مسقط تبادر وتعيد سفيرها إلى دمشق

عودة سفير عمان إلى دمشق بعد غياب لسنوات من شأنها أن تدفع العلاقات التي لم تنقطع بين البلدين قدما، بيد أن ذلك لا يعني حدوث اختراق جديد لعلاقة سوريا بمحيطها، مع استمرار الانقسامات العربية.
دمشق - تسلم وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الأحد، أوراق اعتماد السفير العُماني تركي محمود البوسعيدي، ليكون بذلك أول سفير لدولة خليجية يعود إلى دمشق منذ اندلاع الأزمة في هذا البلد عام 2011 وإغلاق البعثات الدبلوماسية، على خلفية اتهامات للنظام حينها بقمع الاحتجاجات التي سرعان ما تحولت إلى مواجهة مسلحة مستمرة لليوم.
وعُمان واحدة من الدول العربية القليلة التي حافظت على علاقات دبلوماسية مع حكومة الرئيس بشار الأسد بعد انتفاضة 2011، على الرغم من الضغوط الدولية.
وسبق أن قام وزير الخارجية السوري بثلاث زيارات إلى مسقط كانت الأولى في العام 2015، والثانية في مارس 2018، أما الزيارة الثالثة فكانت لتقديم واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس بن سعيد في يناير الماضي.
وأعرب وليد المعلم الذي يتولى أيضا منصب نائب رئيس الوزراء، خلال تسلمه أوراق اعتماد السفير تركي محمود البوسعيدي عن “اعتزاز الجمهورية العربية السورية بالسياسة الخارجية العُمانية”.
وعبر السفير العُماني عن شكره لحفاوة الاستقبال وتقديره للدعم والتسهيلات التي تقدمها الحكومة السورية تجاه توسيع مسارات التعاون والمصالح المشتركة بين البلدين.
وكانت وكالة الأنباء العمانية تطرقت إلى خبر تسلم البورسعيدي، المعين في المنصب بمرسوم سلطاني في مارس، لمهامه في سوريا.
وأبقت عمان سفارتها مفتوحة في دمشق على مدار عمر الأزمة، وتعهد السلطان هيثم بن طارق عند اعتلائه العرش في يناير بمواصلة إقامة علاقات ودية مع جميع الدول، وهي سياسة جعلت السلطنة وسيطا مقتدرا في العديد من الصراعات في المنطقة.
ويرى مراقبون أن إرسال عمان لسفيرها إلى سوريا لا يمكن تسويقه على أنه اختراق جديد على مستوى العلاقات العربية السورية، ذلك أن العلاقات بين البلدين حافظت على قدر كبير من استمراريتها.
ويشير المراقبون إلى أن هناك أزمة عربية في التعاطي مع القضية السورية في ظل حالة الانقسام السائدة.
قلق متنام من تحويل تركيا لشمال سوريا إلى حاضنة لتفريخ الإرهابيين والمرتزقة من أجل تنفيذ مخططاتها التوسعية
وسبق أن نفى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط السبت وجود توجه لإعادة مقعد دمشق المجمد، مرجعا ذلك إلى الخلافات بين أعضائها.
وشهدت علاقة سوريا مع محيطها العربي بعض الاختراقات في السنوات الأخيرة، لاسيما مع تغير المشهد في هذا البلد وتنامي التهديدات التي باتت تلقي بظلالها على الأمن القومي العربي في ظل التدخلات الإقليمية لاسيما التركية والإيرانية.
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال اتصال هاتفي الأحد مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، على موقف بلاده الداعم لحل الأزمة السورية بما يحفظ وحدة سوريا واستقلال قرارها الوطني.
وشدد الوزير شكري على ضرورة التصدي الحاسم للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة وداعميها من الأطراف الإقليمية.
وهناك قلق عربي متنام من تحويل تركيا لشمال سوريا إلى حاضنة لتفريخ الإرهابيين والمرتزقة لتنفيذ مخططاتها التوسعية، وآخرها إرسال الآلاف من المقاتلين إلى منطقة القوقاز لدعم أذربيجان في قتالها ضد أرمينيا، وقبلها إلى ليبيا، ما بات يشكل خطرا لا يمس فقط المنطقة العربية بل والاستقرار العالمي.
وكانت برزت في السنوات الأخيرة انتقادات لطريقة التعاطي العربي مع الأزمة السورية، ما فسح المجال لقوى مثل تركيا وإيران للتمادي، وسبق أن حثت دول عربية على غرار الإمارات والجزائر على ضرورة إعادة النظر في هذا التمشي.
وأعادت الإمارات العربية المتحدة فتح بعثتها في دمشق في أواخر عام 2018، ولديها قائم بالأعمال هناك.
وأعلنت مملكة البحرين، بعد يوم من فتح الإمارات سفارتها في سوريا، “استمرار” العمل في سفارتها بدمشق وكذلك في السفارة السورية بالمنامة وأن الرحلات الجوية بين البلدين “قائمة دون انقطاع”.
وقالت الكويت إنها ستعيد فتح بعثتها في دمشق إذا جرى الاتفاق على ذلك في جامعة الدول العربية التي علقت عضوية سوريا في 2011.
واستعاد الأسد السيطرة على معظم أنحاء سوريا بدعم من روسيا إلى جانب إيران، وميليشيات شيعية مدعومة من إيران مثل حزب الله اللبناني، بيد أن لا أفق قريبا لانتهاء الأزمة في ظل كثرة المتدخلين “باستثناء العرب”.
وفرضت واشنطن عقوبات جديدة تهدف إلى قطع التمويل عن حكومة الأسد وحذرت من أن أي شخص يتعامل تجاريا مع دمشق معرض لخطر وضعه على قائمة العقوبات.