حزمة قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب في النمسا

ترسم فيينا طريقا أكثر صرامة في مكافحة الإرهاب وتنظيمات الإسلام السياسي على أراضيها عقب الهجمات الدامية التي هزت البلاد مؤخرا، في وقت يعكف فيه الاتحاد الأوروبي على وضع استراتيجية موحدة في مواجهة الإرهاب قد تستوعب ضمن بنودها الخطط النمساوية.
فيينا – تعتزم الحكومة النمساوية إبقاء المدانين بالإرهاب محتجزين بعد انتهاء فترات سجنهم إذا لم يتخلوا عن أفكارهم المتطرفة، بحسب حزمة سياسات تم تقديمها بعد أسبوع من هجوم إرهابي قاتل في فيينا.
وسوف يتعين على السجناء السابقين الذين يُعتقد أنهم يشكلون خطرا إرهابيا ارتداء أصفاد إلكترونية للسماح للسلطات بمراقبتهم، وفقا للخطط التي لم تتم صياغتها بعد كتعديلات قانونية.
ويريد الائتلاف الحكومي للمحافظين من يمين الوسط والخضر واليساريين منح السلطات خيار سحب الجنسية النمساوية من المواطنين الذين يحملون جنسية أخرى ومصادرة رخص القيادة من المهاجمين المحتملين وإلغاء تسليم هؤلاء الأشخاص المساعدات الاجتماعية.
وأكد حزب الخضر أنه يدعم حلّ الجماعات وإغلاق المساجد في حال إثبات وجود تطرف إلى جانب خلق منصة للإبلاغ عن الأنشطة الجهادية عبر الإنترنت.
وسيتم بمقتضى التعديلات الجديدة أيضا إنشاء سجلّ للأئمة وكذلك صندوق للتعويض على عائلات ضحايا الإرهاب، في هذا البلد المحايد الذي يعدّ 8.9 مليون نسمة والذي لطالما كان بمنأى عن التهديد الجهادي.
وسيناقش البرلمان النمساوي هذه الإصلاحات مطلع ديسمبر، إذ أن الحكومة وعدت بتشريعها مع احترام الدستور والحقوق الأساسية.
وقال المستشار النمساوي المحافظ سيبستيان كورتس في مؤتمر صحافي الأربعاء “إذا كان من الممكن حبس المجرمين المضطربين عقليا مدى الحياة لأنهم يشكلون خطرا، فيمكن أيضا حبس الإرهابيين الذين يشكلون خطرا مدى الحياة”.
وأوضح كورتس أن أكثر من 300 شخص غادروا من النمسا للانضمام إلى المنظمات الإرهابية مثل داعش، لافتا إلى أن نصفهم عاد إلى البلاد.
وأشار إلى أن معظم العائدين حاليا في السجن، إلا أن ثمة من أنهوا مدة عقوبتهم ويواصلون حياتهم في الخارج.
ونوه إلى أنه سيتم أيضا اتخاذ إجراءات جديدة ضد تنظيمات الإسلام السياسي التي وصفها بالحاضنة الأيديولوجية للإرهاب الإسلامي.
وتأتي حزمة القوانين الجديدة على خلفية هجوم مسلح شهدته العاصمة فيينا في 2 نوفمبر، وأسفر عن مقتل 5 أشخاص بينهم منفذ الهجوم وإصابة 17 آخرين.
وكان النمساوي، الذي كان يحمل أيضا جواز سفر لمقدونيا الشمالية، قد أفرج عنه إفراجا مشروطا في ديسمبر. وكان قد أدين بتهم الإرهاب بعد أن حاول الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وهذا الجهادي الذي أردته الشرطة كان يستفيد من مساعدات اجتماعية وحاول الذهاب إلى سلوفاكيا على متن سيارة للحصول على أسلحة.
ووفق ما أعلنت السلطات، مذاك، تمّ حلّ جماعة وإغلاق مسجد شاركا في جعل منفذ الاعتداء متطرفا، وذلك بناء على أمر حكومي.
وأفادت إذاعة نمساوية رسمية أن النمسا صادرت الاثنين 25 مليون يورو نقدا في إطار عمليات تفتيش استهدفت ممثلين رسميين للإخوان المسلمين ومقربين من حركة حماس الفلسطينية.
وأعلنت الإذاعة أن عدة مسؤولين سابقين من المجلس النمساوي للديانة الإسلامية استُهدفوا بمداهمات الشرطة بالإضافة إلى موظف في المعهد المكلف بتدريب مدرسي الدين في المدارس الحكومية.
وقال وزير الداخلية كارل نهامر إن الحملة استهدفت أفرادا يشتبه في تورطهم في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والجريمة المنظمة و”الأنشطة المعادية للدولة”.
ووصف جماعة الإخوان المسلمين، التي لطالما أشار أعضاؤها إلى أنفسهم على أنهم حركة سلمية، بأنهم “أحد أشهر الفاعلين في الإسلام السياسي… عازمون على تقويض الديمقراطية وإرساء الشريعة الإسلامية”.
وأضاف نهامر “إننا نلاحق هذه المنظمات الإجرامية والمتطرفة والبغيضة بكل القوة والإمكانيات التي يوفرها لنا حكم القانون”.
واعتبر متابعون لمسار مواجهة الإرهاب في أوروبا أن النمسا اختارت طريقا مباشرا في مواجهة الإرهاب وهو تفكيك الجمعيات والمراكز ذات الأدوار الاجتماعية والشبابية المتعددة التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، والتي يعتبرها النمساويون الأرضية الأولى التي يتم فيها استقطاب المتشددين وشحنهم عقائديّا.
وأشار هؤلاء إلى أن النمسا استفادت من تجارب مختلفة في قرارها بتفكيك الجماعة الأم للإسلام السياسي، أي جماعة الإخوان المسلمين، والتي تسيطر على مختلف أنشطة الجالية وجمعياتها المدنية.