التطرف الإسلامي يتربص بأئمة الاعتدال في فرنسا

دعوة الإمام إلى عدم تحريض الآباء على الكراهية والدفاع عن قيم الجمهورية.
الاثنين 2020/11/09
حسن شلغومي.. معا لمحاربة كل أشكال "التطرف الإسلامي"

باريس - فُتحت تحقيقات في فرنسا بعد تلقي إمام ينتقد التطرّف الإسلامي تهديدات تصاعدت منذ ذبح متطرف شيشاني أستاذ تاريخ فرنسيا بسبب عرضه على تلاميذه رسوما كاريكاتورية للنبي محمد ضمن حصة عن حرية التعبير.

وأعلنت النيابة العامة في باريس الأحد أنه تمّ تكليف لواء مكافحة الجنوح بثلاثة تحقيقات، مؤكدة بذلك معلومة وردت في صحيفة لو باريزيان الفرنسية.

وأوضحت النيابة أن “أحد التحقيقات يشمل وقائع تمجيد الإرهاب وتهديدات بالقتل، والثاني يشمل أحداثا متعلقة بالتحريض على ارتكاب إيذاء جسدي أو قتل، والأخير يتناول وقائع تهديدات بالقتل”.

وحسن شلغومي (48 عاما) هو إمام مسجد درانسي في ضاحية باريس، وغالبا ما تكون صفته التمثيلية موضع خلاف بين المسلمين.

ويُعرف عنه اتخاذه مواقف ضد التطرّف الإسلامي وعلاقاته الودية مع المجتمع اليهودي، الأمر الذي يعرّضه للكثير من الانتقادات والتهديدات التي تنتشر على نطاق واسع عبر الإنترنت.

ويدعو شلغومي إلى تبني مواقف معتدلة ووسطية تؤكد التعايش والتقارب بين الأديان السماوية الثلاثة. ومن المواقف التي انتقده فيها خصومه والتي أثارت عليه غلاة المتشددين هي دعوته إلى الحوار مع اليهود والزيارة التي قام بها لإسرائيل إضافة إلى معارضته لارتداء النقاب في فرنسا.

وبحسب محاميه دافيد – أوليفييه كامينسكي، يتعرّض الإمام لتهديدات “تصاعدت كثيرا” منذ منتصف أكتوبر عندما قُطع رأس صامويل باتي، أستاذ التاريخ والجغرافيا في مدرسة كونفلان سانت أونورين في المنطقة الباريسية.

وأشار كامينسكي إلى أن الإمام “لا يتحدث باسم المسلمين لكنه أحد الأصوات وهو يدافع عن قيم الجمهورية”.

المتطرفين الإسلاميين في فرنسا منظمون جدا ويعرفون كيفية استغلال النظام القضائي وإلى أي مدى يمكنهم ذلك

وكتب المحامي رسالة في 27 أكتوبر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ذكرتها صحيفة لو باريزيان، للمطالبة بـ”تعزيز” الحماية الأمنية لموكّله وقدّم شكاوى للنيابة العامة في باريس.

وبعد قتل باتي، شارك شلغومي إلى جانب ممثلين للمسلمين في إيل – دو – فرانس في وقفة أمام المدرسة التي كان يدرّس فيها. واستُهدف الإمام خصوصا من جانب جماعة الشيخ ياسين المؤيدة للفلسطينيين لمؤسسها الناشط الإسلامي عبدالحكيم الصفريوي الذي يطاوله التحقيق في قضية قتل باتي.

وعام 2010، تحركت الجماعة ضد شلغومي عبر التظاهر على مدى أشهر أمام مسجد درانسي. وحُكم على عضوين فيها بالسجن لشهرين مع وقف التنفيذ لمحاولتهما التسلل إلى منزل الإمام.

ووصف شلغومي المدرس الفرنسي باتي بأنه “شهيد حرية التعبير”، داعيا المساجد إلى الدعاء له.

وحذر الإمام الفرنسي من المتطرفين الإسلاميين ودعا الآباء إلى عدم التحريض على كراهية فرنسا، وقال إن “الوقت قد حان لأن تتنبه الجالية المسلمة إلى مخاطر التطرف الإسلامي”.

وأكد أن “المتطرفين الإسلاميين في فرنسا منظمون جدا ويعرفون كيفية استغلال النظام القضائي وإلى أي مدى يمكنهم ذلك”.

وأضاف “نحن بحاجة إلى أن نجد نهاية لخطاب الإيذاء. كلنا مثل الآخرين نتمتع بحقوق في فرنسا. وعلى الآباء أن يخبروا أبناءهم عن الخير الموجود في هذه الجمهورية”.

وكان الرئيس الفرنسي قد أعلن عقب مقتل المدرس باتي عن سلسلة من التدابير لمحاربة كل أشكال “التطرف الإسلامي”.

وشملت التدابير التي أعلنها ماكرون أربع ركائز، تتضمن متابعة التمويل الذي تحصل عليه المؤسسات الدينية بصفة عامة، والمساجد بصفة خاصة، وأقرّ منع استقدام الأئمة من دول أجنبية، كي يتمّ تحرير خطابهم الديني من أي أهداف سياسية وأيديولوجية، وكذلك الترويج لسياسات الحكومات التي تقدّم لهم الدعم المالي، لاسيما تركيا، كما سيجري تدريب الخطباء والأئمة في فرنسا وتحت إشراف الحكومة عوضا عن تدريبهم بالخارج.

 

 
5