احتدام المعارك في تيغراي يضع إثيوبيا أمام أزمة إنسانية وصحية

تيغراي (إثيوبيا)- تصاعدت التحذيرات من أزمة إنسانية وشيكة في إثيوبيا مع احتدام الاشتباكات التي تدور رحاها في إقليم تيغراي ما أدى إلى تراجع الإمدادات الطبية بالتزامن مع استمرار تفشي فايروس كورونا المستجد.
ودقت وكالة “أسوشيتد برس” ناقوس الخطر أمس الأحد محذرة في تقرير مطول لها من كارثة كبرى قد تواجهها إثيوبيا في حال استمرار الصراع، مشيرة إلى أن البلد قد يعرف أزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة.
ويأتي هذا التحذير في وقت لا يبدو فيه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، مستعدا لتهدئة، ولو وقتية، حيث واصلت القوات الحكومية حملتها السبت والأحد في تيغراي مؤكدة من أنها على بعد أيام من القبض على قادة التمرد.
تضاعفت محن الإثيوبيين بعد حظر إرسال جميع المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية والغذاء إلى تيغراي، منذ بدء القتال
وتشير تقديرات إلى أن القتال الدائر منذ نحو شهر بين القوات الاتحادية بقيادة آبي والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تسبب حتى الآن في مقتل الآلاف ولجوء نحو 46 ألفا إلى السودان المجاور.
وفي هذا الصدد، قالت “أسوشيتد برس” إن عشرات الآلاف من الفارين من الصراع بين قوات تيغراي والقوات الفيدرالية عبروا إلى السودان المجاور، ما قد يضاعف أعداد المصابين بفايروس كورونا وغيره من الفيروسات والأمراض الأخرى على مستوى البلاد بسرعة وذلك وسط تكهنات بوجود إصابات بكوفيد – 19 من الفارين.
ونقلت الوكالة الأميركية عن أحد اللاجئين قوله إن أكثر من 60 شخصا كانوا محشورين في وسيلة النقل التي نقلتهم من الحمديات، على الجانب السوداني من معبر حدودي رئيسي، مضيفا “مع تفشي كوفيد – 19، هذا ليس وضعا مريحا بالمرة في هذه الحالات أو المخيمات”.
ويضطر العديد من المقيمين في المخيمات إلى مشاركة الملاجئ والتجمع في طوابير للحصول على الطعام والمال والتسجيل لدى وكالات الإغاثة المختلفة. ومع استمرار فرار الآلاف من الحرب الدائرة في تيغراي، لم تستطيع المنظمات الإنسانية وغيرها من توفير إلا عدد قليل من أقنعة الوجه التي يمكن رؤيتها أو المتاحة للتوزيع.
وأفاد جافانشير حاجييف من منظمة “ميرسي كروب” الإغاثية، بأنه في مخيم أم ركوبة شرقي السودان، يرتفع عدد الإصابات لكن العاملين في المجال الإنساني لا يملكون مواد لاختبار فايروس كورونا. وبالرغم من ذلك، لا يخاف عدد من اللاجئين من الوباء بقدر خوفهم على أفراد من أسرهم تركوهم وراءهم في الإقليم المتنازع عليه.
وقال جبري متين “لقد هربت للتو من الحرب. أعتقد أن الحرب أسوأ من الجائحة”. وتابع “تفشي الفايروس يشكل تهديدا، لكن الظروف القاسية في مخيمات اللاجئين تجعل الناس ينسون مخاطره، حيث يواجهون الجوع والحرارة والعطش”.
وتثير حالات الإصابة بالفايروس، والمتزايدة في السودان، مخاوف من احتمال فرض إغلاق جديد على مستوى البلاد، بما في ذلك الإجراءات التي قد تمنع المزيد من اللاجئين من عبور الحدود.
وقال المفوض العام للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي نهاية الأسبوع الماضي “الأشخاص يفرون من الصراع والعنف حفاظا على حياتهم، إذن لدينا معضلة صعبة، لكن بالإجراءات الصحية الصحيحة، يمكن الحفاظ على سياسة فتح الحدود”.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أعلن النصر في نهاية الأسبوع الماضي، لكن القتال بين القوات الفيدرالية والإقليمية مستمر إلى حد خط هذه الكلمات حيث تسعى حكومة آبي للقبض على المتمردين الذين يرفضون الاستسلام.
ووفقا لمسؤولين إنسانيين، لا تزال الأزمة في إقليم تيغراي الذي يبلغ عدد سكانه 6 ملايين شخص حرجة، مع انخفاض الإمدادات الطبية، بما في ذلك تلك اللازمة لمكافحة جائحة فايروس كورونا.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخرا بعد زيارة المراكز الصحية في منطقتي تيغراي وأمهرة المجاورة “لا يزال الوباء معنا، رغم القتال والأزمة الإنسانية الجديدة التي تتكشف في أعقابه”. وأوضحت ماريا سوليداد من لجنة الصليب الأحمر أن إمدادات طبية “كالغرز والمضادات الحيوية ومضادات التخثر وحتى القفازات تنفد بشكل خطير” في أكبر مستشفى في شمال إثيوبيا.
46 ألف لاجئ على الأقل فروا إلى السودان بسبب المعارك التي تدور في تيغراي
وتخطت إثيوبيا الشهر الماضي 100 ألف إصابة مؤكدة بالفايروس بعد وقت قصير من بدء الصراع الدامي. وتضاعفت محن الإثيوبيين بعد حظر إرسال جميع المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية والغذاء إلى تيغراي، منذ بدء القتال.
وقالت الأمم المتحدة الأربعاء الماضي إنها وقّعت اتفاقا مع حكومة إثيوبيا للسماح بوصول المساعدات إلى تيغراي، ولكن فقط إلى تلك المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الفيدرالية، وهو الأمر الذي سيستغرق وقتا مع استمرار القتال.
وقال رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند إن عمال الإغاثة لا يزال لديهم “الكثير من المخاوف” أثناء استعدادهم للعودة إلى منطقة تيغراي، حيث كانت هناك معلومات شحيحة حول كيفية تأثير الصراع على المرافق الصحية المحلية والبنية التحتية، أو تفشي المرض وانتشاره.