عُمان تنشئ حزاما للأمان الاجتماعي ضدّ ارتدادات الإصلاح الاقتصادي

بناء نظام متكامل للحماية الاجتماعية، وتنفيذ مشاريع تنموية في أنحاء السلطنة.
الجمعة 2020/10/23
لا تراجع عن المكتسبات.. ولا مساس بالقوت اليومي

سلطنة عُمان التي تبدو في سباق ضدّ الساعة لتذليل الصعوبات الناتجة عن تضافر جائحة كورونا مع أزمة أسعار النفط، لا تبدو في المقابل بصدد فقد توازنها أو القفز في مجهول التغييرات المتسرّعة والإصلاحات الأقرب إلى العلاج بالصدمة، بل تتقدّم بخطوات مدروسة وثابتة في تنفيذ البرنامج الإصلاحي للسلطان هيثم بن طارق الذي يوازن بين تحسين الأداء الاقتصادي وتحصين الوضع الاجتماعي من الانتكاس والتراجع.

مسقط – تمضي سلطنة عُمان في تنفيذ الشق الاقتصادي من البرنامج الإصلاحي الذي وضعه السلطان هيثم بن طارق في إطار خطّته الشاملة لتحديث السلطنة، وعينها على الوضع الاجتماعي تحصينا له من النتائج الجانبية لعملية الإصلاح التي ستقتضي الضغط على الإنفاق العام والحدّ من سخاء الدولة في تقديم الدعم.

وتحقيقا لشقيّ هذه المعادلة، ترافق الإعلان الخميس، عن إقرار السلطان هيثم لخطة تتعلق بإحداث التوازن المالي، مع الإعلان في الوقت ذاته عن تسريع إنشاء نظام متكامل للحماية الاجتماعية.

وجاء ذلك غداة إعلان وزارة العمل العُمانية عن الشروع في بحث خطط لإحلال المواطنين العُمانيين محلّ العاملين الأجانب في الشركات التي تديرها الحكومة، ما يفتح أفقا جديدا لتشغيل الشباب العُمانيين المقبلين بشكل متزايد على سوق الشغل، ويخفّف جزءا من عبء التحويلات المالية للعمّال الأجانب إلى بلدانهم الأصلية.

وأوردت وسائل إعلام رسمية في سلطنة عُمان، الخميس، أن السلطان هيثم بن طارق أقرّ خطة للتوازن المالي على المدى المتوسط لتحقيق استدامة مالية للبلاد بعد أن أرهقت أزمة فايروس كورونا وانخفاض أسعار النفط خزينة الدولة.

وكانت السلطنة قد وضعت منذ مدّة عناوين عريضة لإصلاح اقتصادها وتنويع مصادر الدخل وإدخال تعديلات تشمل فرض ضرائب والحدّ من الدعم المقدّم من قبل الدولة، لكن الخطط تأجلت في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد الذي توفي في يناير الماضي، حيث لم تتحتّم الحاجة للدفع بتلك الإصلاحات كما هي عليه الحال اليوم.

ولدى تسلّمه السلطة، أظهر السلطان هيثم توجّها إصلاحيا واضحا يتضمّن التخلّص من البطء والتكلّس في أجهزة الدولة وإزالة العوائق التي أخّرت الإصلاح الاقتصادي الذي كان مطلوبا بشدّة منذ سنوات. كما كشف عن وضع الاقتصاد ضمن أولويات برنامجه الإصلاحي. وقال في خطاب له إثر توليه زمام الحكم إنّ عُمان على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها، واعدا بإنجاز تغييرات تطال الإدارة والاقتصاد، كما تمسّ قطاع التعليم كأحد أولويات الدولة في عهده.

إصلاحات السلطان هيثم بن طارق الشاملة بصدد تحويل ضغوط جائحة كورونا وأزمة أسعار النفط من تحد إلى فرصة

وذكرت وكالة الأنباء العُمانية، الخميس، أنّ السلطان هيثم بن طارق أقرّ “خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 – 2024) التي قامت الحكومة بوضعها، والتي تضمنت عدة مبادرات وبرامج تهدف في مجملها إلى إرساء قواعد الاستدامة المالية للسلطنة، وخفض الدين العام ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي بتوجيهه نحو الأولويات الوطنية، وزيادة الدخل الحكومي من القطاعات غير النفطية، وتعزيز الاحتياطيات المالية للدولة، وتحسين العائد على استثمار الأصول الحكومية بما يضمن تعزيز قدرتها على مواجهة أي صعوبات وتحديات مالية، وبما يضعها على مسار النمو والازدهار الاقتصادي”.

وفي إجراء لصيق بهذه الخطّة وجّه السلطان هيثم “بالإسراع في بناء نظام وطني متكامل للحماية الاجتماعية، وذلك بهدف ضمان حماية ذوي الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي من أي تأثيرات متوقعة جرّاء تطبيق ما تضمنته الخطة من تدابير وإجراءات”.

كما شملت الإجراءات الجديدة التي أمر بها السلطان هيثم تنفيذ مشروعات تنموية بقيمة 964 مليون دولار في أنحاء البلاد، وذلك حرصا على “استمرار تعزيز النشاط الاقتصادي والحركة التنموية في السلطنة”. وأوضحت الوكالة العُمانية أنّ الجهات المختصّة ستقوم بالإعلان لاحقا عن تفاصيل هذه الخطة وتوضيح المبادرات التي شملتها.

وارتفعت ديون عُمان المصنفة دون الدرجة الجديرة بالاستثمار من جميع وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية إلى نحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2019 ارتفاعا من خمسة في المئة قبل ذلك بخمس سنوات.

Thumbnail

وجمعت السلطنة ملياري دولار، الأربعاء، من أول بيع لسندات دولية لها منذ يوليو 2019.

وغير بعيد عن سياق الإصلاحات المتسارعة في سلطنة عُمان بما في ذلك شقّها الاجتماعي، كان قد أعلن الأربعاء، عن الشروع في منافشة خطّة لتوطين الوظائف، حيث عقدت وزارة العمل بالتعاون مع جهاز الاستثمار لقاء مع الرؤساء التنفيذيين بالشركات الحكومية، تم خلاله تدارس خطط الإحلال وأولوية توظيف العُمانيين في المهن القيادية والإشرافية في الشركات الحكومية.

وأكد وزير العمل محاد بن سعيد باعوين على ضرورة الإسراع في إحلال القوى العاملة الوطنية محل القوى العاملة الوافدة، لافتا إلى أهمية تدريب وتأهيل القوى العاملة الوطنية والاستفادة من الخدمات التي تقدمها الوزارة في هذا الجانب. وشدّد على مبادرة الوزارة لتذليل الصعوبات وتقديم التسهيلات اللازمة وتبسيط الإجراءات لتعزيز إسهام الشركات الحكومية في توفير وظائف جديدة للعُمانيين سواء بشكل مباشر فيها، أو في الشركات التي تتعاقد معها من الباطن.

3