تونس تعقّد مناخ الأعمال بزيادة الضرائب على الشركات

القطاع الخاص يتحمل ضريبة إخفاق الحكومة في دفع الاقتصاد.
الاثنين 2020/10/26
أحالم الشباب مؤجلة

انتقد خبراء ومنظمات اقتصادية رفع الضريبة على الشركات في مشروع قانون الموازنة للعام 2021 حيث اعتبروا أن الإجراء يعقد الاستثمار ومناخ الأعمال في وقت تحتاج فيه الدولة إلى إصلاح ضريبي وإداري لتسهيل آفاق الاستثمار ونفض غبار الوباء الذي كلف الاقتصاد خسائر جسيمة في ظل مكافحته أصلا لإشكاليات لا حصر لها.

تونس – حملت منظمات وخبراء اقتصاديين الدولة التونسية مسؤولية عزوف المستثمرين جراء الأعباء الضريبية الجديدة معتبرين أن القطاع الخاص يتحمل مجددا مسؤولية إخفاق الحكومة في إدارة ودفع الاقتصاد.

اعتبر أغلب رؤساء المؤسسات الفرنسية غير المقيمة بتونس، أن إجراء الترفيع في الضريبة على الشركات إلى 18 في المئة وفق مشروع قانون المالية لسنة 2021، «إشارة سيئة» للمستثمرين الأجانب. وقالت الخبيرة الاقتصادية أسماء القرفالي في تصريح لـ”لعرب” إن “القطاع الخاص دفع مرة أخرى ضريبة الوضع الاقتصادي المتردي”، مشيرة إلى أن “الحكومة تواصل اتخاذ قرارات أحادية”.

أسماء القرفالي: تونس بحاجة إلى إصلاح النظام الضريبي أكثر من إثقاله
أسماء القرفالي: تونس بحاجة إلى إصلاح النظام الضريبي أكثر من إثقاله

وأضافت أن “تونس بحاجة إلى إصلاح النظام الضريبي أكثر من إثقاله”، مشددة على ضرورة “بلورة حوار اقتصادي واجتماعي وطني في ظل هذه المؤشرات الاقتصادية الخطيرة وكبح القرارات التي من شأنها تعقيد الاستثمار وضرب مناخ الأعمال خصوصا مقابل حوافز وتسهيلات كبيرة توفرها الدول المجاورة المنافسة”.
وحسب استطلاع أجرته الغرفة التونسية الفرنسية للتجارة والصناعة في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر 2020، ونشرته الجمعة، يرى المستجوبون أن السلطات العمومية لم تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الوضع الحالي الذي تعيشه تونس (أزمة كوفيد – 19 وتدهور مناخ الأعمال) معتبرين أن رفع معدل الضريبة على الشركات إلى 18 في المئة ستكون له نتائج عكسية، بل إنه ينذر بمخاطر كبيرة.
وتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2021 إجراءً ينص على توحيد نسب الضريبة على الشركات بحذف نسب الضريبة المحددة بـ25 في المئة و20 في المئة و13.5 في المئة وضبطها في مستوى 18 في المئة، وذلك في إطار مواصلة تجسيم برنامج إصلاح المنظومة الجبائية الذي يهدف إلى تخفيف العبء الجبائي عن المؤسسات وتفادي تعدد نسب الضريبة على الشركات.
وتطبق نسبة 18 في المئة على الأرباح المحققة ابتداء من سنة 2021 والمصرح بها خلال سنة 2022 والسنوات الموالية.
وبالإضافة إلى فقدان التنافسية سيضرب هذا الإجراء -حسب نتائج المسح الذي شمل عينة بـ100 مؤسسة فرنسية غير مقيمة ناشطة في مختلف القطاعات- الاستثمار الأجنبي في تونس، لاسيما الاستثمارات الفرنسية التي تمثل حاليا حوالي 40 في المئة من الاستثمار الأجنبي، وبالتالي سيؤثر على التشغيل.
وتعتقد أغلب الشركات أن الإجراء يمكن أن يتسبب في «توقف مفاجئ» للاستثمارات أو حتى في سحب الاستثمار لصالح مواقع أخرى، مشيرة إلى أنه يمثل خطرا على الشركات غير المقيمة التي استثمرت في تونس اعتمادا على امتيازات جبائية وهي 0 في المئة ضرائب على الشركات ثم 10 في المئة إلى 13.5 في المئة ليتم الترفيع فيها في 2021 إلى 18 في المئة.

وأكد المستجوبون أن هذا الإجراء لن يؤدي سوى إلى تدهور القدرة التنافسية لموقع تونس في الوقت الذي تواجه فيه هذه الشركات منافسة شرسة من بلدان مثل المغرب والبرتغال والمكسيك وتركيا، محذرين من اضطرار بعض الشركات إلى اختيار خطة بديلة مثل الرجوع إلى بلدانها، وهذا هو المعمول به حاليا في الوقت الذي تقدم فيه الدول الأوروبية منحا للشركات التي توافق على إعادة التموقع.
وفي هذا السياق أكدت الخبيرة أسماء القرفالي أن “مشروع قانون الميزانية لا يعكس رؤية واضحة ولا يحمل أي إشارات نحو إنعاش الاستثمار أو النمو”.
وأضافت “لا توجد إرادة واضحة للسماح للاقتصاد بالانطلاق، ويجب توجيه الموارد التي أصبحت نادرة في هذه الظروف الخاصة بشكل أكبر نحو خلق القيمة المضافة حتى نتمكن من تخيل مستقبل أفضل لهذا البلد”.
وشددت على أن “تراجع القدرة التنافسية يعيق تدفق الاستثمار”، داعية إلى المزيد من الاهتمام بالاستقرار السياسي والاجتماعي و”تقديم مزايا ضريبية وتبسيط الإجراءات الإدارية”.

القرار يمكن أن يتسبب في "توقف مفاجئ" للاستثمارات
القرار يمكن أن يتسبب في "توقف مفاجئ" للاستثمارات

واعتبرت القرفالي أن “الوضع في تونس خطير، لكن لا تزال هناك فرص للتدارك ودفع محركات النمو لإحراز التقدم للبلد وإخراجه من دوامة المتاعب الاجتماعية”.
وتقول الحكومة إن مقترحات مشروع الموازنة تأتي في إطار مواصلة الإصلاح الجبائي والإنصاف في الحسابات وخفض الإنفاق.
وقدرت حكومة هشام المشيشي تسجيل انخفاض في الموارد الضريبية بنحو 6 مليارات دينار. وينص أوّل إجراء في قانون الموازنة الجديد على توحيد نسب الضريبة على الشركات بحذف نسب الضريبة المحددة بحوالي 25 في المئة و20 في المئة و13.5 في المئة وضبطها في مستوى 18 في المئة.
وتهدف الخطوة حسب الحكومة إلى إصلاح المنظومة الجبائية وتخفيف العبء الجبائي عن المؤسسات وتفادي تعدد نسب الضريبة، على أن تطبق نسبة 18 في المئة على الأرباح المحققة ابتداء من السنة القادمة.
وكانت تونس تتوقع اقتراض 12 مليار دينار (4.36 مليار دولار) في 2020، لكن احتياجاتها زادت بشكل كبير بسبب أزمة فايروس كورونا. وحجم الاقتراض الجديد للعام الجاري غير معروف بعد، لكنّ مسؤولين آخرين يقولون إنه من المحتمل أن يتخطى 21 مليار دينار.
وتسببت أزمة فايروس كورونا في ركود تاريخي للاقتصاد التونسي. وانكمش الاقتصاد بحوالي 21.6 في المئة في الربع الثاني من 2020 مقارنة مع مستواه قبل عام.
وعلى الرغم من سعي الحكومة إلى النهوض بالاقتصاد المتعثر وخفض عجز الموازنة إلى 7.3 في المئة إلا أن الضغوط المالية والاقتصادية المستمرة تصعّب عليها ذلك.

11