خميس أسود في لبنان ينذر بصيف ساخن ضد النظام

يضع انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي حكومة حسان دياب وكافة أجهزة الدولة في لبنان أمام تحديات صعبة خاصة بعد كل ما شهده البلد الخميس، من احتجاجات متفرقة حصلت فيها اشتباكات مع قوات الجيش. ولئن تحاول السلطة البحث عن مخارج جديدة للأزمة، فإن الكثير من المراقبين يشددون على أن الشارع مصرّ على المضي قدما لإحداث تغيير في ظل تكرّر رفع شعار “يسقط النظام”.
بيروت – أدى الانزلاق غير المسبوق لليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي إلى عودة الاحتجاجات مجددا في العاصمة بيروت وفي مدن أخرى طالبت بمكافحة الفساد وبإسقاط النظام، ما دفع السلطة بدورها لعقد اجتماعات استثنائية لاتخاذ إجراءات جديدة لتلافي الانهيار الاقتصادي التام.
وسجّلت الليرة اللبنانية الخميس، انخفاضاً غير مسبوق أمام الدولار في السوق السوداء لامس عتبة الخمسة آلاف، في تدهور متسارع لبلد يشهد انهياراً اقتصاديّاً متفاقماً.
وتنذر تحركات الشارع المحتج منذ الخميس والتي شهدت اشتباكات مع قوات الجيش بصيف ساخن سيزيد في إرباك النظام وخاصة حكومة حسان دياب التي ترفع شعار محاربة الفساد.
ويأتي هذا التدهور بالتزامن مع عقد السلطات اجتماعات متتالية مع صندوق النقد الدولي أملا في الحصول على دعم مالي يضع حدّاً للأزمة المتمادية، في حين تقترب الليرة من خسارة نحو سبعين في المئة من قيمتها منذ الخريف.
كما تأتي هذه التطورات الجديدة بعدما أكدت السلطة مرارا في الأسابيع الأخيرة، سواء كان ذلك على لسان الرئيس ميشال عون أو على لسان رئيس الوزراء حسان دياب، أنها ماضية لتأمين لقمة عيش اللبنانيين عبر وثيقة للإنقاذ تهدف لمقاومة الفساد.
ويرى مراقبون أن السلطة عجزت إلى حد الآن في إقناع المحتجين بصدق نواياها بشأن المضي قدما في ضرب الفساد في أهم معاقله التي تتشابك فيها مصالح سياسية ومالية.
وأجبر حراك الخميس الحكومة على عقد مجلس طارئ للوزراء الجمعة، لمعالجة الأوضاع النقدية كان برئاسة حسان دياب، وحضره المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووفد من نقابة الصرافين.
وقال حسان دياب خلال الاجتماع، إن حكومته لن تسمح باللعب بلقمة عيش المواطن بأي شكل، مشددا على أن الأمر يعد خطا أحمر.
في المقابل، أكد عضو مجلس نقابة الصيارفة اللبناني نعيم حلاوي في مؤتمر صحافي نُظم بعد الاجتماع، أنه تم الاتفاق على ضخ الدولار النقدي للمستوردين اللبنانيين لتغطية المستلزمات الأساسية من الأغذية والأدوات الطبية وتلبية احتياجات المواطن اللبناني، وأيضا بهدف قمع السوق السوداء التي تعرقل الاقتصاد.
وقبيل الاجتماع الاسثتنائي لمجلس الوزراء عقد اجتماع آخر في قصر بعبدا ضم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب.
وقال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن الحكومة تعكف على خطوات جديدة الجمعة لتعزيز عملة البلاد، الليرة المنهارة، بهدف وصول سعر الليرة مقابل الدولار إلى ما يتراوح بين ثلاثة آلاف و3200.
لكن بري لم يحدد ما هي الخطوات التي ستتخذها الحكومة، قائلا إن “تأثيرها لن يظهر قبل يوم الاثنين”.
ونُظّمت الخميس تظاهرات تخلّلها قطع للطرق في مناطق لبنانية عدّة. وتجمّع عشرات المتظاهرين عند تقاطع رئيسي في وسط بيروت لقطعه. وهتف المتظاهرون “حرامي حرامي رياض سلامة حرامي”، في إشارة إلى حاكم المصرف المركزي اللبناني، و”الشعب يُريد إسقاط النظام”. وردّدوا شعارات جامعة وموحّدة، بعد مواجهات طائفية سُجّلت نهاية الأسبوع الماضي.
وفي تحدّ للاغلاق المفروض بسبب فايروس كورونا، قطع المحتجون الطرق الرئيسية المؤدية إلى جنوب وشمال وشرق لبنان، في ظل توتر الوضع بشكل خاص في العاصمة بيروت.
واندلعت اشتباكات بين شرطة مكافحة الشغب والمتظاهرين في ساحة رياض الصلح في بيروت القريبة من البرلمان اللبناني والقصر الحكومي حيث يقيم حاليا رئيس الوزراء حسان دياب.
وفي طرابلس، أطلق عناصر الجيش قنابل مسيلة للدموع لتفريق متظاهرين أمام فرع مصرف لبنان في المدينة، بعدما حاولوا اقتحامه، وفق الوكالة الوطنية التي أشارت إلى إصابة ثمانية أشخاص بجروح ورضوض.
وسُجّلت تحرّكات مماثلة في صور وصيدا (جنوب) حيث أضرم محتجّون النار في مستوعبات النفايات. ويشير انتشار الاحتجاجات في مناطق عدة بالبلاد إلى ما ستواجهه حكومة دياب من تحديات صعبة قد تؤدي إلى إسقاطها في الأشهر القليلة القادمة.
وفيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات، حدّدت نقابة الصرافين الخميس سعر شراء الدولار بـ3890 حدّاً أدنى والبيع بـ3940 حدّاً أقصى، في خطوة بدأتها منذ أيام بالتنسيق مع الحكومة في محاولة لتثبيت سعر الصرف على 3200 ليرة.
وبينما أغلقت العديد من محال الصيرفة أبوابها بحجّة عدم توفر الدولار، يقول البعض من الصرافين إنّ سعر مبيع الدولار في السوق السوداء بلغ خمسة آلاف ليرة الخميس بينما الشراء بـ4800.
وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، بدأ شراء الدولار صباحاً بـ4850 ليرة، وفق ما أوضح أحد الصرّافين في السوق السوداء. وفي جنوب لبنان، قال أحد المواطنين إنّه باع مبلغاً بالدولار لأحد الصرّافين بسعر 4750 ليرة للدولار.
اقرأ أيضا: