة إلى توطيد العلاقات الاستخباراتية بين تل أبيب وأنقرة تساؤلات بشأن تفاصيل ذلك، حيث يرجح مراقبون أن يتجه أردوغان نحو عقد صفقة مع الإسرائيليين و”التضحية” بحليفته حركة حماس الفلسطينية.
ومنذ فترة، نشب خلاف بين تل أبيب وأنقرة بشأن “حماس” حيث اتهمت إسرائيل تركيا في أغسطس بمنح جواز سفر لنحو عشرة من أعضاء الحركة الفلسطينية.
وذكر موقع “إسرائيل 24” أن الحكومة الإسرائيلية ستثير ذلك مع نظيرتها التركية ما زاد من التكهنات بشأن إمكانية أن يبرم أردوغان صفقة مع تل أبيب ويضحي بحلفائه من حماس حفاظا على مصلحة بلاده التي تقيم علاقات اقتصادية مميزة مع إسرائيل.
ويدرك أردوغان حساسية الموضوع الفلسطيني الذي راهن عليه على مدى سنوات فسعى إلى موازنة تصريحاته بالحديث عن “خط أحمر” وثوابت بشأن فلسطين، لكنه في المقابل حافظ على التنسيق الأمني والعسكري الذي تضمنته اتفاقيات سابقة مع إسرائيل ما يكشف عن ازدواجية خطابه للحفاظ على مصالح بلاده وتعبئة الشارع العربي والإسلامي من أجل تأييد التبعية لتركيا مع تزايد أطماع الأخيرة.
أردوغان قال إن بلاده ترغب في إقامة علاقات أفضل مع إسرائيل، لكنه انتقد السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين
ولم تخلُ تصريحات أردوغان في كل مرة من هجوم حاد على إسرائيل، بيد أنه لم يرتق إلى درجة الفعل، بل ظل حبيس الشعارات، حيث تحافظ أنقرة وتل أبيب على علاقات اقتصادية قوية، كما تحافظان على قدر مهم من التنسيق الأمني والعسكري.
وتأتي دعوات أردوغان المنادية بتحسين العلاقات مع تل أبيب في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات سياسية هامة، لاسيما في علاقة بتطبيع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب للعلاقات مع إسرائيل، وإمكانية انضمام دول عربية وإسلامية أخرى بركب السلام وهو ما ينتقده أردوغان الذي هدد في وقت سابق بسحب سفيره في الإمارات على خلفية تطبيعها.
ويدرك النظام التركي أن واقعا جديدا بدأ يتشكل في الشرق الأوسط في جملة هذه المستجدات الهامة وأن دول المنطقة سائرة نحو التطبيع، وهو ما يجعله يسارع إلى المبادرة نحو تعزيز علاقات بلاده مع إسرائيل.
ويقول مراقبون إن العزلة الإقليمية التي تعيشها أنقرة منذ فترة دفعت أردوغان إلى السعي وراء إعادة فتح القنوات مع إسرائيل مجددا لتطبيع العلاقات وإيجاد مخرج له من المأزق الذي يمر به.
وكانت تقارير تحدثت عن أن تركيا فتحت قناة اتصال سرية مع إسرائيل عبر رئيس جهاز مخابراتها، هاكان بيدان، لتعزيز العلاقات مع تل أبيب والتي شابتها توترات عميقة في السنوات الأخيرة.
وأكد مسعود كاسين، مستشار أردوغان للشؤون الخارجية، صحة التقارير، وقال إن العلاقة بين الطرفين على وشك الانفراج، مرجحا أن تستأنف الاتصالات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين في الأشهر الأولى من عام 2021.
وتبادلت تركيا وإسرائيل طرد السفراء عام 2018 بسبب اشتباكات قتلت على إثرها القوات الإسرائيلية العشرات من الفلسطينيين على الحدود مع قطاع غزة، لكن المبادلات التجارية بين البلدين تواصلت دون انقطاع.
وكانت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب قد تدهورت بشكل حاد خلال السنوات الأخيرة، إثر مقتل 10 مدنيين أتراك على أيدي عناصر من قوة كوماندوس إسرائيلية في عام 2010، عندما داهمت الأخيرة أسطولاً تركياً للإغاثة الإنسانية متجهاً إلى قطاع غزة.
وانتهى التصعيد بشأن سفينة “مرمرة” التي قتل فيها تسعة نشطاء أتراك إلى اتفاق مصالحة دفعت إسرائيل خلاله 20 مليون دولار كتعويضات لتركيا، فيما استمر أردوغان في تناقضاته بإطلاق تصريحات الدعم للفلسطينيين.