صعوبات العودة المدرسية تقض مضاجع الأسر العربية

البرتوكولات الصحية عاجزة عن حماية المدرسين والتلاميذ وأسرهم وسط عجز السلطات عن توفير بيئة سليمة للدراسة.
الأربعاء 2020/09/02
شبح كورونا يعكر صفو العام الدراسي الجديد

عودة مدرسية استثنائية تعيشها الدول العربية تغلفها الكثير من المصاعب. وعلى الرغم من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها تواجه الأسر وأبناؤها التلاميذ، تحت وطأة كورونا، قلقا من انتشار الوباء وخوفا من عجز السلطات في تلك البلدان عن توفير بيئة سليمة ليكمل الأطفال دراستهم.

عمان - تعيش الأسر العربية على وقع العودة المدرسية المرتقبة بعد أشهر طويلة من الانقطاع الذي فرضته جائحة كورونا، وتعتبر هذه العودة استثنائية بعد التفشي المتزايد لهذا الفايروس، الذي أودى بحياة الآلاف، وأكد الكثيرون أن البرتوكولات الصحية التي أعلنت العديد من الدول عن تطبيقها أثناء الدراسة في ظل أزمة كوفيد – 19، عاجزة عن حماية المدرسين والتلاميذ وأسرهم.

ويعود الملايين من التلاميذ إلى المدارس، بعد بقائهم لأشهر في المنازل بعيدا عن مقاعد الدراسة، وفي الأردن رافقت العودة إلى المدارس حالة من الترقب، مع عودة فتح المدارس وبدء العام الدراسي الجديد مطلع سبتمبر، بعد أطول عطلة في تاريخ المملكة؛ إثر انتشار فايروس كورونا.

وصدرت مواقف متباينة عن العديد من الجهات الرسمية، بشأن شكل العام الدراسي الجديد، إلا أن وزارة التربية والتعليم حسمت الجدل، بالإعلان عن أن التعليم سيكون عبر الحضور في المدارس بشكل عام، إلا في حالات استثنائية، سيطبق فيها نظام التعليم الأردني عن بعد.

واختلف الخبراء بشأن قرار وزارة التربية والتعليم، بين معارض يراه “جريمة قد تزيد من أعداد إصابات كورونا”، ومؤيد يرى أن نظام “التعليم عن بعد” أثبت فشله، وأن الوزارة قادرة على إدارة العام الدراسي لكن بضريبة عالية.

وكان الأردن قد اعتمد نظام التعليم عن بعد خلال العام الدراسي المنتهي، بعد أن قرر منتصف مارس الماضي، تعليق دوام المؤسسات التعليمية لمواجهة وباء كورونا.

وقال وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي إن “قرار العودة للمدارس وازن بين مطلبين أساسيين، التعليم والصحة”، لافتا إلى أن “القاعدة العامة، أن الدوام قائم لكنه سيبقى خاضعا لتطورات الوضع الوبائي في المملكة”.

وأشار إلى أن “الدوام بالمناطق المفتوحة سيبقى بحسب البروتوكول الصحي كاملا بالمدارس التي تحقق شروط التباعد الجسدي، وسيكون بالتناوب بين الأيام، بالحضور وعن بعد، في المدارس التي لا تحقق شروط التباعد الجسدي”.

الاستعدادات الصحية للكثير من المدارس تبدو ضعيفة، حيث لا تتوافر فيها مطهّرات التعقيم ولا الكمامات

واعتبر الخبير التربوي ذوقان عبيدات أن “إعادة الطلاب إلى المدارس، في ظل الوضع الوبائي الحالي، مغامرة وجريمة قد تزيد من أعداد الإصابات”.

وقال عبيدات إن “وزارة التربية، فكرت في الوضع القائم وضغوط الأهالي، ومن يتخذ القرارات لا يراعي إلا عوامل جزئية”.

وأضاف أن “التعليم عن بعد، هو المستقبل والخيار الأنسب”، معربا عن اعتقاده بأن “وزارة التربية أخذت بعين الاعتبار في قرار العودة مسألة المدارس الخاصة، وتعطل 40 ألف معلم فيها عن العمل والاصطدام معهم”.

في المقابل، اعتبر الخبير التربوي في الإرشاد النفسي خليل الزيود، أن “التعليم عن بعد أثبت فشله؛ لعدم وجود نسق ثابت وملائم لتطبيقه في المملكة”.

وذكر الزيود أن “المعطيات المتعلقة بالوضع الوبائي، تؤكد أن التعليم سيكون في ظرف غير طبيعي، يحتاج لإجراءات غير اعتيادية”.

وشددت وزارة التربية والتعليم في تونس على المحافظة على العودة المدرسية في تاريخها المعتاد الذي يوافق الـ15 من سبتمبر وأبرمت العديد من الوزارات التونسية، اتفاقية مشتركة لتأمين العودة للمدارس شاركت  فيها وزارات الصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والتكوين المهني، والمرأة والأسرة وكبار السن، والشؤون الاجتماعية، والشؤون الدينية، تتضمن مجموعة من الإجراءات لاستمرار التعليم في ظل تفشي فايروس كورونا. وذكر مراسل الأناضول خلال فعالية توقيع الاتفاقية بتونس العاصمة أن ممثلي الوزارات المعنية شاركوا في توقيع الاتفاقية.

وينص البرتوكول الصحي الوارد في الاتفاقية، على وجوب ارتداء الكمامات الواقية لجميع العاملين في المدارس والمؤسسات التعليمية والتكوينية، وإلزامية الكمامات لطلبة الإعدادي (12 عاما فما

فوق) وتلاميذ المعاهد الثانوية وطلبة الجامعات، والمتدربين في مراكز التكوين المهني. ويفرض البروتوكول الصحي العام للعودة إلى المدارس والجامعات أيضا، القيام بعملية المراقبة والفرز عند مداخل المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية. كما يحدد كيفية التصرف عند اكتشاف حالات مشتبه بإصابتها بفايروس كورونا، عبر عزل هذه الحالات في غرفة معدة لهذا الغرض، إلى حين حضور ولي أمر الطالب المصاب، بالنسبة للقاصرين.

وقال وزير الصحة محمد الحبيب الكشو، إن توقيع الاتفاقية يأتي “في الوقت الذي يمكن تأجيل العودة المدرسية ببعض المناطق، جراء ارتفاع وتيرة تفشي كورونا بها.. سيتم التواصل مع ممثلي المجتمع المدني والسلطات الجهوية فيها”.

ضرورة توفير بيئة سليمة ليكمل الأطفال دراستهم
ضرورة توفير بيئة سليمة ليكمل الأطفال دراستهم

وبدورها، قالت مديرة الطب المدرسي والجامعي أحلام قزارة، إن العودة للمدرسة سيوازيها اتباع العديد من الإجراءات، بينها ارتداء الكمامة. وأوضحت قزارة أن الاتفاق تم فيه الأخذ بتجارب عالمية لدول مرت بتجربة العودة المدرسية خلال فترة تفشي المرض.

كما يسود ترقب كبير موسم العودة إلى المدارس والجامعات في المغرب، خاصة بعد قرار وزارة التربية الوطنية (التعليم)، اعتماد “التعليم عن بعد” مع توفير تعليم حضوري للراغبين فيه.

وأصبح الآباء مطالبين باختيار صيغة التعليم التي تناسب أبناءهم، في وقت لم تعلن الوزارة بعد آليات تنفيذ القرار الجديد، علما أن الموسم الدراسي سينطلق رسميا في 7 سبتمبر المقبل. ويرى خبراء في مجال التعليم، أن قرار الوزارة “حل إرضائي” للآباء، لكنهم في الوقت نفسه شددوا على أن نظام “التعليم عن بعد” إذا لم يصحبه حجر صحي، فلا جدوى منه، فيما طالب آخرون بتأجيل العام الدراسي إلى مطلع 2021.

وفي 22 أغسطس أعلنت وزارة التربية الوطنية المغربية، أنها قررت “اعتماد التعليم عن بعد، كصيغة تربوية في بداية الموسم الدراسي 2020 – 2021 والذي سينطلق في 7 سبتمبر بالنسبة لجميع الأسلاك والمستويات بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة ومدارس البعثات الأجنبية”.

وأشارت إلى أنه “سيتم توفير تعليم حضوري للراغبين فيه، على أن يتم وضع آلية تمكن الأسر الراغبة في ذلك، من التعبير عن هذا الاختيار”. وتعليقا على قرار الوزارة، دعا اتحاد آباء وأولياء تلاميذ مؤسسات التعليم الخاص الوزارة إلى “ضرورة تأجيل الدخول المدرسي، حتى مطلع يناير المقبل”. كما دعا الاتحاد، إلى “تنظيم الدراسة حضوريا في فصلين دراسيين، ينتهيان خلال منتصف شهر يوليو 2021، مع جعل الفترة الفاصلة فرصة لإجراء الامتحانات المعلقة على كافة المستويات”.

واعتبر الخبير التربوي سعيد الشفاج أن “قرار وزارة التربية الوطنية باعتماد صيغة التعليم عن بعد كقاعدة، وصيغة التعليم الحضوري برغبة الآباء، جاء كحل إرضائي استثنائي”. وشدد على أن “الرهان على الأسرة المغربية هو رهان خاسر، لأننا أهملنا تكوين هاته الأسرة، وتمتين علاقة الإنسان المغربي بالقيم الوطنية والدينية والكونية، وربط التعليم بالوعي الفكري والثقافي”.

وعادت الحياة إلى مدارس الصومال، بعد نحو أربعة أشهر من إغلاقها منعا لانتشار كورونا، وللحفاظ على صحة الطلاب، بقرار من وزارة التربية والتعليم العالي. وترافق قرار بدء العام الدراسي الجديد تحديات وإجراءات وقائية صارمة لمحاصرة الجائحة، حتى لا يتوقف التعليم.

وقال وزير التربية والتعليم عبدالله جودح بري في تصريح صحافي، إن “استئناف العام الدراسي الجديد يتطلب التعاون بين الوزارة والمؤسسات التعليمية لإيجاد نظام تعليمي جديد خال من الأمراض الوبائية التي قد تعيق الدراسة”.

ورغم إعلان الوزارة توفير كافة المواد اللازمة لمنع انتشار الفايروس، إلا أن الاستعدادات الصحية للكثير من المدارس تبدو ضعيفة، حيث لا تتوافر فيها مطّهرات التعقيم ولا الكمامات.

ومن جانبها أعلنت وزارة التربية الكويتية، أنها قررت اعتماد التعليم عن بعد في العام الدراسي الجديد لجميع المراحل، والذي يبدأ في 4 أكتوبر المقبل، بسبب أزمة كورونا. على أن يراجع القرار بحسب المعطيات الصحية في شهر نوفمبر المقبل.

وبعد إنهاء السنة الدراسية قبل أوانها على غرار بقية الدول العربية، يستعد طلاب الجزائر للعودة إلى مقاعد الدراسة وسط مخاوف صحية وتعليمية رغم وضع بروتكول وقائي من الفايروس.

وفي 12 أغسطس كشف رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد، عن وضع بروتوكول صحي وقائي من وباء كورونا بكافة المدارس والجامعات ومراكز التكوين المهني والتعليم تحسبا للدخول الجماعي القادم.

وقال جراد إنّ “البروتوكول الصحي يأتي لطمأنة التلاميذ وأوليائهم بخصوص العودة إلى المدرسة”. وشدد على ضرورة التنظيم الجيد والمحكم للدخول المدرسي وللامتحانات القادمة للشهادات.

21