زيتون الغاضب على الغنوشي: النهضة حزب ديني مثقل بالصراعات

تصريحات القيادي في النهضة لطفي زيتون تكشف عن حصول شرخ عميق في علاقته بالغنوشي.
الثلاثاء 2020/11/03
كلام قوي

تونس - بدا القيادي في حركة النهضة لطفي زيتون، الاثنين، غاضبا إلى أبعد الحدود في تصريحات لوسائل إعلام محلية حين وصف الحركة بأنها لا تزال حركة دينية، وأن الصراع داخلها صراع حام على المصالح والمنافع الشخصية، في خطوة قال مراقبون إنها تعكس ردة فعل مباشرة على توتّر العلاقة بينه وبين رئيس الحركة راشد الغنوشي، وهو الذي ظل على مدى سنوات ذراع الغنوشي اليمنى.

وقال زيتون، الذي فرضه الغنوشي وزيرا للشؤون المحلية والبيئة في حكومة إلياس الفخفاخ، إن الصراع داخل الحركة لا يزال دينيا، كاشفا عن أن قياديّي الحزب تفاهموا بعد المؤتمر العاشر على إخراج الدين من السياسة و”فصل الدعوي عن السياسي” لأن الدين ملك الجميع، “لكن اليوم أصبحنا في النهضة نستعمل الآيات ونستدعي الأحاديث” في سياق “خلاف حول موقع شخص داخل الحركة”، في إشارة إلى الخلافات بين معارضي التمديد للغنوشي على رأس الحركة والمعارضين له باعتماد تأويل متعارض لتفسير قوانين داخلية.

وترى أوساط مقربة من حركة النهضة أن تصريحات زيتون، المعروف ببراغماتيته، تكشف عن حصول شرخ عميق في علاقته بالغنوشي أدى إلى إطلاق هذا الكلام القوي، الذي يضرب مصداقية الخطاب الذي ترفعه النهضة وتروجه للداخل والخارج بشأن الاعتدال والتحول إلى “حزب مدني”.

وتشير هذه الأوساط إلى أن إعلان زيتون رفضه عرضا من الغنوشي يخوّل له الإشراف على المكتب السياسي -وهو ثاني مكتب من حيث الأهمية بعد المكتب التنفيذي- يظهر أن القيادي، الذي يعرف بنقده اللاذع واعتبار نفسه شخصية وطنية أكثر من كونه منتميا إلى حزب، غير راض عن مسارات داخلية في النهضة، وخاصة تحول الصراع بين الغنوشي و”مجموعة المئة” إلى صراع حول من يحكم وليس حول البرامج وخدمة مصالح الناس في وضع اجتماعي واقتصادي صعب.

ووصف زيتون خطاب الإسلاميين الذي تبرأ من التوافق بالخطاب اليميني، وأن حركة النهضة ’’تتلهى بمشاكل جزئية لا تهم الشعب التونسي‘‘، موضحا أن تونس تمرّ بمنعرج خطير وأنه حتى مكاسب الثورة باتت مهددة وبينها حرية التعبير والديمقراطية.

الخلافات داخل حركة النهضة تدفع إلى تأسيس حزب جديد يضم الغاضبين على الغنوشي
الخلافات داخل حركة النهضة تدفع إلى تأسيس حزب جديد يضم الغاضبين على الغنوشي

وأضاف في سلسلة حوارات مع إذاعات محلية -بينها “شمس أف أم” و”موزاييك”- أنهم في النهضة ارتكبوا عدة أخطاء سياسية بينها إضاعة فرصة حكومة الحبيب الجملي من خلال سوء اختيار الشخصية التي تقود البلاد، ثم لاحقا الإطاحة بحكومة إلياس الفخفاخ، وهو ما يلتقي مع تقييم القيادي بالحركة عماد الحمامي الذي سبق أن اتهم المتنفذين داخل النهضة بالوقوف وراء إقالة حكومة الفخفاخ والتسرع في التعاطي مع تهمة تضارب المصالح، وأن هناك نية مبيتة لإفشال الحكومة منذ البداية.

وتشير تصريحات زيتون والحمامي ومحمد بن سالم وقبلهم عبدالحميد الجلاصي إلى أن النهضة لم تعد قادرة على استيعاب الخلافات في الرؤى والمصالح بين قياداتها، ما قد يدفع إلى تأسيس حزب جديد يضم جزءا من الغاضبين على الغنوشي وسيطرته على القرار التنظيمي.

لكن الخلافات داخل تلك الرؤى المعارضة للغنوشي قد تجعل من وجود ما سماه زيتون في السابق بـ”حزب وطني محافظ حديث يتخلى عن توظيف المقدس لينكب على مشاكل البلاد المعقدة”، أمرا صعبا.

وكانت الخلافات قد خرجت للعلن من خلال بعث ما بات يُعرف إعلاميا بـ”مجموعة المئة” رسالةً إلى الغنوشي في وقت سابق تطالبه فيها بالتعهد بعدم الترشح مرة أخرى لرئاسة الحركة وتنظيم المؤتمر الحادي عشر للحزب قبل موفى هذا العام.

ولكن الغنوشي اتّخذ نهجا تصعيديا حيث رفض التعهد مؤكدا على أن ’’المؤتمر سيد نفسه وكل شيء سيناقش في المؤتمر‘‘، ما عمق الخلافات داخل الحزب الذي كثيرا ما تباهى بالتماسك الداخلي مقارنة بالأحزاب التونسية الأخرى.

وتأتي تصريحات زيتون في وقت حاول فيه شق موال للغنوشي الالتفاف حول مطالبات “مجموعة المئة” في سياق الصراع بشأن مؤتمر الحركة، حيث تقدم القياديان في الحركة رفيق عبدالسلام وعبدالكريم الهاروني بمبادرة من أجل إرجاء المؤتمر إلى وقت لاحق والعمل على التوصل إلى تفاهمات قبيل هذا المؤتمر.

ودعا صاحبا المبادرة إلى تأجيل انعقاد المؤتمر الحادي عشر للحركة الإسلامية لمدة تتراوح بين سنة ونصف السنة إلى سنتين من تاريخ التوافق حول ذلك، سواء عبر تزكية واسعة من مجلس الشورى أو عبر استفتاء الأعضاء بدعوة من مجلس الشورى المركزي.

وقوبلت هذه المبادرة بتصعيد لافت من قبل “مجموعة المئة” حيث أكد أبرز قيادييها أنها لا تمثل حلا للأزمة التي يعيشها الحزب بقدر ما تمثل مناورة من الغنوشي لربح الوقت.

1