ضبابية اتفاق أوبك+ تعمق الاختلالات المالية للسعودية

عمقت مفاوضات أوبك+ الغموض الذي يسود بخصوص أسعار النفط حيث أن الاتفاق الجديد ترك الباب مواربا أمام احتمالات عدة بشأن مصير تخفيضات غير مسبوقة، إذ لم يتضمن بيان التحالف أي إشارة إلى تمديد الخفض مع بداية عودة الحياة إلى طبيعتها وما سيترتب على ذلك من مضاعفة الحاجة إلى الطاقة، الأمر الذي يهدد التوازنات المالية للسعودية مركز ثقل الاتفاق في ظل احتمال إلغاء موسم الحج زيادة على تقلص عائدات العمرة.
الرياض - فتح تحالف أوبك+ المجال للمزيد من الغموض حيث أنه لم يشر إلى اتفاق نهائي بخصوص خفض الإنتاج، الأمر الذي يزيد من التحديات أمام السعودية ويقلص هامش المناورة الاقتصادية أمامها نظرا لتلويح روسي بعدم جدوى مواصلة خفض الإنتاج وتوقعات بمضاعفة الولايات المتحدة لإنتاجها من النفط الصخري مع بداية عودة الحياة الطبيعية، وهو ما سيصعد الطلب العالمي على الطاقة وبالتالي المزيد من التحديات.
ويشكل استقرار سعر النفط عند 42 دولارا مضايقات للمالية السعودية حيث إنه لا يغطي كلفة الإنتاج ويوسع الفجوة في الموازنة للبلاد التي تعول بصفة شبه كلية على إيرادات النفط لتعبئة الموارد.
ولم يشر الاتفاق الذي توصلت إليه منظمة أوبك+ (منظمة الدول المصدرة للنفط زائد منتجين من خارجها) الخميس عقب اجتماع للجنة المراقبة الوزارية، إلى تمديد الاتفاق السابق بخفض الإنتاج.
والاتفاق الذي توصلت إليه أوبك والذي تشكل السعودية مركز ثقله، ومنتجون من خارج المنظمة على رأسهم روسيا، في أبريل الماضي، يقضي بتخفيضات تاريخية تبلغ 9.7 مليون برميل يوميا، تشكل عشر الإمدادات العالمية.
وبدأ تنفيذ الاتفاق مطلع مايو الماضي، وكان من المفترض أن يستمر حتى نهاية يونيو الجاري، إلا أن اتفاقا مطلع الشهر الجاري، قضى بتمديد الاتفاق حتى نهاية يوليو المقبل.
ومطلع أغسطس، يتم تقليص خفض الإنتاج إلى 7.7 مليون برميل يوميا حتى نهاية 2020، وتقليص ثان إلى 5.8 مليون برميل يوميا يبدأ مطلع 2021 حتى أبريل 2022.
وفي التعاملات المبكرة الجمعة الماضية، وبعد ساعات من تأكيد أوبك+ الامتثال لتخفيضات الإنتاج، قفزت أسعار خام برنت لتتجاوز 42 دولارا للبرميل، فيما اقترب خام غرب تكساس الوسيط الأميركي من 40 دولارا.
وتتجه الأنظار إلى اجتماع التحالف المقبل، المقرر في 15 يوليو، للنظر في إمكانية مد أجل التخفيضات كما هي الآن لشهر آخر، أو الاكتفاء بالفترة المحددة.
ولكن لا يبدو أن هناك تجانسا في مواقف أوبك والمنتجين الآخرين من خارجها، بشأن تمديد التخفيض بحده الأقصى، فعدا عن خلو بيان التحالف الخميس من إشارة إلى مصير التخفيضات بعد يوليو، بدأت روسيا التلميح إلى أنها غير معنية بالتمديد.
وبسعر برميل النفط الأحد، وصلت روسيا إلى نقطة التوازن في موازنتها، في حين لا تزال السعودية، التي تعاني عجزا متزايدا دفعها إلى الاقتراض أكثر من مرة هذا العام، بعيدة عن هذه النقطة.
وبينما لا تحتاج روسيا إلى أكثر من 42 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في موازنتها، فإن دول الخليج عموما تحتاج إلى سعر فوق 50 دولارا للبرميل في الحد الأدنى للكويت، و84 دولارا في الحد الأقصى للسعودية، لتحقيق التوازن.
وتمكنت روسيا من تحمل تبعات تقلبات أسعار النفط نسبيا بفضل تنوع اقتصادها، لكن الاعتماد الكبير لاقتصاد السعودية على العائدات النفطية بنسبة تفوق 80 في المئة، يدفعها دائما إلى الضغط باتجاه رفع الأسعار في الأسواق العالمية.
ونقلت صحيفة آر.بي.سي عن رئيس صندوق السيادة الروسي كيريل ديمترييف الجمعة قوله إن “موسكو لا ترى جدوى من تمديد تخفيضات صارمة لإنتاج النفط العالمي، مع اتجاه الاقتصاد العالمي نحو التعافي من تداعيات جائحة كورونا”.
وتحمل هذه التصريحات إشارة إلى أن روسيا ربما لن تكون معنية باستمرار التخفيضات بمستواها الحالي إلى ما بعد يوليو المقبل.
وسبق وكشفت تقارير اقتصادية أنه ومع بداية عودة الحياة إلى طبيعتها والتعايش مع الوباء ستقبل الدول على مضاعفة نشاطها الصناعي والتجاري ما يصعد الطلب العالمي على الطاقة، وبالتالي ما يثير الغموض بشأن اتفاق خفض الإنتاج.
وقال ديمترييف “نرى بالفعل أن الاقتصادات بدأت تخرج من فايروس كورونا والأسواق تتعافى، ما يدعم الطلب على النفط، لذا لا نرى جدوى لتمديد القيود الصارمة لأكثر من شهر“.

وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، صرح وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بأن موسكو تشعر بالرضا إزاء الأسعار الحالية.
وربما تواجه السعودية، ومعها دول أوبك، تحديا آخر يحول دون تحقيق رغبتها في تمديد خفض الإنتاج بالحد الأقصى لفترة أخرى، يتمثل برفع شركات أميركية لإنتاجها من الزيت الصخري، في مسعى لتعويض الخسائر التي تكبدتها إبان حرب الأسعار في مارس وأبريل.
والأربعاء الماضي، قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن إنتاج النفط في الولايات المتحدة هبط إلى 10.5 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي بتاريخ 12 يونيو الجاري، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2018.
وحاولت الرياض تنويع اقتصادها حيث وضعت الإصلاحات التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان الأولوية لتنويع الاقتصاد والخروج من دائرة الريعية وجلب موارد من خارج الإطار النفطي.
وفي سياق تنويع الاقتصاد قالت وزارة السياحة السعودية الأحد إن الرياض تخطط لتدشين صندوق للتنمية السياحية برأسمال مبدئي أربعة مليارات دولار في إطار خطط تنويع موارد الاقتصاد في مواجهة جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.