لبنان يعيد فرض الإغلاق الشامل لمواجهة قفزة الإصابات بالوباء

اضطر لبنان إلى إعادة فرض الإغلاق الشامل للسيطرة على قفزة الإصابات بفايروس كورونا، حيث تعول الحكومة على رفع جهوزية القطاع الصحي في وقت ترتفع فيه المخاوف من انهيار المنظومة الصحية كاملة في ظل الأزمة الاقتصادية.
بيروت- بدأت فجر السبت إجراءات إقفال عام جديد في لبنان لمواجهة ارتفاع عدد الإصابات بفايروس كورونا المستجد، ولرفع جهوزية القطاع الصحي بعدما بلغت المستشفيات طاقتها القصوى.
وناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، مساء الجمعة، المواطنين الالتزام بإجراءات الإقفال ومعايير الوقاية بعدما كانت الحكومة نجحت عبر إغلاق عام مبكر في احتواء الموجة الأولى، إلا أن البلاد تسجّل في الفترة الأخيرة معدلات إصابة قياسية رغم عزل عشرات البلدات والقرى.
وسيستمر الإقفال العام حتى نهاية الشهر الحالي مع إمكانية تمديده في حال الضرورة. وسيترافق مع حظر تجول من الخامسة مساء حتى الخامسة فجراً، على أن يمنع التجول بالمطلق يوم الأحد. كذلك، نظمت وزارة الداخلية حركة السيارات وفق أرقام لوحاتها، بحيث لا يمكن السير لأكثر من ثلاثة أيام أسبوعياً. ولا يشمل قرار الإقفال مطار بيروت، كما يتضمن استثناءات لقطاعات صحية وحيوية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أنّ الشوارع الرئيسية في العاصمة كانت شبه مقفرة وسط إقامة حواجز أمنية في عدة أمكنة لتوقيف المخالفين، فيما بدا “كورنيش” المدينة البحري خالياً من مرتاديه اليوميين.
وقال دياب، عشية بدء الإقفال، إن الهدف أن “نتفادى الانهيار الصحي في مجتمعنا ونحمي أنفسنا وأهلنا”، مشيراً إلى أن “الإقفال بحدّ ذاته ليس حلاً، هو فرصة لنرفع من جهوزية البلد الصحية”. وأضاف “كل الإجراءات التي تتخذها الدولة لن تنفع إذا لم يلتزم اللبنانيون بوضع الكمامة والتعقيم والتباعد الاجتماعي”.
ويخشى المسؤولون من انهيار المنظومة الصحية خصوصاً مع ارتفاع الإصابات في صفوف الطواقم الطبية وعدم قدرتها على استقبال مرضى جدد خصوصاً مع امتلاء أسرة العناية الفائقة. وحذر طبيب الرئة والعناية الفائقة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، سعيد الأسمر، من خطورة الوضع الصحي. وقال “نحن في الذروة، الوضع حرج ويتجه نحو الأسوأ”.
وأضاف “هناك ازدياد في عدد المصابين في ظل نقص الأسرة وثمة مرضى يحتاجون عناية فائقة نضطر إلى تركهم في قسم الطوارئ”، موضحاً أن “الإغلاق العام رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، يساعدنا ويريح القطاع الطبي ويعطيه القليل من الوقت لنجهز أكثر”.
ويأتي تزايد تفشي الفايروس في وقت يشهد فيه لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر، ما دفع جهات اقتصادية إلى الاعتراض على قيود الإغلاق. وقال دياب “وضع لبنان مثل كل دول العالم، المفاضلة بين الاقتصاد وبين صحتنا وحياتنا، وأنا شخصياً أختار الحياة، الصحة أولوية على الاقتصاد”.
وفي إطار دعم لبنان لتحمل أعباء التصدي للوباء، وصلت إلى بيروت الخميس، طائرتان محملتان بمعدات طبية مقدّمة من دولة قطر، لتجهيز مستشفيين ميدانيين في صور (جنوباً) وطرابلس (شمالاً) يتسع كل منهما لـ500 سرير، وفق ما أعلنت سفارة قطر في بيروت.
وفاقمت الأزمة الاقتصادية الحادة مشاكل القطاع الصحي في لبنان الذي بات يشكو من تراجع مخزون الأدوية وارتفاع غير مسبوق في هجرة الأطباء، مع تزايد تقلبات أسعار الصرف في البلاد، وسط غياب تام لأي خطط إنقاذية أو بديلة.
وخلّفت الأزمة قلقا وسط القطاع الصحي والمواطنين اللبنانيين، خاصة بعد تصريحات عن نية المصرف المركزي رفع الدعم عن الأدوية الشهر الماضي، وتأكيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في أغسطس الماضي، أنه لا يمكن استخدام احتياطيات المصرف الإلزامية لتمويل التجارة بمجرد بلوغ الحد الأدنى.
ويواجه لبنان أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. وأصيب النظام المصرفي بالشلل منذ العام الماضي وفقدت العملة المحلية ما يصل إلى 80 في المئة من قيمتها وحدّت البنوك بشدة من مبالغ السحب.
يأتي تزايد تفشي الفايروس في وقت يشهد فيه لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر، ما دفع جهات اقتصادية إلى الاعتراض على قيود الإغلاق
وفاقم انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس من هذا الانهيار المالي، إذ دمر مساحات من العاصمة وأودى بحياة مئتي شخص تقريبا كما ألحق أضرارا بعدد من المستشفيات. ولسنوات طويلة، تدين الحكومة للمستشفيات بملايين الدولارات من المستحقات المتأخرة، والفواتير التي لم تدفع بعد في تراكم مستمر.
وقال أطباء إن مرضى في بعض المستشفيات يواجهون صعوبة في دفع تكاليف تلقي العلاج حتى وإن كانت منخفضة وتبلغ 50 ألف ليرة وهو ما يوازي 6.25 دولار بسعر التداول غير الرسمي الإثنين.
وضاعفت بعض المستشفيات أسعارها لتتناسب مع التضخم الحاد بينما قامت مستشفيات بتسريح موظفين. ووصفت تلك الإجراءات قائلة “ليست لأسباب تحقيق الربح… المسألة مسألة بقاء” في إشارة إلى قدرة المستشفيات على مواصلة العمل.