الوباء يفقد ولاية نيويورك زخمها الاقتصادي خلال المناسبات الكبرى

الركود يخيم على المتاجر والمطاعم ويكبح استعادة المدينة النشاط من جديد.
الثلاثاء 2020/09/22
كساد لا يحتمل

أفقدت جائحة كورونا ولاية نيويورك زخمها الاقتصادي المعهود وفرص عقد الاجتماعات بالحضور الشخصي خلال المناسبات الكبرى كأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا حيث غابت الحركية التي كانت تحدثها هذه الفاعلية، وتسلل الركود إلى المتاجر والمطاعم والحانات في وقت تكافح فيه المدينة لاستعادة نشاطها.

نيويورك – أجبرت جائحة كورونا فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن تقام بتقنية الفيديو تجنبا للعدوى ما حرم مدينة نيويورك مهد التظاهرة من فرصة انتعاش كانت تبرهن على أهمية المدينة كعاصمة لعالم يتسم بالعولمة.

اعتاد سكان نيويورك على التحسب لازدحام الحركة المرورية في نهاية سبتمبر من كل عام، بالتزامن مع وصول الآلاف من الدبلوماسيين ومواكب سياراتهم والوفود إلى مانهاتن للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة غير أن الوباء شطب مظاهر هذه الحياة الاقتصادية.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية مظاهر من معاناة سكان مدينة نيويورك إذ لم يضطر سكان المدينة إلى القلق هذا العام حيث تبدأ الفعاليات على قدم وساق الثلاثاء، مع قيام قادة العالم بإرسال كلماتهم بالفيديو إلى قاعة الأمم المتحدة الصامتة، ما يمثل أحدث صدمة لمحاولات مدينة نيويورك المترنحة لإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية في عصر جائحة كورونا.

ومع استمرار تفشي الجائحة وبقاء قواعد الحجر الصحي في نيويورك معمولا بها، قرر قادة الأمم المتحدة عقد الحدث، الذي يصادف أيضا الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيس المنظمة الدولية، افتراضيا، ما يعني أن المدينة التي تسعى جاهدة للتعافي من كارثة صحية، لا تزال بعيدة عن استعادة بريقها الدولي.

ونقلت وكالة “بلومبرغ” للأنباء عن بيني أبيواردينا، التي تعمل مع دبلوماسيي الأمم المتحدة بصفتها مفوضة الشؤون الدولية في مكتب عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو، قولها في مقابلة “هناك نوع من الصدمة لأننا لن نتحدث عن إغلاق الطرق هذه المرة”.

وأضافت “من المؤسف ألا نرى الزحام الذي اعتدنا عليه في المتاجر والمطاعم والحانات، إلا أن هذا في الوقت نفسه يعكس مدى جدية نيويورك في التصدي للجائحة”.

وعادة ما كان يُعتبر شهر سبتمبر موسم ارتفاع عدد الزوار بالنسبة لنيويورك، حيث تتزامن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة مع بطولة أميركا المفتوحة للتنس مع أسبوع الموضة.

كورونا يفقد نيويورك الأنشطة التجارية المرتبطة بأعمال الأمم المتحدة والبطولة المفتوحة للتنس وأسبوع الموضة

ويتذكر جون فيتزباتريك، الذي يمتلك فندقين في وسط مانهاتن، السنوات الماضية عندما كان عادة ما يجني أعلى الأسعار في مثل هذا الوقت من العام مع وصول الحجوزات إلى الدرجة القصوى تقريبا.

أما الآن، فإنه يكافح من أجل الحفاظ على استمرارية عمل ممتلكاته، ويخشى من أنه قد يضطر إلى الإغلاق العام المقبل إذا لم تتوصل الدولة إلى حلول مناسبة بصورة أكبر لضمان استمرارية الأعمال، مثل تخفيف تدابير الحجر الصحي.

ويقول فيتزباتريك “العام العادي، هو العام الذي كانت الأمور فيه جيدة حقا للأعمال” وتابع أن “نيويورك على ما يرام ، ولكن الأعمال تحتضر فيها“.

وكان سكوت سترينجر مراقب حسابات مدينة نيويورك قال في أغسطس إن إيرادات ضريبة إشغال الفنادق في المدينة تراجعت بنسبة 80 في المئة في الفترة من أبريل إلى يونيو.

ومن المتوقع أن تبدأ المدينة في التعافي من الخسائر خلال الفترة القادمة، حيث سيُسمح للمطاعم في الأماكن المغلقة بفتح أبوابها أمام العملاء بصورة محدودة تبلغ ربع طاقتها الاستيعابية بداية من 30 سبتمبر.

ورغم أن البعض قد يقول إن اجتماعات الأمم المتحدة كانت تكلف نيويورك أموالا طائلة بما تتطلبه عادة من عمل الآلاف من أفراد الأمن لفترات إضافية، فإن مدينة نيويورك كانت تحصل على أموال من الحكومة الاتحادية مقابل التكاليف المرتبطة بتوفير الأمن.

وفي السنة المالية المنتهية في يونيو، تحملت المدينة تكاليف بلغت نحو 30 مليون دولار، وقد تلقت منها حتى الآن 22.6 مليون دولار. وقد تعلم القائمون على التخطيط لعودة الأعمال دروسا مما شهدته الفترة الماضية.

Thumbnail

وذكرت “بلومبرغ” أن مصارف مانهاتن، على سبيل المثال، تعلمت الدرس من محاولات شهدتها الأسابيع الماضية للعودة إلى الأعمال. فقد أمرت “جي.بي مورجان تشيس” و”باركليز” و’جولدمان ساكس” موظفيها بالعمل من المنزل بعد ثبوت إصابة موظفين عائدين بكورونا. وأبلغت جهات أعمال أخرى موظفيها بأن بإمكانهم العمل من المنزل حتى نهاية العام أو منتصف عام 2021.

وعلى مدار عقود، ظلت اجتماعات الجمعية العمومية السنوية تبرهن على أهمية نيويورك كعاصمة لعالم يتسم بالعولمة، حيث يجتمع قادة نحو 190 دولة معا ويتباحثون عبر دبلوماسية مرتجلة في ردهات الفنادق وغيرها بشأن كل القضايا من التغير المناخي إلى قضايا الحرب والسلام.

ومن المؤكد أن سكان نيويورك سيستشعرون هدوءا مخيفا وسط مانهاتن هذه الأيام.

وقال تيجاني محمد بندي، رئيس الدورة السابقة من اجتماعات الجمعية العامة والمسؤول عن الترتيب للحدث الافتراضي إلى حد كبير لهذا العام، في مقابلة، “فقدنا إلى حد كبير النشاط والزخم وفرص عقد الاجتماعات بالحضور الشخصي”.

ومنذ ارتفاع الإصابات بالوباء غرقت نيويورك في أزمة متعددة الوجوه بين ارتفاع البطالة وزيادة الإجرام ومغادرة أعداد من السكان، ما أثار القلق داخل الأوساط الاقتصادية والشعبية.

وقال رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو في يوليو الماضي “نعيش ربما إحدى أكبر اللحظات الأليمة والاستثنائية في تاريخنا ولحظة تفكك اجتماعي عميق”.

ومع وفاة أكثر من 23 ألف شخص جراء فايروس كورونا المستجد في نيويورك، باتت العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة المدينة الغربية الأكثر تضررا جراء الوباء.

وبالرغم من التراجع الكبير في عدد الإصابات منذ مايو، لم ترفع تدابير العزل في نيويورك إلا بشكل جزئي خشية حصول موجة ثانية من الوباء الذي يواصل تفشيه في الولايات المتحدة.

الفايروس أفقدها بريقها
الفايروس أفقدها بريقها

غير أن أربعة أشهر من الأزمة الصحية بدّلت معالم المدينة البالغ عدد سكانها 8.5 مليون نسمة والمعروفة باكتظاظها وسيطرة النزعة الاستهلاكية عليها، فباتت السياحة مشلولة وأبراج المكاتب شبه مقفرة والعديد من المتاجر مغلقة فيما ارتفعت نسبة البطالة في صفوف القوى العاملة إلى 20 في المئة.

وأكدت تحاليل وتقارير أن الولايات المتحدة ستشهد خلال العام 2020 ركودا تاريخيّا ناجما عن تأثير فايروس كورونا المستجد، بعد عشر سنوات من النموّ المستمر غذتها بيانات رسمية عن انكماش حادّ وتراجع الناتج المحلّي الإجمالي.

وسجلت البلاد تراجعا في الناتج المحلّي الإجمالي بفعل تهاو في النشاط الاقتصادي في الأسبوعين الأخيرين من شهر مارس، حيث شهدا تقديم الملايين من الأميركيين طلبات للحصول على إعانة البطالة.

10