ثلاثة تحديات كبرى أمام حكام مالي الجدد

أمام حكام مالي مهمة صعبة للمضي بالبلاد نحو انتخابات ديمقراطية وضمان تنفيذ اتفاق السلام مع الطوارق وفتح حوار مع المجموعات المسلحة.
الأربعاء 2020/11/04
جيش متعثر رغم الدعم الدولي

باماكو – يواجه الحكام الجدد في العاصمة المالية باماكو ثلاثة تحديات رئيسية صعبة، أولها ضمان اعتراف دولي بمشروعية حكمهم بعد الإطاحة في انقلاب عسكري بنظام الرئيس أبوبكر كيتا، وثانيها ضمان استمرار الاتفاق مع الانفصاليين الطوارق شمال البلاد، وثالثها مواجهة التنظيمات الإرهابية التابعة للقاعدة وداعش.

ولحد الآن نجح الانقلابيون في الخروج من مقاطعة دولية واسعة بعد أن قبلوا تولي شخصية مدنية قيادة المرحلة الانتقالية لا تتجاوز 18 شهرا، إذ أوكلت الرئاسة المؤقتة للعقيد المتقاعد باه إنداو (70 عاما)، والذي أدى اليمين الدستورية في 25 سبتمبر الماضي، بينما تولى قائد الانقلاب عصيمي غوتا منصب نائب الرئيس، وعادت رئاسة الحكومة إلى الدبلوماسي مختار عون.

وحظيت السلطة الانتقالية الجديدة بترحيب مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي الذي قرر في 9 أكتوبر الماضي رفع تعليق عضوية مالي في الاتحاد، وكذلك فعلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).

ورحبت الولايات المتحدة بتشكيل حكومة انتقالية في مالي، واعتبرت ذلك “خطوة أولية باتجاه العودة إلى النظام الدستوري”، لكنها تحفظت على تولي عسكريين مناصب مدنية في حكومة عون.

وأمام تعثر عمليات مكافحة الإرهاب في مالي، في صحراء شاسعة مثل البحر، وحرارة تلامس سقف الـ50 درجة، وتنظيمات مسلحة ربطت شبكة علاقات معقدة مع قبائل تستوطن المنطقة منذ قرون، يمثل السيناريو الأميركي في الحوار مع حركة طالبان لعزل تنظيم داعش الأكثر تشددا في العالم، أحد الخيارات المطروحة أمام الماليين.

المضي بالبلاد نحو انتخابات ديمقراطية وتنفيذ اتفاق السلام مع الطوارق وفتح حوار مع المسلحين مهمات صعبة لحكام مالي الجدد

وبعد 19 سنة من القتال، توصلت واشنطن إلى اتفاق مع الحركة التي كانت تعتبرها إرهابية، لإنهاء الحرب مع الحكومة الأفغانية، وربما تنسيق الجهود لمحاصرة عناصر داعش.

وقد تكون أمام باماكو فرصة لعزل تحالف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين عن داعش.

وتضم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أربعة تنظيمات رئيسية: أنصار الدين، بقيادة إبراهيم إياد غالي، الذي يقود التحالف، تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وكان يقوده دوركدال الذي قتلته القوات الفرنسية شمالي مالي مؤخرا.

فضلا عن كتيبة المرابطين، بقيادة مختار بلمختار، أحد أخطر الإرهابيين العارفين بدروب الصحراء، وجماعة ماسينا، بقيادة أمادو كوفا، وأغلب عناصرها من قبيلة الفولاني الأفريقية وسط مالي، والتي فتحت أبواب الجماعات الإرهابية نحو أفريقيا.

لذلك فإمكانية الحوار مع إياد غالي ممكنة، حيث سبق له وأن شارك قبلها في محادثات مع حكومة باماكو بوساطة جزائرية، عندما كان قائدا لتمرد الطوارق في 1990، ولعب دورا في إنهاء اختطاف رهائن أوروبيين.

Thumbnail

وينطبق الأمر على كوفا، قائد جماعة ماسينا القبلية، لكن الأمر قد يكون صعبا مع بلمختار، إذ سبق لسلطات الجزائر أن فتحت قنوات اتصال معه لتسليم نفسه لكنها باءت بالفشل وكذلك الأمر بالنسبة لقادة القاعدة في بلاد المغرب.

لكن البركان الخامد لحد الآن، يتمثل في فصائل الطوارق المسلحة في شمال البلاد، التي مازالت تنتظر التزام باماكو باتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في 2015 برعاية الجزائر، والذي لم يتم تنفيذه لحد الآن.

ورعت الجزائر عدة اتفاقات سلام بين حكومات باماكو المختلفة وفصائل الطوارق الساعية للانفصال بالشمال، والتي عادة ما تتهم الأولى بعدم الإيفاء بالتزاماتها، وتعود لحمل السلاح في كل مرة.

وأحد أسباب تحالف إياد غالي مع الجماعات المتطرفة، اتهامه لسلطات باماكو بعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقا.

وأمام الرئيس المالي المؤقت مهمة صعبة للمضي بالبلاد نحو انتخابات ديمقراطية مقبولة داخليا وخارجيا، وضمان تنفيذ اتفاق السلام مع الطوارق، والصمود أمام ضربات التنظيمات الإرهابية، وفتح “حوار استكشافي” مع المجموعات المسلحة التي تقبل الحوار.

5