المناوشات مع طالبان لا تؤثر على استمرار الهدنة في أفغانستان

كابول - يتوقع مسؤولون أفغان وسياسيون ومتابعون أن تتواصل الهدنة التي أعلنتها حركة طالبان بمناسبة عيد الفطر والتي انتهت مساء الثلاثاء، وأن المناوشات القليلة بين الطرفين لن يكون لها تأثير جدي على وقف إطلاق النار الذي من المتوقع أن يستمر بشكل غير رسمي خاصة مع التقدم الحاصل في ما يتعلق بالإفراج عن مساجين طالبان.
وقعت اشتباكات بين مسلحي حركة طالبان وقوات الأمن في أفغانستان في اليوم التالي لانتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر ثلاثة أيام، لكن المسؤولين الأفغان قالوا إنها حوادث بسيطة وإن استمرار الهدنة لا يزال ممكنا.
ولم ترد طالبان على مناشدات الحكومة بتمديد وقف إطلاق النار الذي أُعلن بمناسبة عيد الفطر.
وقتل سبعة من عناصر قوات الأمن الأفغانية الخميس في هجوم نسب إلى طالبان في ولاية بروان المحاذية لكابول.
وقال قائد شرطة مقاطعة سياجيرد حيث وقع الهجوم إن “مقاتلي طالبان هاجموا نقطة مراقبة تابعة لقوات الأمن وأضرموا النار فيها ما أدى إلى مقتل خمسة من أفراد قوات الأمن وقتلوا العنصرين الآخرين بالرصاص”.
من جهتها، ذكرت وحيدة شهكار الناطقة باسم حاكم بروان أن عنصرا آخر من قوات الأمن الأفغانية أصيب بجروح، موضحة أن “طالبان أيضا تكبدوا خسائر”.
في الوقت نفسه، قال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن الحكومة شنت ضربات جوية الأربعاء في إقليم زابل بجنوب البلاد “رغم عدم قيام مقاتلي الحركة بأي هجمات”.
وأكد المتحدث باسم شرطة ولاية زابل محمد أميري أن الجيش الأفغاني شن ضربات جوية وهجوما بريا ضد “أعداء” هاجموا قافلة لوجستية في ولاية زابل (جنوب). وأعلن أن نحو 18 متمردا قضوا في العملية وأصيب ثلاثة أطفال بجروح.
وتوصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع طالبان على سحب القوات الأميركية بعد خوضها حربا في أفغانستان على مدى أكثر من 18 عاما، تاركة الحكومة الأفغانية لتتفاوض على اتفاق للسلام مع المتشددين الإسلاميين لإنهاء الحرب. لكن الصراع لم ينحسر حتى الآن، وجاء وقف إطلاق النار إثر عطلة العيد في وقت شهد قتالا مكثفا.
ومنذ انتهاء الهدنة رسميا، مساء الثلاثاء، يقول مسؤولون كبار في الحكومة الأفغانية إن الطرفين ارتكبا بعض الانتهاكات لكنها لا ترقى إلى الحكم بفشل جهود مواصلة وقف إطلاق النار.
وقال جاويد فيصل، المتحدث باسم مستشار الأمن القومي الأفغاني، “وقف إطلاق النار لم ينته بعد، وقعت انتهاكات لأنها عملية فنية معقدة تتطلب تنسيقا جيدا بين الطرفين”.
وذكرت اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان أن عدد الضحايا المدنيين انخفض بنسبة ثمانين في المئة خلال فترة وقف إطلاق النار في الأيام الثلاثة الماضية، مع تراجع معدل الضحايا من ثلاثين مدنيا إلى ستة مدنيين بين قتلى وجرحى. وجاء هذا الهدوء خصوصا بعد تصاعد كبير في أعمال العنف بالبلاد.
وأفرجت السلطات الأفغانية الاثنين والثلاثاء عن ألف سجين من طالبان أملا في أن يؤدي ذلك إلى تمديد الهدنة. لكن المتمردين لم يعلنوا بعد موقفهم من المسألة.
وقال المحلل السياسي سيد نصير موسوي، الذي يقيم في كابول، إن حركة “طالبان لن تعلن عن وقف آخر لإطلاق النار رسميا لأنها تعتقد أن الحرب والقتال يخدمان مصالحها”. وأوضح أنه “بشكل غير رسمي، وقف إطلاق النار هذا سيستمر وسنواصل رؤية خفض كبير في العنف”.
وأعلن فيصل أن وفدا من طالبان زار كابول الخميس لإجراء محادثات بشأن تبادل سجناء مع السلطات الأفغانية.
وتبادل السجناء يجري بموجب اتفاق الدوحة الذي وقع بين طالبان وواشنطن في أواخر فبراير الماضي لكن الحكومة الأفغانية لم تصادق عليه.
وينص الاتفاق على أن تفرج كابول عن خمسة آلاف سجين من طالبان مقابل إفراج الحركة عن ألف سجين من القوات الأفغانية. وهو يقضي أيضا بانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان خلال فترة 14 شهرا مقابل ضمانات أمنية من المتمردين.
لكن عملية تبادل الأسرى هذه واجهت عراقيل وتأخر تنفيذها. وقبل الهدنة، أفرجت كابول عن نحو ألف سجين فيما أطلقت طالبان سراح نحو 300.
وهذا أول وقف لإطلاق نار يعلن بمبادرة من طالبان منذ أن أخرجها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة من السلطة في 2001.
وشهدت أفغانستان أول وقف لإطلاق النار في يونيو 2018 بمبادرة من الرئيس أشرف غني أيضا لمناسبة عيد الفطر ودام ثلاثة أيام.
كما احترمت طالبان هدنة جزئية من تسعة أيام بين 22 فبراير و2 مارس 2020 تزامنا مع توقيع اتفاق الدوحة.