الأحزاب العراقية المتنفّذة تتربّص بالمسار الانتقالي لحكومة الكاظمي

القوى السياسية لا تريد الارتهان لناخب يمثل الشارع الذي انتفض ضدّها.
الثلاثاء 2020/11/17
يجب التشبث بزمام المبادرة

استكمال المسار الانتقالي الذي بدأته حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بغض النظر عن مدى التقدّم في إنجاز الوعود التي قطعتها على نفسها، بصدد التحوّل إلى تحدّ قائم بذاته، بعد أن أصبح قطع ذلك المسار من ضمن السيناريوهات المطروحة والمتداولة بقوّة والتي قد تلجأ إليها القوى السياسية المتنفّذة حماية لمكانتها في السلطة وتحصينا لمكاسبها السياسية والمادية.

بغداد - أكّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إصرار حكومته على استكمال المسار الانتقالي الذي بدأته وصولا إلى إجراء الانتخابات النيابية المبكّرة في موعدها المحدّد بصيف العام القادم، وذلك في وقت شرعت فيه الأحزاب المسيطرة على السلطة منذ أكثر من 17 سنة في إعداد السيناريوهات الكفيلة بالحفاظ على مكانتها وتحصين مكاسبها السياسية والمادية، غير مسقطة من حساباتها عرقلة المسار الانتقالي ومنع إجراء الانتخابات المرتقبة في حال أيقنت عدم إمكانية التحكّم في نتائجها بشكل مسبق.

واشتكى الكاظمي من وجود أطراف تعمل على عرقلة عمل حكومته التي جدّد التأكيد على أنّها انتقالية وهدفها الأساسي الوصول إلى انتخابات مبكرة.

ويعلّق بعض العراقيين آمالا ضئيلة على أن تفضي الانتخابات المبكّرة التي أقرّت تحت ضغط الشارع خلال انتفاضته غير المسبوقة التي فجرّها قبل أكثر من عام واستمرت طيلة أشهر، إلى تغيير سياسي يفتح الباب لإصلاحات جدّية تخرج البلد من أوضاعه المتردّية على جميع الصعد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، لكنّ الغالبية العظمى من العراقيين ترى أنّ الأحزاب ذاتها المسؤولة عن تردّي الأوضاع لا تزال تمتلك من الإمكانيات السياسية والقدرات المادية ما يمكّنها من التحكّم في العملية الانتخابية لأجل البقاء في السلطة.

ورغم ذلك لا تميل بعض الأحزاب والفصائل المسلّحة المرتبطة بها إلى المقامرة ورهن مصائرها لناخبين ناقمين عليها وقد ينفلتون مثلما انفلت الشارع خلال انتفاضته الأخيرة، وترى أنّ الأضمن لها منع استكمال المسار الانتقالي وإلغاء الانتخابات المبكّرة أو تأجيلها.

وراجت بقوّة خلال الأيام الأخيرة فرضية إقالة الرئاسات الثلاث؛ النواب والحكومة والجمهورية، ما يعني دخول البلاد في حالة من الفراغ سيصعب ملؤه قبل مضي وقت طويل يكفي الأحزاب المتنفّذة لإعادة ترتيب أوراقها وإحكام قبضتها على السلطة التي ارتخت نسبيا بفعل ضغوط الشارع ووجود شخصية غير محسوبة ضمن معسكرها على رأس السلطة التنفيذية، ويتعلق الأمر بمصطفى الكاظمي الذي لا يحظى بثقة إيران الحليفة لتلك الأحزاب، بل كثيرا ما يتّهم بالانحياز إلى الولايات المتّحدة.

مثنى الغانمي: تغيير الرئاسات مدفوع بتناغم مصالح شيعية سنية كردية
مثنى الغانمي: تغيير الرئاسات مدفوع بتناغم مصالح شيعية سنية كردية

وقال رئيس الوزراء خلال ترؤسه الجلسة الاعتيادية الأولى لمجلس الجهات غير المرتبطة بوزارة والهيئات المستقلة، إنّ العراق يواجه تحديات عديدة، ويجب على مؤسسات الدولة كافة مضاعفة الجهود لتجاوزها، ووضع البلد على المسار الصحيح.

كما أكّد على إصرار حكومته على إجراء الانتخابات المبكرة بطريقة شفافة وعادلة تحقق طموحات المواطنين وتمضي بالبلد نحو الأفضل، على الرغم ممن يحاول وضع العقبات أمامها.

وعلى صعيد عملي أمر الكاظمي، الاثنين، وزارة المالية بضرورة تسهيل حصول مفوضية الانتخابات على التخصيصات المالية اللازمة لعملها.

وقال مكتبه في بيان “رئيس مجلس الوزراء ترأس، الاثنين، اجتماعا مشتركا لرئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وعدد من أعضائها، ووزير المالية والكادر المتقدم بالوزارة، حيث ناقش الاجتماع السبل الكفيلة بتذليل العقبات أمام توفير الأموال اللازمة لإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المقرر في السادس من يونيو من العام المقبل”.

ووجّه الكاظمي بحسب البيان ذاته “وزارة المالية بضرورة تسهيل حصول مفوضية الانتخابات على التخصيصات المالية، كونها من المتطلبات الأساسية لإجراء الانتخابات، التي تشكل أهمية كبيرة لدى أبناء شعبنا”، مشددا “على تذليل كل العقبات البيروقراطية التي من شأنها أن تعرقل عمل المفوضية”.

ومن المقرّر أن تُجرى الانتخابات المرتقبة وفقا للتعديلات التي أدخلت على القانون الانتخابي وينصّ أهمّها على تعدد الدوائر داخل المحافظة الواحدة، وهو عامل لا يصبّ في مصلحة الأحزاب والكتل الكبيرة وقد يقلّص حجم حضورها في البرلمان، الأمر الذي يمثل عاملا إضافيا لتوجّس تلك القوى من الانتخابات ويفسّر عملها على عرقلتها بعدّة طرق على رأسها تفكيك السلطة القائمة برئاساتها الثلاث وإعادة تركيبها بعملية معقّدة ستأخذ وقتا طويلا.

وكانت تسجيلات صوتية لعضو في البرلمان العراقي قد كشفت عن وجود سيناريو حقيقي لإقالة رؤساء البرلمان والحكومة والجمهورية. وأظهرت التسجيلات صوت النائب علي الصجري وهو يتحدث مع شخص ثان عن اتفاقه مع نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق الذي يتزعم ائتلاف دولة القانون، على اختيار رئيس جديد للبرلمان في حال إقالة الرئيس الحالي محمد الحلبوسي.

وبين الصجري بحسب التسجيلات ذاتها أن إقالة الحلبوسي هي مقدمة لإقالة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ثم إقالة رئيس الجمهورية برهم صالح.

وعن مدى جدية هذا السيناريو قال عضو تجمع المفكرين والأكاديميين العراقيين المستقلين مثنى الغانمي إن تغيير الرئاسات الثلاث غير متاح حاليا لكنه غير مستبعد، فيما رجّح أن يكون التسجيل الصوتي المنسوب للنائب علي الصجري حقيقيا ومعبّرا عن واقع الحوارات بين الزعامات لتغيير الرئاسات الثلاث.

وقال الغانمي في بيان “هذه الدورة البرلمانية والحكومية 2018 – 2022 شهدت الكثير من الأحداث السياسية والمجتمعية بدءا من تظاهرات أكتوبر 2019 واستقالة عادل عبدالمهدي وصولا إلى ما يعتري البيت السني من رؤى لإقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي والرئاستين”.

وأضاف أن الكتل الكردية قد توافق على تغيير رئيس الجمهورية برهم صالح خصوصا أن تسلّمه للمنصب كان تحدّيا لمسعود البارزاني الذي عارض تسلمه رئاسة الجمهورية، متوّقعا وجود تناغم مع المصالح الشيعية بشكل كبير حول إقالة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بسبب خلافات تتعلق بإدارته لملفات عديدة منها علاقة بغداد بدول الجوار وواشنطن.

3