الزواج الصوري للحصول على الإقامة في الدول الأوروبية صفقة تنتهي بالمشاكل

زواج أبيض قائم على المصلحة وينتهي بمجرد انتهاء الاتفاق بين الطرفين.
الاثنين 2020/09/07
زواج على ورق

يراود حلم الهجرة إلى أوروبا الكثير من الشباب والفتيات في الدول العربية، ويدفعهم تحقيق هذا الحلم إلى البحث عن الكثير من الأساليب، ويعتبر الزواج الصوري أحد الأساليب الآمنة التي تفتح لهم أبواب الإقامة في الدول الأوروبية.

برلين – تتسع ظاهرة الزواج من أجل الإقامة في أوروبا بسبب الإقبال المتزايد عليها من دول كثيرة ومن بينها الدول العربية.

وعادة ما يكون الحب وتأسيس عائلة الدافع وراء ارتباط شخصين، غير أن الزواج الصوري يحصل لغايات أخرى ككسب المال وضمان حق الإقامة في البلدان الأوروبية.

ويتمثل الزواج الصوري في الزواج على ورق من شخص يحمل الجنسية الأجنبية سواء من القاطنين في أوربا بطريق غير قانونية، أو الراغبين في الهجرة، وينتهي بعد أن يحصل الطرف الأول على وثائق الإقامة بأوروبا ويحصل الطرف الثاني على المبلغ المالي المتفق عليه.

وقال مختصون إن الزواج الصوري لا ينحصر بين طرفين أحدهما أجنبي والآخر عربي، بل يتم أيضا بين العرب ممن يحملون جنسية أو إقامة أوروبية والآخرين الراغبين في الهجرة إلى أوروبا.

وأشاروا إلى أنه في بعض الحالات يرفض أحد الطرفين توقيع الطلاق ويتشبث بالزواج لدفع الطرف الآخر إلى زيادة المبلغ المالي المتفق عليه، أو لإقناعه باستمرار الزواج وإنجاب الأطفال، مما يدفع الطرف الرافض لاستمرار الزواج إلى بذل وقته وجهده وصرف الكثير من المال في الدعاوى القضائية من أجل الحصول على الطلاق.

كما نبهوا إلى أن هذا الصنف من الزيجات لا يسلم من المشكلات بسبب إخلال أحد الطرفين ببنود الاتفاق، ففي بعض الحالات يختفي الطرف الذي يمنح أوراق الإقامة بعد استلامه المبلغ المالي المتفق عليه، ويتنصل من أي اتفاق ويهاجر إلى أوروبا.

وأكدوا أن هذه الصفقات التجارية تلقى رواجا كبيرا في الكثير من دول العالم ومن بينها الدول العربية وتزداد أرقامها خاصة مع استفحال البطالة والفقر رغم ما يثيره الزواج الأبيض من جدل بين رافض له ومتعاطف مع المقبلين عليه، رغم أنه يتحول في بعض الأحيان إلى كابوس أو وسيلة للابتزاز.

ووضعت بعض الدول الأوروبية قوانين صارمة تفرض على الزوجين قضاء فترة طويلة معا قبل الحصول على أوراق الإقامة، وتبعث مصالح الهجرة الباحثين الاجتماعيين ليقوموا بزيارة لبيت الزوجية في أي وقت من الأوقات خاصة في الليل للتأكد من أن الزوجين يعيشان تحت سقف واحد.

عدة أشخاص يبدون رغبتهم في الهجرة إلى الدول الأوروبية عن طريق الزواج من مواطنات أوروبيات، حتى وإن كانوا لا يعرفونهنّ

وترفض المصالح المختصة بالهجرة الكثير من طلبات الزواج بدعوى أنها تدخل في إطار ما يسمى بالزواج الأبيض. وتصف الشرطة الجنائية الألمانية الزواج الصوري بأنه “نطاق تحرك هام في جريمة التهريب”، لاسيما أن طالبي اللجوء المرفوضين يرون في هذه الوسيلة المكلفة فرصة إضافية، وعدد حالات التهريب ارتفع في 2018.

وتشارك الشرطة الألمانية إلى جانب السلطات الأمنية في بعض الدول الأوروبية مثل سويسرا وصربيا في عمليات تعرف بـ”العروس” والهدف منها هو تفكيك العصابات الإجرامية التي تتوسط بين طرفي الزواج الصوري.

وانتقد النائب في حزب “البديل من أجل ألمانيا” شتيفان كويتر تغريدة لمنظمة إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط، في شهر يناير والتي أثارت جدلا واسعا في ألمانيا حول مسألة “الزواج الصوري”. حيث كتبت المنظمة الألمانية على تويتر “لستم متزوّجين بعد؟ ربما تُغرمون بشخص ليس لديه حق الإقامة. قد يحدث هذا، ما رأيكم؟ كونوا منفتحين!”.

وعبّر العديد من المعلقين على التغريدة عن استيائهم، متّهمين المنظمة بأنها “تعمل على تهريب المهاجرين”، هذا ما عدا تعرضها للشتائم والتهديدات من قبل معلقين آخرين.

وكتب الشاب التونسي محمد.ت في رسالة لموقع مهاجرنيوز “أنا تونسي وأريد الهجرة إلى ألمانيا، لكنني أعرف أنني لن أحصل على الإقامة إلا عن طريق الزواج، المشكلة أنني متزوج، فكيف يمكنني الزواج من ألمانية للهجرة إلى ألمانيا؟”.

وقال تقرير نشره “موقع دي دبليو” الإلكتروني “ليس محمد فحسب، بل إن عدة أشخاص آخرين يبدون في رسائلهم رغبتهم بالهجرة إلى ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى عن طريق الزواج من مواطنات أوروبيات، حتى وإن كانوا لا يعرفونهنّ، وهذا ما يعرف بالزواج الصوري”.

ويعتبر الزواج الصوري غير قانونيّ، لأن القانون الألماني يشترط على المتزوّجين “العيش المشترك الحقيقي” وتحمل المسؤولية الاجتماعية للزواج.

عقد متفق عليه
عقد متفق عليه

وأوضح التقرير أنه عندما يقدّم مهاجر تأشيرة للدخول إلى ألمانيا بغرض الزواج في إحدى البعثات الألمانية في الخارج، تقوم السلطات الألمانية بالتحقق من أن الزواج ليس صوريا، وذلك من خلال عدة مؤشرات، منها أن تتحقق مما إذا كان طرف الزواج الألماني قد سبق له أن تزوج مهاجرا وجلبه إلى ألمانيا أم لا، أو أن ترى الفرق في السن بين الطرفين.

وقال المحامي الألماني كلاوس فيله المختص بحقوق الأسرة إن مؤشرات أخرى أيضا قد تزيد من احتمالية أن يكون الزواج صوريا، مثلا عندما لا يتكلم أحد الزوجين لغة يفهمها الاثنان، أو عند إثبات أن الطرفين لم يلتقيا أبدا قبل الزواج.

وأشار إلى أنه في الرابط المرفق بالخبر يمكن رؤية العشرات من التعليقات لأشخاص يبدون رغبتهم بالهجرة عن طريق الزواج الصوري، ونبه فيله إلى أن الكثير من الأشخاص الذين يرغبون بالهجرة إلى ألمانيا مثلا عن طريق الزواج الصوري لا يدركون التبعات القانونية لذلك، فالأشخاص الذين يتزوجون بغاية الحصول على الإقامة فقط معرّضون لإلغاء زواجهم وسحب تراخيص إقاماتهم من قبل السلطات المسؤولة، بالإضافة إلى عقوبة دفع غرامة مالية أو السجن.

وقال الدكتور حمزة ضي أخصائي نفسي وعلاقات أسرية وزوجية إن ما يعرف بالزواج الصوري أو الأبيض من بين الأساليب التي يلجأ إليها الحالمون بالهجرة إلى أوروبا بعد أن تخلى الشباب عن فكرة المغامرة في “قوارب الموت”.

وأوضح المختص التونسي أنه يقصد بالزواج الأبيض الزواج على ورق من شخص يحمل الجنسية الأجنبية الذي ينتهي بمجرد انتهاء الاتفاق المبني بين الطرفين، إلا أن هذا الزواج قد يتحول من زواج مؤقت إلى زواج حقيقي بفضل ظروف الهجرة والتعارف في الغربة حيث تساهم لقاءات الطرفين المستمرة من أجل إنهاء المعاملات وتسوية الوضعية في التقريب بينهما وتفتح المجال من أجل استمرار مشروع الزواج.

وتشن السلطات الأوروبية في الكثير من الأحيان حملات واسعة ضد عصابات متخصصة في الزواج الصوري بهدف الحصول على تصاريح إقامة في الاتحاد الأوروبي.

21