السعودية تحذر من الالتفاف على اتفاق أوبك

حذرت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم دول منظمة أوبك من محاولات الالتفاف على اتفاق خفض الإنتاج الذي يربك استقرار السوق في وقت تواصل فيه جائحة كورونا التسبب في تخمة المعروض.
فيينا – أصدر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان تحذيرا صارما إلى الدول النفطية الأخرى الخميس من أجل الالتزام بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها، في ظل حالة الغموض التي تحيط بالاقتصاد العالمي نتيجة جائحة فايروس كورونا المستجد.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تعتبر السعودية أكبر عضو فيها من حيث الإنتاج والصادرات، قد اتفقت مع عدد من الدول النفطية الأخرى من خارج المنظمة، وفي مقدمتها روسيا في إطار ما يسمى تجمع أوبك بلس خلال أبريل الماضي، على خفض كبير للإنتاج لوقف تراجع أسعار النفط الخام بسبب انخفاض الطلب على الخام نتيجة إجراءات إغلاق وحظر السفر لاحتواء جائحة فايروس كورونا في العالم.
وفي مؤتمر عبر تقنية الفيديو كونفرانس مع دول أوبك بلس حذر عبدالعزيز من “تكتيكات زيادة الإنتاج وعدم الالتزام المستتر” بحصص الإنتاج.
وأضاف أمام وزراء الدول الأخرى “محاولات الالتفاف على السوق لن تنجح”. وقال الوزير السعودي إن الدول التي تقدم “وعودا زائفة” عن إنتاجها النفطي لن تهزم هدف التجمع نحو استقرار وتوجيه السوق.
من ناحيته، تعهد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي خلال إيجاز صحافي بعد الاجتماع بأن بلاده ستخفض إنتاجها خلال أكتوبر ونوفمبر المقبلين، بما يعوض الكميات الزائدة التي ضختها خلال أغسطس الماضي. وقال نظيره العراقي إحسان إسماعيل إن بلاده ستخفض إنتاجها إلى الحد المتفق عليه بنهاية العام الحالي.
من ناحيته، قال محلل شؤون الطاقة في كوميرتس بنك الألماني إيوجين فاينبرغ إن كلمة الوزير كانت موجهة نحو الدول الخليجية الأخرى ودول تجمع أوبك بلس التي لا تبدي رغبة قوية في الالتزام بحصص الإنتاج المتفق عليها والتي تحد من مبيعاتها من النفط.
ونسبت وكالة الأنباء الألمانية لإيوجين فاينبرغ قوله من فرانكفورت إن “الاستياء والمشكلات المالية أصبحا واضحين”، مشيرا بشكل خاص إلى الكويت والإمارات العربية المتحدة والعراق التي تدفعها احتياجاتها المالية إلى عدم التقيد بحصص الإنتاج.
فبالنسبة للكويت لم يعد الحديث عن الأزمة المالية يستثني سيناريو العجز عن دفع رواتب الموظفين والعمّال، بحسب ما أعلنه وزير المالية الكويتي براك الشيتان، الأسبوع الماضي.
وضاعف من حدّة الأزمة التراجع الكبير في أسعار النفط المورد الأساسي لخزينة الدولة الكويتية، حيث اضطر البلد إلى تقليص إنتاجه اليومي من 3.12 مليون برميل إلى 2.2 مليون في نطاق الإجراءات الجماعية لمجموعة أوبك بلاس الهادفة إلى الحدّ من تدهور الأسعار.
أما في العراق فالوضع الاقتصادي أكثر سوءا حيث كشفت السلطات العراقية عن اعتزامها مراجعة التزاماتها مع منظمة أوبك+ بخصوص خفض الصادرات نتيجة ارتباك التوازنات المالية للبلد نظرا للاعتماد المفرط على عوائد الطاقة لتعبئة الموازنة، فضلا عن الاحتجاجات الاجتماعية المتواصلة والمطالبة بالإصلاحات.
وقال وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار الأربعاء إن “البلاد تسعى للحصول على إعفاء من اتفاق أوبك+ لتقييد إنتاج النفط خلال الربع الأول من عام 2021 لكنها ستلتزم بالخفض خلال الأشهر الثلاثة المقبلة”.
وقال فاينبرغ “إن السعودية وهي أكبر منتج للنفط في أوبك تخشى من أن تضطر مجددا إلى زيادة التخفيضات في إنتاجها النفطي لتعويض الزيادة في إنتاج الدول الأخرى”.
ورفض الأمير عبدالعزيز التصريح للصحافيين بشأن ما إذا كانت السعودية مستعدة لتكرار هذا السيناريو، وقال إنه سيعمل على إبقاء المتعاملين في سوق النفط في حالة تأهب.

وتتخوف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من أن تتعرض إلى انتكاسة في طريق محاولات إنعاش الأسعار في الأسواق خلال ما تبقى من العام بسبب احتمال ظهور موجة ثانية للوباء.
وأظهر بحث داخلي في أوبك أن المنظمة تخشى أن تخفق التخفيضات القياسية التي تنفذها في إعادة التوازن إلى السوق وفي التخلص من أسوأ تخمة للمعروض في التاريخ إذا قوضت موجة ثانية من فايروس كورونا التعافي الاقتصادي هذا العام.
وتتوقع المجموعة أن يرتفع الطلب على النفط بمقدار سبعة ملايين برميل يوميا في 2021 بعد تراجعه بمقدار تسعة ملايين برميل يوميا هذا العام. وتريد أوبك زيادة إنتاجها بمقدار ستة ملايين برميل يوميا في 2021.
لكن البحث الداخلي الذي اطلعت عليه رويترز يشير إلى أن تلك الأرقام المستهدفة قد تكون في خطر إذا أجبرت موجة ثانية من المرض الحكومات حول العالم على فرض إجراءات العزل العام من جديد.
ومن شأن هذا التصور خفض الطلب بمقدار 11 مليون برميل يوميا في 2020، وأيضا، وهو الأهم لأوبك+، سيؤدي إلى زيادة المخزونات التي تعتبرها المنظمة مؤشرا أساسيا لمراقبة مدى فاعلية إجراءات خفض الإنتاج.