السلطة الانتقالية السودانية في مواجهة الأضداد

الجيش يستبق تظاهرات "تصحيح المسار" بإجراءات صارمة في خطوة تبرهن على الخوف من تحول التظاهرات إلى أعمال عنف في ظل تعدد أجندات القوى المشاركة فيها.
الاثنين 2020/06/29
السلطة الانتقالية في مواجهة مجهول مع قوى مختلفة تعددت مطالبها

الخرطوم – تواجه السلطة الانتقالية في السودان اختبارا عسيرا مع انطلاق تظاهرات “تصحيح المسار” غدا الثلاثاء، والتي دعت لها قوى ثورية وأخرى محسوبة على نظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير البائد، مع تباين الأهداف، ما ضاعف من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها قوات الأمن أملا في عدم السماح بحرفها أو استغلالها كمنصة لتوظيفها في التأثير على المشروعية السياسية لمكونات إدارة المرحلة الانتقالية.

وأعلن عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول ركن ياسر العطا، أنه تم وضع خطة متكاملة لتأمين المسيرات المنتظر خروجها الثلاثاء، وأعرب عن أمله في أن تكون الاحتفالات في ثوب حضاري يعبر عن كبرياء وعزة الثورة المجيدة.

فرضت الأجهزة الأمنية إجراءات صارمة على ولاية الخرطوم بدءا من الأحد، وأغلقت كافة الجسور فيها، ومنعت الدخول والخروج وسدت المنافذ المؤدية إلى مقر القيادة العامة لقيادة الجيش في العاصمة، في خطوة تبرهن على الخوف من تحول التظاهرات إلى أعمال عنف في ظل تعدد أجندات القوى المشاركة فيها.

ويرى مراقبون أن الانشقاقات التي أصابت قوى الثورة، وتباين مواقف الأحزاب من المشاركة في التظاهرات، وتعدد المطالب التي يرفعها المتظاهرون، جعلت السلطة الانتقالية في مواجهة مجهول مع قوى مختلفة، خاصة بعد دخول أتباع النظام السابق على خط التصعيد ضد الحكومة مؤخرا، ومطالبة حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه حسن الترابي باستقالة رئيسها عبدالله حمدوك وتغيير الحكومة.

خالد التيجاني: التظاهرات تأتي في سياق تصاعد الرفض لأداء السلطة الانتقالية
خالد التيجاني: التظاهرات تأتي في سياق تصاعد الرفض لأداء السلطة الانتقالية

وفقدت الحكومة جزءا كبيرا من ظهيرها الشعبي الذي كانت تعول عليه في مثل هذه المواقف لضمان عدم انحراف التظاهرات عن مسارها، وتعدد مواقف الكيانات المنضوية تحت تحالف قوى الحرية والتغيير، جعلتها أكثر استنفارا، كما أن قطاعا في الشارع أدار ظهره للتحالف الحكومي لصالح تبني مواقف لجان المقاومة الشعبية التي لديها اعتراضات عديدة على إدارة المرحلة الانتقالية.

وترأس رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، اجتماعا مساء السبت، بحضور رئيس الحكومة الانتقالية، ضم عددا من أعضاء مجلسي السيادة والوزراء، ووفدا من قوى الحرية والتغيير، في محاولة لامتصاص الغضب المتوقع.

وناقش مطالب الحركات المسلحة بشأن قضايا السلام العالقة، والتي سلمها وفد وساطة جنوب السودان للخرطوم الخميس الماضي، لأنها تعد المعرقل الرئيسي لاستكمال هياكل الحكم الانتقالي، باعتبارها تأتي على رأس مطالب المتظاهرين.

وأكدت مصادر حضرت الاجتماع لـ”العرب”، أن السلطة الانتقالية بحاجة إلى إنجاز ملف السلام في أقرب فرصة، وهناك ورقة قدمها المشاركون في الاجتماع إلى لجنة الوساطة لطرحها على الحركات المسلحة تشكل أرضية للتوافق، ويعني قبول تلك الورقة أن السلام بات واقعا ملموسا على الأرض.

واعتبر القيادي بتحالف الحرية والتغيير شريف عثمان، أن أهداف دعوات التظاهر التي أطلقتها قوى الثورة معلنة وواضحة للجميع، وترتبط باستكمال هياكل الحكم الانتقالي، وإجراء إصلاحات هيكلية على طريقة إدارة المرحلة الانتقالية، وأن الحكومة استجابت لها في وقت سابق، ونحن بانتظار تنفيذها على الأرض بالتوازي مع تحقيق السلام الشامل.

وقررت الحكومة الانتقالية قبل أيام الشروع في تعيين الولاة المدنيين، وتشكيل المجلس التشريعي، مع الوضع في الاعتبار المقاعد المخصصة لكتلة السلام، من دون تحديد موعد زمني، وإجراء تعديل وزاري بعد تقييمات مشتركة لأداء الوزارات.

وتلقى حمدوك تقريرا مفصلا من لجنة التحقيق في الانتهاكات المصاحبة لمجزرة فض الاعتصام في ساحة القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم وعدد من الولايات التي وقعت في 3 يونيو من العام الماضي، واستمع إلى إفادات من اللجنة حول ما تم إنجازه من عمل خلال الفترة الماضية.

وأضاف عثمان في تصريح لـ”العرب”، أن السلطة الانتقالية لديها معلومات دقيقة عن نية استغلال أعوان النظام السابق للتظاهرات وإخراجها عن أهدافها المعلنة لصالح الانخراط في أعمال تخريب وعنف لإحداث تغيير في النظام السياسي بالقوة، وهو ما ترتب عليه صدور قرارات صارمة أعلنتها اللجنة الأمنية في الخرطوم، وهناك مناطق يجري استغلالها لانطلاق تظاهرات فلول البشير، تم تأمينها بشكل كامل.

دعوات إلى مسيرات مليونية
دعوات إلى مسيرات مليونية

ويقف تحالف قوى الحرية والتغيير كتفا بكتف مع باقي قوى الثورة في سبيل تحقيق الأهداف المعلنة للمليونية، وأكد دعمه للمطالب المعلنة التي تعزز من استقرار الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة وليس الخروج عليها.

ودعا عدد من قوى الثورة على رأسها تجمع المهنيين ولجان المقاومة الشعبية إلى مسيرات مليونية يوم 30 يونيو للمطالبة باستكمال أهداف الثورة المتمثلة في القصاص للشهداء وتكوين المجلس التشريعي وتعيين الولاة ومحاسبة رموز الإخوان.

ورفع تحالف الإجماع الوطني، أحد مكونات قوى الحرية والتغيير، مطالب أخرى تمثلت في إعادة المفصولين تعسفيا من الخدمة المدنية والشرطة والجيش للعمل.

أوضح المحلل السوداني خالد التيجاني، أن التظاهرات تأتي في سياق تصاعد فيه الرفض الشعبي لأداء السلطة الانتقالية، ما يجعل مطالب الثوار الذين قادوا الحراك تأخذ أبعادا سياسية عديدة، وأن التحفظات في الشارع ليست على مكون ما من مكونات الحكم الانتقالي فالجميع يتحمل نتيجة القصور في تحقيق أهداف الثورة المرتبطة بالحرية والعدالة والسلام والتحول الديمقراطي.

وأشار لـ”العرب”، إلى أن الشارع استطاع أن يسترد قوته عبر مسيرات 30 يونيو العام الماضي، وهناك رغبة في استعادة هذا الزخم، لأن وجود أعداد كثيفة من المتظاهرين في الشارع يسحب من شرعية السلطة الانتقالية، وقد يصب في جعبة فلول البشير الذين تراجعوا إلى الخلف لتحقيق استفادة غير معلنة من التظاهرات.

2