حكومة تونس ترضخ لضرورات تقليص الميزانية التكميلية

تونس - رضخت الحكومة التونسية لمطالب البنك المركزي وضغوط البرلمان التونسي حيث خفضت نفقات الميزانية التكميلية بما مكن من تقليص نسبة العجز التي تجاوزت الخطوط الحمراء.
وأظهرت وثيقة اطلعت عليها رويترز السبت أن الحكومة التونسية ستقلص عجز الميزانية التكميلية لعام 2020 من نحو 14 في المئة مقررة سابقا إلى 11.4 في المئة، تحت ضغط من البرلمان والبنك المركزي اللذين طالباها بخفض الإنفاق.
وستحتاج تونس إلى تمويلات إضافية تُقدر بنحو 8.1 مليار دينار (2.95 مليار دولار) بعد أن كانت في حدود 12 مليارا سابقا.
وكانت الحكومة التونسية قد سحبت مطلع الشهر الجاري مشروع موازنة تكميلية باهظة التكلفة بعد رفض المركزي إصدار سندات لتمويل العجز القياسي في موازنة العام المقبل.
وقالت الحكومة التونسية، حينها، إنها سحبت مشروع قانون الموازنة التكميلية لعام 2020، والتي تنطوي على أكبر عجز منذ عقود، وذلك بعد أن طلب البرلمان والبنك المركزي منها خفض خطط إنفاقها.
ورفضت لجنة المالية بالبرلمان مشروع القانون الذي كان يضم خططا لزيادة العجز المالي إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة النفقات بنحو أربعة مليارات دولار، وهو ما يعود لحد كبير إلى جهود تخفيف أثر جائحة فايروس كورونا.
ويرى خبراء أن قانون الموازنة بصيغته الحالية سيزيد الضغوط الاجتماعية على الطبقات الضعيفة في تونس حيث أن شح مصادر التمويل سيرفع نسبة الارتهان للقروض وهو ما سينعكس على الأسعار والقدرة الشرائية في ظل صعوبات وتحديات لا حصر لها.
وكانت الحكومة تعول على شراء البنك المركزي لسندات خزانة لتمويل هذا العجز. لكن البنك رفض الخطوة قائلا إنها سترفع التضخم وتخفض الاحتياطيات وتضغط على العملة المحلية ضمن مخاطر أخرى.
ويقوض الاقتصاد التونسي ارتفاع الديون وتدهور الخدمات العامة، وهو ما تفاقم بفعل الجائحة إلى جانب اضطراب سياسي استمر عاما.
11.4 في المئة نسبة تقليص العجز في الميزانية التكميلية تحت ضغوط البرلمان لخفض الإنفاق
وانكمش اقتصاد تونس المعتمد على السياحة بـ21.6 في المئة في الربع الثاني من 2020 مقارنة مع مستواه قبل عام، إذ تضرر بشدة من حظر السفر المفروض لكبح انتشار فايروس كورونا.
وحدد مشروع القانون ميزانية الدولة بمبلغ 52.6 مليار دينار، أي بزيادة 4 في المئة، في حين لم يتضمن المشروع زيادة ضريبية ولا ضرائب جديدة.
وتم إعداد هذا المشروع بتحديد سعر برميل النفط بقيمة 45 دولارا، مع توقع أن تكون جملة المداخيل الجبائية 30 مليار دينار، فيما تفوق نفقات التصرف 30 مليار دينار، أما خدمة الدين العمومي فإن نفقاتها ستناهز الـ15 مليار دينار، وبهذه المعطيات يكون عجز الميزانية في حدود 20 مليار دينار.
وتقول الحكومة إن المشروع الجديد يخفف الضغوط الجبائية على المؤسسات والمواطنين، إلا أن خبراء اقتصاد اعتبروه مواصلة في نهج الحلول الترقيعية.
ويستند الخبراء في مقاربتهم إلى أن غياب الموارد لتعبئة الموازنة في ظل الركود الاقتصادي يطرح أسئلة حول مصادر التمويل التي ستعتمد عليها الدولة لتغطية نفقاتها.
ويقول خبراء إن الدولة ما لم تفرض ضرائب فهي لا محالة ستضطر إلى الاقتراض مجددا لتغطية النفقات، ما يعني المزيد من ارتباك التوازنات المالية وتغذية العجز في الموازنة.
وكانت تونس تتوقع اقتراض 12 مليار دينار (4.36 مليار دولار) في 2020، لكن احتياجاتها زادت بشكل كبير بسبب أزمة فايروس كورونا. وحجم الاقتراض الجديد للعام الجاري غير معروف بعد، لكنّ مسؤولين آخرين يقولون إنه من المحتمل أن يتخطى 21 مليار دينار.
وتسببت أزمة فايروس كورونا في ركود تاريخي للاقتصاد التونسي. وانكمش الاقتصاد بحوالي 21.6 في المئة في الربع الثاني من 2020 مقارنة مع مستواه قبل عام.
وعلى الرغم من مساعي الحكومة للنهوض بالاقتصاد المتعثر وخفض عجز الموازنة إلى 7.3 في المئة إلا أن الضغوط المالية والاقتصادية المستمرة تصعّب عليها ذلك.