أعداء الاعتدال السعودي يفجّرون غضبهم ضدّ مقبرة في جدة

باريس تدين "الهجوم الجبان وغير المبرر" الذي استهدف مقبرة لغير المسلمين في جدة.
الخميس 2020/11/12
تأمين المقبرة

استهداف مقبرة لغير المسلمين في مدينة جدّة اختيار “مدروس” بدقة من قبل المتشدّدين الذين أرادوا توجيه رسالة مزدوجة وبشكل متواز لكلّ من السعودية بسبب اعتدال مواقفها، ولفرنسا التي شهدت مؤخّرا عمليات استفزاز للمقدسات الإسلامية أعقبتها عمليات دموية رفضتها المملكة تماما كما رفضت المساس بالأديان ورموزها، وهو ما لا يبدو مناسبا لقوى التطرف والتشدّد التي يجري توظيفها من قبل قوى إقليمية طامعة في منافسة السعودية على مكانتها في العالم الإسلامي.

جدة - رأى مراقبون سياسيون وخبراء أمنيون، وجود صلة بين استهداف مقبرة لغير المسلمين الأربعاء في مدينة جدّة غربي السعودية، والأحداث التي شهدتها فرنسا مؤخّرا، وكان للمملكة موقف معتدل منها لم يرق للغلاة والمتشدّدين من إخوان مسلمين ورجال دين متزمتين وغيرهم من تيارات إسلامية متشدّدة مدعومة تركيا وقطريا.

وقالت فرنسا إن انفجارا وقع الأربعاء أثناء مراسم لإحياء ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى في مدينة جدة السعودية أوقع عدة مصابين، وحثت رعاياها المقيمين في المملكة على توخي أقصى درجات الحذر في أعقاب هجوم قالت إنّه تم بعبوة ناسفة.

وبحسب متابعين للشأن الخليجي فإنّ عملية الاستهداف تضمنت ردّا على موقف السعودية الرافض للتعرضّ لمقام الرسول محمّد في فرنسا، والمعترض في نفس الوقت على استخدام الإرهاب للرد على ذلك الاستفزاز على غرار عمليات القتل التي تعرّض لها مدرّس تاريخ فرنسي قرب باريس ومدنيون أثناء وجودهم داخل كنيسة في مدينة نيس.

وتشهد السعودية منذ سنوات قليلة عملية إصلاح شاملة لا تستثني الحقلين الثقافي والديني باتجاه تحقيق المزيد من الانفتاح وتخليص المجتمع من سطوة رجال الدين المتشدّدين. والانفجار هو ثاني حادث أمني يقع في جدة خلال الأسبوعين الماضيين، بعد هجوم أول وصف بالفاشل واستهدف في وقت سابق قنصلية فرنسا في المدينة نفسها.

موقف الرياض من الأحداث في فرنسا مثار غضب قوى التطرف العاملة لحساب قوى إقليمية طامعة في مكانة السعودية

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الهجوم وقع في مراسم بجدة شاركت فيها سفارات أجنبية. وأبلغ مسؤول يوناني وكالة رويترز بأن أربعة أشخاص أصيبوا.

وقال المسؤول اليوناني الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز “وقع انفجار ما بمقبرة لغير المسلمين في جدة. أصيب أربعة بإصابات طفيفة أحدهم يوناني”.

وأفادت إمارة منطقة مكة بأن الهجوم أدى إلى إصابة اثنين، أحدهما موظف بالقنصلية اليونانية والآخر حارس سعودي.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية “تدين السفارات التي كانت تشارك في مراسم الذكرى هذا الهجوم الجبان وغير المبرر على الإطلاق. وتدعو السلطات السعودية إلى إلقاء أكبر قدر ممكن من الضوء على هذا الهجوم وتحديد الجناة وملاحقتهم”.

وقال مصدر مطلع لرويترز إن الهجوم وقع في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء عندما كانت وفود دبلوماسية من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى تشارك في مراسم لإحياء يوم الذكرى نظمتها السفارة الفرنسية.

إدانة الهجوم
إدانة الهجوم

وحثت القنصلية الفرنسية في جدة رعاياها في السعودية على توخي “أقصى درجات الحذر” في أعقاب الهجوم. كما دعت السفارة الفرنسية في الإمارات رعاياها هناك إلى توخي الحذر.

وجاء في البيان الذي أُرسل إلى المقيمين الفرنسيين في جدة “توخوا الحرص وابتعدوا عن جميع التجمعات وكونوا حذرين في تنقلاتكم”.

وقالت سفارات فرنسا واليونان وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة إنها أكدت للسلطات السعودية أنها ستدعم تحقيقا في الهجوم لمعرفة مرتكبيه.

وقال تلفزيون الإخبارية الرسمي إن السلطات أمّنت المقبرة في أعقاب الحادث وعرضت صورا للشوارع المحيطة، مضيفا أن حركة السير كانت طبيعية في المنطقة وأن الوضع مستقر. وفي 29 أكتوبر الماضي ألقي القبض على سعودي بعدما هاجم حارسا عند القنصلية الفرنسية في جدة وأصابه. وجاء ذلك بعد أن ذبح رجل من أصل شيشاني مدرسا فرنسيا في وقت سابق بالقرب من باريس، قائلا إنه أراد معاقبته لأنه عرض على التلاميذ رسوما كاريكاتيرية للنبي محمد في درس عن حرية التعبير.

واستنكرت السعودية الرسوم المسيئة للنبي، لكنها أحجمت عن تكرار دعوات دول إسلامية أخرى لاتخاذ إجراءات للرد على تلك الرسوم من قبيل مقاطعة البضائع الفرنسية.

3