عقلية فليك الصارمة تقود بايرن إلى المجد القاري

البافاري يزيح ريال مدريد من صدارة التصنيف الأوروبي.
الثلاثاء 2020/08/25
هيمنة مطلقة

سيبقى عالقا في الأذهان أن 2019 – 2020 أغرب موسم في تاريخ مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، لكنه انتهى باسم مألوف على الكأس المرموقة بعدما تفوق بايرن ميونخ الألماني على باريس سان جرمان الفرنسي في المباراة النهائية التي أقيمت في لشبونة، ليتوج بذلك الفريق الأكثر جدارة بفضل جهود مدربه هانزي فليك.

لشبونة - تطلبت رحلة بايرن ميونخ نحو لقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم عقلية صارمة وتركيزا خلال موسم متقلب شهد عملية إصلاح شاملة بالفريق. والفوز 1-0 على باريس سان جرمان الليلة الماضية لم يمنح اللقب الأوروبي السادس لبايرن فقط بل جعله أول فريق يفوز بكل مبارياته في دوري الأبطال خلال موسم واحد.

وكان من المفترض أن يعتبر هذا الموسم انتقاليا لبايرن بعد مغادرة الجناحين المخضرمين آرين روبن وفرانك ريبري والمدافعين ماتس هوملز ورافينيا في 2019. وبدا هذا مؤكدا بعد تراجع بايرن للمركز السادس مبكرا في دوري الدرجة الأولى الألماني تحت قيادة المدرب نيكو كوفاتش. وفي ظل هشاشة الدفاع والاعتماد الكلي على روبرت ليفاندوفسكي كان من السهل جدا توقع محصلة موسم بايرن كما كانت الهزيمة المدمرة 5-1 أمام أينتراخت فرانكفورت الصدمة الأخيرة التي عجلت برحيل كوفاتش ليحل مكانه هانز فليك في نوفمبر الماضي.

وقال لاعب الوسط المهاجم توماس مولر الذي كان بديلا في فترة كوفاتش ثم توهج إشعاعه مع فليك “واصلنا المضي قدما في الموسم وكل فرد منا ساعد الآخر، وكنا على استعداد لتصحيح أخطاء الآخرين”.

وبعد تسعة أشهر تحت قيادته أصبح فليك ثاني مدرب ألماني يحقق الثلاثية وجاء ذلك في أول موسم له مع فريق بدوري الدرجة الأولى. وعبر توماس توخيل مدرب سان جرمان عن انبهاره بجودة أداء بايرن. وقال “إنهم في طريقهم ليصبحوا الفريق الأعظم في العالم. لديهم قدرات هائلة واللاعبون جددوا قوتهم”.

وكان الجناح كينغسلي كومان من دلائل ثورة بايرن حيث سجل اللاعب الذي خلف ريبري في الجهة اليسرى هدف الفوز على سان جرمان. وفاز بايرن بلقب دوري الدرجة الأولى الألماني في آخر 11 موسما باستثناء مرتين فقط وحقق ثمانية ألقاب متتالية في سباق من فرس واحد.

صيغة لن تتكرر

وبعد أن سحق توتنهام هوتسبير 7-2 والنجم الأحمر ببلغراد 6-0 في دور المجموعات اكتسح تشيلسي 7-1 في مباراتين بدور الـ16 ثم ألحق ببرشلونة هزيمة مهينة 8-2 في دور الثمانية لذا لم يكن من الحكمة الرهان ضد بايرن في فترة هيمنته الأوروبية. وقال قائد بايرن المعتزل مارك فان بوميل “هذه ليست بداية عصر جديد بل مرحلة بدأت منذ 2010، حيث ينضم لاعبون جدد ويغادر القدامى ولكن تستمر النجاحات”.

 أكد رئيس الاتحاد الأوروبي “ويفا” السلوفيني ألكسندر تشيفيرين من لشبونة، أن صيغة البطولة المصغرة التي فرضها الوباء هذا الموسم لن تتكرر. وبغض النظر عن إمكانية تكرار هذا النظام في المستقبل أو اعتماد صيغة مماثلة للتي استكملت فيها البطولة هذا الموسم، فإن بايرن بطل عن جدارة بالتأكيد، بعد أن خرج منتصرا من جميع المباريات الـ11 التي خاضها هذا الموسم في إنجاز لم يحققه سابقا أي فريق، مكررا سيناريو 2013 حين توج بالثلاثية للمرة الأولى بإحرازه أيضا لقبي الدوري والكأس المحليين.

فليك يستحق تنويها خاصا على هذا الإنجاز، لأنه نجح في قلب الأمور بعد عام على خروج بايرن من ثمن النهائي على يد ليفربول الإنجليزي
فليك يستحق تنويها خاصا على هذا الإنجاز، لأنه نجح في قلب الأمور بعد عام على خروج بايرن من ثمن النهائي على يد ليفربول الإنجليزي

وسجل النادي البافاري بقيادة مدرب استلم تدريبه قبل انتصاف الموسم خلفا للكرواتي نيكو كوفاتش، 43 هدفا في طريقه إلى اللقب القاري، بينها سباعية في مرمى توتنهام الإنجليزي (7-1) وسداسية في مرمى النجم الأحمر الصربي (6-0) في دور المجموعات، وثمانية تاريخية في مرمى برشلونة الإسباني (8-2) خلال الدور ربع النهائي.

كان بايرن الطرف الأفضل في نهائي الأحد ضد فريق يصل إلى هذه المرحلة للمرة الأولى في تاريخه، حتى إن كان محظوظا بعض الشيء في مواجهة الهجوم الضارب للفريق المنافس بقيادة نيمار أنخل دي ماريا وكيليان مبابي. بوجود الحارس القائد مانويل نوير، والمدافعين جيروم بواتنغ والمهاجم توماس مولر، ضمت تشكيلة بايرن في مباراة الأحد أربعة لاعبين من الذين أحرزوا اللقب عام 2013 على حساب غريمهم المحلي بوروسيا دورتموند.

تنويه خاص

لكن اللافت في حملة هذا الموسم ليس ما قدمه المخضرمون وحسب، بل المساهمة المميزة من الوجوه الشابة على غرار ألفونسو ديفيس، ابن الـ19 ربيعا الذي قال “إنك تحلم بلحظات مماثلة حين تكون طفلا. بصراحة، لا أصدق ذلك، الفوز بدوري الأبطال هو أعلى ما يمكن الوصول إليه”.

ويستحق فليك تنويها خاصا على هذا الإنجاز، لأنه نجح في قلب الأمور بعد عام على خروج بايرن من ثمن النهائي على يد ليفربول الإنجليزي الذي توج لاحقا باللقب، ولاسيما أن الفريق البافاري بدا بعيدا كل البعد عن إمكانية الفوز بلقب المسابقة القارية تحت قيادة كوفاتش.

ولم يتوقع أشد المتفائلين بأن ينجح فليك الذي استلم منصبه في نوفمبر كمدرب وقتي قبل تعيينه لاحقا بصفة دائمة، في قيادة بايرن إلى الثلاثية وهذا ما تطرق إليه مولر بالقول “يا لها من فرحة هائلة. نشعر بأننا قطعنا شوطا كبيرا منذ نوفمبر”.

وتابع مولر الذي ارتقى عاليا بمستواه بعد تعيين فليك “لا أعلم كيف بدا الأمر من الخارج، لكني أعتقد أننا نستحقه (اللقب) بالطريقة التي لعبنا بها”.

وفي ما يخص تغيير المدرب في منتصف الموسم، فهذه المقاربة أعطت ثمارها في العديد من الأندية خلال المواسم القليلة الماضية، إذ بات فليك ثالث مدرب في العقد الماضي يحرز اللقب رغم استلامه المهمة في منتصف الموسم، بعد الإيطالي روبرتو دي ماتيو مع تشلسي الإنجليزي في موسم (2011 – 2012) والفرنسي زين الدين زيدان مع ريال مدريد الإسباني موسم (2015 – 2016) ثم في الموسمين التاليين.

ونجح بايرن ميونخ، الذي فاز بلقب دوري أبطال أوروبا السادس في تاريخه، في التربع على صدارة تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. ووضع العملاق البافاري حدا لهيمنة الملكي، وتصدر التصنيف بـ136 ألف نقطة، متقدما على الفريق الذي يقوده المدرب زين الدين زيدان (134 ألف نقطة)، وبرشلونة (128 ألف نقطة)، وأتلتيكو مدريد (127 ألف نقطة). ويحتل باريس سان جرمان المركز السابع، برصيد 113 ألف نقطة، بعد يوفنتوس (117 ألف نقطة)، ومانشستر سيتي (116 ألف نقطة).

ويتقدم الفريق الباريسي على إشبيلية (102 ألف نقطة) بطل الدوري الأوروبي، الذي سينافس بايرن على كأس السوبر القارية، في سبتمبر المقبل. وتوج بايرن ميونخ بالثلاثية، هذا الموسم، للمرة الثانية في تاريخه بعد (2012 – 2013)، حيث هيمنت كتيبة المدرب هانز فليك على الصعيدين المحلي والأوروبي.

23