ماذا ينتظر ناغورني قره باغ بعد نهاية المرحلة الأولى من عملية السلام

أرمينيا تسلم ثالث إقليم لأذربيجان تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار.
الأربعاء 2020/12/02
احتفال بنصر غير حاسم

يريفان – يُثير تسليم أرمينيا، الثلاثاء، آخر الأقاليم الثلاثة لأذربيجان تنفيذا لاتفاق حول وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره باغ، تساؤلات بشأن مستقبل الأخير.

وشكل تسليم إقليم لاتشين، الثلاثاء، آخر خطوة انتهت معها المرحلة الأولى لعملية السلام التي ترعاها روسيا وذلك بعد اشتباكات دارت رحاها لستة أسابيع بين البلدين الواقعين جنوب القوقاز. 

ولكن حلّ النزاع حول جمهورية قره باغ ذات الغالبية الأرمنية المعلنة من جانب واحد، والتي انفصلت عن أذربيجان إثر حرب في تسعينات القرن الماضي، لا يزال صعب المنال.

وكانت أرمينيا قد تعهدت بأن تسلم أذربيجان ثلاثة أقاليم كانت تشكل منطقة عازلة تحيط بقره باغ في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار وقع في التاسع من نوفمبر.

وتمّ الثلاثاء، تسليم إقليم لاتشين بعدما سلم إقليم كالباجار في 25 نوفمبر وإقليم أغدام في الـ20 منه.

وبعيد منتصف الليل، دخل موكب عسكري أذري إلى الإقليم الذي كان يخضع لسيطرة القوات الأرمنية منذ حرب جرت في تسعينات القرن الماضي وأسفرت عن عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من النازحين.

ودخلت مجموعة مؤلفة من نحو عشرة جنود شاركوا في حفل مقتضب في باحة مبنى رسمي في المدينة، رفعوا عليه العلم الأذري.

وكانت باكو قد استردت أربعة أقاليم أخرى مماثلة خلال ستة أسابيع من المعارك الشرسة التي اندلعت نهاية سبتمبر.

أوليسيا فارتانيان: الاتفاق ملتبس، وإذا استمر هذا الالتباس سيكون مصدرا للتوتر
أوليسيا فارتانيان: الاتفاق ملتبس، وإذا استمر هذا الالتباس سيكون مصدرا للتوتر

وكل هذه الأقاليم كانت خارج سيطرة أذربيجان منذ انتهاء الحرب في 1994.

وبذلك، يستطيع عشرات الآلاف من الأذريين الذين اضطروا إلى مغادرة هذه المناطق قبل ثلاثين عاما العودة إليها، حتى لو كانت باكو ترى أولا وجوب تنفيذ عمليات لنزع الألغام وإعادة إصلاح البنى التحتية.

ولا يزال الانفصاليون الأرمن يسيطرون على القسم الأكبر من أراضي قره باغ. وبدأ سكان المنطقة الذين فروا من المعارك الأخيرة بالعودة، علما أن عددهم يقدر بتسعين ألف شخص يشكلون نحو ستين في المئة من السكان.

وأعلنت روسيا التي نشرت نحو ألفي جندي لحفظ السلام في قره باغ، أنها ساعدت إلى الآن في عودة أكثر من 26 ألف شخص.

ومن جهتها، وعدت أذربيجان الغنية بالنفط، بالقيام باستثمارات كبيرة لإعادة إعمار الأقاليم التي عادت إليها.

لكن مستقبل قره باغ يبقى غامضا، خصوصا أن المنطقة تعوّل بشكل كامل على الدعم المالي من أرمينيا وقد ضعف اقتصادها راهنا إلى حد كبير.

وكذلك، ليس واضحا كيفية التنسيق بين أذربيجان وأرمينيا والسلطات الانفصالية في قره باغ.

وقالت المحللة في مجموعة الأزمات الدولية أوليسيا فارتانيان “الاتفاق الذي حصلت عليه موسكو (…) ملتبس في عدد من جوانبه على غرار تفويض قوات السلام الروسية وتنظيم حياة السكان المدنيين سواء كانوا من الأرمن أو أذريين”.

وأضافت “إذا استمر هذا الالتباس، فقد يكون مصدر توترات”.

ولم يتطرق اتفاق وقف إطلاق النار إلى المسألة الأكثر تعقيدا وهي أيّ مستقبل لقره باغ على المدى البعيد.

وطوال عقود، جرت مفاوضات رعتها فرنسا وروسيا والولايات المتحدة في إطار “مجموعة مينسك” التي كلفت في التسعينات بإيجاد حل دائم للأزمة، لكنها لم تفض إلى نتيجة ملموسة.

واضطلعت روسيا بدور أساسي لوضع حد للمعارك الأخيرة، مؤكدة موقعها الإقليمي بالرغم من التصعيد التركي الذي بدا جليا في تقارير منظماتية كشفت عن نقل أنقرة لمرتزقة أذكوا الصراع في الإقليم الانفصالي.

وأظهر اتفاق وقف إطلاق النار أيضا تنامي نفوذ تركيا، حليفة باكو، التي ستقيم مع روسيا “مركز تنسيق” مهمته السهر على احترام الهدنة.

وزارة الدفاع التركية:

وُقع اتفاق بعد محادثات بشأن الترتيبات التقنية لإقامة مركز مشترك تركي – روسي ومبادئ تشغيله

وأعلنت وزارة الدفاع التركية الثلاثاء، أن تركيا وقعت مع روسيا اتفاقاً حول إقامة مركز مشترك ستكون مهمته مراقبة وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره باغ.

وكتبت الوزارة على تويتر “وُقع اتفاق بعد محادثات بشأن الترتيبات التقنية لإقامة مركز مشترك تركي – روسي ومبادئ تشغيله”.

وأضافت “بُذلت الجهود اللازمة كي يُشغل المركز في أقرب الآجال”.

إلى ذلك، شككت أذربيجان في صدقية “مجموعة مينسك” داعية الأسبوع الماضي، إلى استبعاد فرنسا من الوساطة بعدما صوت مجلس الشيوخ الفرنسي على نص يطلب “الاعتراف” بناغورني قره باغ.

ويرى مراقبون أن الوضع الجديد القائم قد يسهل إحياء المفاوضات، خصوصا أن تسليم الأقاليم السبعة أزال إحدى أبرز نقاط الخلاف بين باكو ويريفان.

ولكن انعدام الثقة في المنطقة يظل كبيرا مع صعوبة تجاوز عقود من العداء.

5