أردوغان يرسم سيناريو خاصا به للوضع في ليبيا

أنقرة- رسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيناريو خاصا به للوضع في ليبيا خلال حواره الأخير الذي بثه تلفزيون “تي.أر.تي” التركي، تضمن استبعاد قائد قوات الجيش الليبي المشير خليفة حفتر من المعادلة السياسية للبلاد رغم إدراكه جيدا لصعوبة هذا الأمر على اعتبار أن حفتر من أبرز الأطراف في الملف الليبي ولا يمكن صياغة أي حلول لإنهاء النزاع في ليبيا دون إشراكه فيها.
وألمح أردوغان إلى استبعاد حفتر من المعادلة السياسية في ليبيا على ضوء الجهود الدبلوماسية التي تجريها أنقرة مع الولايات المتحدة وروسيا.
وقال أردوغان، في رده على سؤال في ما إذا كان لحفتر مكان في العملية السياسية بليبيا في ظل المحادثات التي تجريها أنقرة مع موسكو وواشنطن، إنه “بالنسبة لي التطورات تشير إلى أنّ حفتر قد يبقى خارج المعادلة في أي لحظة، التطورات تظهر ذلك”.
وأشار أردوغان إلى أنه تباحث مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، خلال اتصاله به مساء الإثنين، التطورات في ليبيا التي أخذت حيزا كبيرا من المباحثات بينهما والتي تناولت قضايا أخرى.
لا يمكن استبعاد حفتر من المعادلة السياسية لأنه طرف أساسي في الملف الليبي ولا يمكن صياغة أي حلول من دونه
وأفاد أردوغان “قلت للرئيس ترامب: تركيا تدعم حكومة فايز السراج المعترف بها من الأمم المتحدة، ضد حفتر، وسنواصل دعمنا، وليقف من يقف مع حفتر، وإلى الآن تمت استعادة العديد من المناطق”. وأكد الرئيس التركي وجود مساعي للسيطرة على مدينة سرت الليبية بالكامل، وقاعدة الجفرة (600 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس) والتقدم على الشريط الساحلي واستعادة السيطرة على حقول النفط في الجنوب وآبار الغاز على الشريط الساحلي ولاسيما حول مدينة سرت.
واعتبر أردوغان أنّ اتصاله بترامب يشير إلى احتمالية فتح صفحة جديدة في التعاون الأميركي التركي حول ليبيا، حيث قال ”ثمة نقاط تم الاتفاق عليها”.
وشدّد أردوغان في الوقت نفسه على أهمية التواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكدا بأنه سيبحث معه ذلك. وأعرب عن انزعاجه من تأييد روسيا لمخرجات إعلان القاهرة حول ليبيا.
وقال “صرّحوا (روسيا) بعدم وجود جنود لهم على الأرض الليبية، لكن لهم 19 طائرة هناك، ولهم جنود برفقة هذه الطائرات. أريد أن أبحث هذه الأمور معه (بوتين)، وبعدها وعلى ضوء المكالمة سيتم تحديد الخطوات التي سنتخذها ورسم الخطة”.
وتأتي مبادرة “إعلان القاهرة” متناغمة مع الجهود الدولية المتعددة لحل الأزمة في ليبيا، لاسيما في ما يتعلق بالحفاظ على المؤسسات الوطنية الليبية، وتقويض التدخلات الأجنبية غير المشروعة في الشأن الليبي التي تساهم في تأجيج الأزمة، والانعكاسات السلبية لذلك على أمن واستقرار الشرق الأوسط بالكامل.
لكن في المقابل، تواصل تركيا تغذية الصراع بين الفرقاء في ليبيا وأرسلت الآلاف من العناصر المتشددة المسلحة من سوريا إلى ليبيا لدعم الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق من أجل تحقيق تقدم ميداني على حساب قوات الجيش الليبي بقيادة المشير حفتر والتي تسعى لتحقيق الاستقرار الأمني في ليبيا وإنهاء فوضى الميليشيات في العاصمة طرابلس.
وتوظف أنقرة كل أسلحتها وتسعى من خلال تكثيف تحركاتها الدبلوماسية إلى قطع الطريق أمام مبادرة إعلان القاهرة التي تجسد الجهود المصرية لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية والتي قوبلت بتأييد دولي كبير.
اعتبر أردوغان أنّ اتصاله بترامب يشير إلى احتمالية فتح صفحة جديدة في التعاون الأميركي التركي حول ليبيا
وفي نفس هذا السياق، أطلقت ميليشيات حكومة الوفاق عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة سرت على بعد 450 كلم شرق طرابلس، في خطوة تشق الجهود العربية والدولية لإرساء السلام في ليبيا إذ تأتي متزامنة مع مبادرة القاهرة.
ويؤكد المتابعون للملف الليبي أن السيناريو الذي رسمه أردوغان يصب في خانة أطماعه في ليبيا والاستفادة من دعم حكومة الوفاق ومده لها بالمرتزقة والأسلحة من أجل تحقيق هدف أكبر وأبعد من مجرد تحقيق نصر عسكري ضد قوات الجيش الليبي بل يشمل الترسيخ لوجود تركي دائم ومباشر في ليبيا ما يخدم أجندة أردوغان في التوسع إقليميا ويجعله يستفيد من موارد هذا البلد.
ويرى الباحث السياسي الليبي عبدالحكيم معتوق أن “أردوغان لديه تفاهم مع الأميركيين بشأن المضي في تنفيذ مخططه، وهو السيطرة على مصادر الطاقة في ليبيا، ويتحدث عن معركة كسر عظم في سرت وكذلك قاعدة الجفرة المهمة وسط ليبيا”.
وقال معتوق في تصريحات لقناة “سكاي نيوز عربية”، إن “إعلان أردوغان أطماعه في ليبيا عقب الترحيب الدولي بإعلان القاهرة لوقف إطلاق النار أمر مربك”.
وتابع معتوق “بعد هذا الترحيب من كل الرؤساء والمنظمات بشأن المبادرة المصرية، يبدو أن أردوغان ماض في خطته”، لافتا إلى أن “سرت تعد بوابة الحقول للموانئ النفطية”.