مجلس الأعيان الأردني.. نفس الوجوه بذات الأداء

تلاحق مجلس الأعيان الأردني انتقادات عدة بسبب تراجع دوره في إثراء الحياة التشريعية، وتحوله إلى مجرد داعم لخطوات السلطة التنفيذية وتزكيتها، ويرى البعض أن هذا يعود إلى العقلية السائدة التي تنظر إلى منصب عضو بالمجلس على أنه مكافأة “نهاية الخدمة”.
عمان - حاول رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز تمرير توزيع المواقع القيادية داخل المجلس ولاسيما موقع النائبين الأول والثاني للرئيس بهدوء وسلاسة، بيد أن الأمر لم يخل من انتقادات وإن هامسة، في ظل وجود شبهات دستورية وتحفظات حيال استمرار الرهان على نفس الوجوه، التي يتم تدويرها بين المواقع القيادية في الدولة الأردنية.
وتم اختيار رئيس الوزراء الأسبق وعضو مجلس الأعيان سمير زيد الرفاعي، نائبا أول لرئيس المجلس فيصل الفايز. فيما وقع الاختيار على الوزير السابق المسؤول عن الفريق الاقتصادي وعضو المجلس حاليا رجائي المعشر، نائبا ثانيا.
وكان من المقرر تسمية رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت، في منصب النائب الأول لرئيس مجلس الأعيان بيد أن الرجل اعتذر لظروف صحية، علما أنه كان تولى هذا المنصب في الدورة السابقة.
وعقد مجلس الأعيان الخميس الماضي جلسة للتوافق على أسماء نائبي الرئيس وتشكيل اللجان الدائمة وعددها 16 لجنة وهي: اللجنة القانونية، واللجنة المالية والاقتصادية، ولجنة الشؤون العربية والدولية والمغتربين، واللجنة الإدارية، ولجنة التربية والتعليم، ولجنة الإعلام والتوجيه الوطني، ولجنة الصحة والبيئـة والسكـان، ولجنة الزراعـة والمياه، ولجنة العمل والتنمية الاجتماعية.
ويرى خبراء أن عقد الجلسة ينطوي على شبهة دستورية، في علاقة بالفصل 66 من الدستور الذي ينص على اجتماع مجلس الأعيان عند انعقاد مجلس النواب حيث تكون أدوار الانعقاد واحدة للمجلسين.
وكان من المفترض أن تتم دعوة مجلس النواب إلى عقد دورة عادية في أجل لا يتعدى 29 نوفمبر الماضي، بيد أن ذلك لم يتحقق وبالتالي سيصار دعوته لعقد دورة استثنائية يرجح أن تُجرى في يناير المقبل.
ويعزو مراقبون عدم انعقاد المجلس النيابي التاسع عشر لعاملين الأول وجود طعون يجري النظر فيها أمام القضاء بحق 33 نائبا، بتهم عدة من بينها استخدام المال الأسود للتأثير على الناخبين، والثاني: التأخير الذي حصل بشأن الترتيبات حول الكتل البرلمانية، واختيار أعضاء المكتب الدائم للمجلس.
وأكد أعضاء في مجلس الأعيان أن قرار عقد الجلسة والتوافقات التي جرت بشأن توزيع المقاعد في المجلس ليست مخالفة للدستور حيث أنها مجرد تفاهمات إلى حين انعقاد جلسة مجلس الأمة.
وأثارت إعادة تدوير نفس الوجوه على مدى سنوات بعض الانتقادات وسط دعوات هي أقرب للهمس لوجوب إحداث تغييرات على مستوى مجلس الأعيان الذي تحول وفق نظر الكثيرين إلى هيكل دوره المصادقة على كل خطوات السلطة التنفيذية ومباركتها.
وتذهب بعض الأطراف حد طرح وجوب تغيير طريقة الاختيار داخل المجلس والتي عادة ما تجري بهندسة من قبل رئيسه والأعضاء المخضرمين وتخضع، لاعتبارات تتجاوز معيار الكفاءة، وهو ما جعل دور المجلس يتراجع بشكل ملحوظ لاسيما على المستويين التشريعي والرقابي.
وتقول الأطراف إنه لا يمكن الرهان على ذات الوجوه في إحداث أي تغيير داخل المملكة التي تمر بظروف استثنائية سواء على الصعيد الداخلي في علاقة بالأزمة الاقتصادية التي عمقتها جائحة فايروس كورونا وأيضا في ارتباط بالإقليم حيث يشهد الأخير تحولات عاصفة أثرت بشكل واضح على تموقع المملكة وتأثيرها السياسي.
وتشير تلك الأطراف إلى أن نفس الأسماء تتم مداورتها على المواقع بين الحكومة ومجلس أعيان الذي يحتاج بالواضح إلى رجة لاستعادة بريقه، خاصة وأن البعض يحاول التشكيك في جدوى استمراره لدوافع لا تخلو من حسابات سياسية.
ونشأ مجلس الأعيان الأردني بعد إبرام معاهدة الصداقة الأردنية-البريطانية التي تضمنت إلغاء القانون الأساسي لعام 1928 (أول دستور) ليحل محله دستور 1 فبراير 1947 والذي أناط أعمال السلطة التشريعية بالملك ومجلس الأمة وباعتماد نظام ثنائية الغرف التشريعية (النواب، والأعيان) في نموذج شبيه ببريطانيا حيث توجد غرفتان (العموم واللوردات).
ويتألف مجلس الأعيان، بما فيه الرئيس، من عدد لا يتجاوز نصف عدد مجلس النواب، ويتم تعيين الأعضاء من قبل الملك مباشرة ضمن شروط حددها الدستور. ويعين رئيس مجلس الأعيان من قبل الملك بإرادة ملكية سامية، ومدة رئاسة المجلس سنتان، ويجوز إعادة تعيين رئيس المجلس خلالها.
ويشكل الجانب التشريعي أولى وظائف المجلس، حيث يجوز لعشرة أو أكثر من أعضائه أن يقترحوا القوانين ويحال كل اقتراح إلى اللجنة المختصة لإبداء الرأي فإذا رأى المجلس قبول الاقتراح أحاله إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها.
وينظر المجلس أيضا في مشاريع القوانين التي ترد من مجلس النواب، وله صلاحية قبولها أورفضها وإجراء تحويرات عليها.
ومن مهام مجلس الأعيان، الرقابة على أعمال وتصرفات السلطة التنفيذية وفقا لأحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس، كما له صلاحية التدخل في السياسة المالية عبر المشاركة في إقرار مشروع قانون الموازنة العامة.
ويتفق متابعون للشأن الأردني مع الرأي القائل إن مجلس الأعيان تقاعس في السنوات الأخيرة عن أداء مهامه التي ينص عليها الدستور وخصوصا في بعدها التشريعي، وأصبحت جلساته بمثابة تزكيات للحكومات، وشد على يدها في الخيارات التي تتبناها.
ويشير المتابعون إلى أن كثيرين أصبحوا ينظرون إلى تعيينهم في المجلس، على أنها مكافأة نهاية الخدمة في دواليب الدولة، فيما آخرون ينشدون من خلاله الجاه وتعزيز المكانة الاجتماعية، وهذا بالطبع سيضر بالحياة التشريعية داخل المملكة التي تشهد بطبعها حالة ركود في ظل انتقادات تطال أيضا الغرفة الثانية البرلمان