فتح المعابر يمهد لزواج مصلحة بين "تحرير الشام" والأسد

النظام السوري يحاول الالتفاف على العقوبات المفروضة عليه بإبرام اتفاقيات مع الفصائل المناوئة له في ظل بوادر اندلاع "ثورة جياع" تهدد مناطق نفوذه.
الخميس 2020/12/03
أزمة تستوجب الانحناء

دمشق - يعتزم النظام السوري فتح معبر سراقب بالاتفاق مع هيئة تحرير الشام التي تسيطر على نحو نصف مساحة محافظة إدلب، في محاولة منه لإنعاش الحركة التجارية في مناطقه التي تضررت كثيرا بفعل السنوات الطويلة من الحرب والعقوبات الغربية.

ومن المرجح أن يتم فتح هذا المعبر الواقع شرق إدلب والذي سيطرت عليه القوات الحكومية قبل نحو عام، في الأيام القليلة المقبلة، وسط إمكانية أن يشمل الاتفاق معابر أخرى تربط بين مناطق نفوذ النظام والفصائل المعارضة والجهادية، التي لطالما وصفها بالإرهابية.

ويحاول النظام السوري المأزوم ماليا واقتصاديا عبر إبرام مثل هذه الاتفاقيات مع الفصائل المناوئة له، الالتفاف على العقوبات المفروضة عليه وتنفيس الوضع المعيشي مع بوادر اندلاع “ثورة جياع” تهدد مناطق نفوذه، في ظل نقص كبير لاسيما في المواد الأساسية.

وأصدرت إدارة “معبر سراقب التجاري” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” بداية الأسبوع الجاري عبر موقعها على “تيلغرام” بيانا أكدت فيه الأخبار المتداولة منذ أيام عن إعادة فتح المعبر التجاري عبر منطقة سرمين – سراقب.

وكانت الهيئة التي تتشكل من مجموعة من الفصائل الجهادية تقودها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا قبل فك الارتباط التنظيمي بالقاعدة) حاولت قبل أشهر فتح معبر بين معارة النعسان وأرمناز شرقي إدلب، وأيضا معبر سراقب، بيد أنها واجهت احتجاجات شعبية أجبرتها على تأجيل الخطوة.

ويقول مراقبون إن فتح معبر سراقب بين الهيئة والنظام يعكس في واقع الأمر مصلحة متبادلة، ذلك أن الهيئة تريد إنعاش خزينتها المالية التي تضررت هي الأخرى كثيرا بفعل خسارتها للعديد من المعابر خلال السنوات الماضية.

الحرب حولت مناطق سوريا إلى كانتونات وجزر معزولة بعضها عن بعض، وأدى هذا الوضع إلى شح كبير في المواد

وبحسب البيان الصادر عن الهيئة، فإن الهدف من فتح المعبر هو “تحريك العجلة الاقتصادية وزيادة الحركة التجارية وتحسين الأوضاع المعيشية لفئة العمال وصغار الكسبة” و”المساهمة في زيادة أرباح المزارعين للتمكن من زراعة أراضيهم في الموسم القادم، وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المناطق المحررة لمساعدة المصابين”.

وحرصت هيئة تحرير الشام خلال المعارك التي خاضتها مع النظام في حماة وإدلب وحلب على السيطرة على المعابر التجارية باعتبارها شريانا يدر عليها أموالا طائلة، لكنها خسرت العديد منها خلال الهجومات الأخيرة للقوات الحكومية على غرار معبر “أبودالي” و”قلعة المضيق” و”مورك” بريف حماة، و”العيس” في ريف حلب الجنوبي.

ويقول نشطاء قريبون من الهيئة إن قرار فتح معبر سراقب اتخذ بعد لقاءات ماراثونية جمعت ممثلين عن النظام والروس و”تحرير الشام”، ولم تكن تركيا ببعيدة عنها.

ويرفض جزء كبير من السوريين الموجودين في مناطق سيطرة الهيئة فتح معابر مع النظام، حيث يعتبرون أن هذه الخطوة تصب في صالحه وهناك من يذهب إلى توصيفها بالخيانة، لاسيما وأنه قد تكون لها استتباعات كارثية ليس فقط على مستوى الاعتراف بالجغرافيا الجديدة للمنطقة، بل وأيضا قد تنهي حلم العودة بالنسبة إلى الآلاف من النازحين الموجودين على الحدود السورية – التركية.

في المقابل، يرى البعض أن هذه الخطوة تحمل مزايا لجهة تنشيط الحركة التجارية في مناطق سيطرة الفصائل، وخلق أسواق جديدة في مناطق سيطرة النظام.

وحولت الحرب المناطق سورية إلى كانتونات وجزر معزولة بعضها عن بعض، وأدى هذا إلى شح كبير في الموارد خاصة بالنسبة إلى مناطق سيطرة النظام، فيما يجد الشمال والشرق متنفسا من الجانبين التركي والعراقي.

ويقول مراقبون إن النظام وحليفته روسيا يراهنان في الفترة المقبلة على تحقيق اختراقات في ملف المعابر التجارية، لكن ذلك لن يفضي إلى تغيير كبير في الوضع داخل مناطقه، حيث أنها لا يمكن أن تشكل بديلا عن التجارة الخارجية.

2