إيران تلعب ورقة التصعيد الدبلوماسي مع الولايات المتحدة

رأى مراقبون للشأن الإيراني أنّ زجّ طهران بورقة التصعيد الدبلوماسي مع واشنطن على خلفية قرار الرئيس دونالد ترامب بالرد على أيّ استفزاز في مياه الخليج لن تكون له ارتدادات كبيرة في الخارج، بقدر ما هي رسائل موجهة للداخل لصرف الأنظار عن الأزمات التي تعاني منها البلاد بسبب سياساتها العدائية مع جيرانها.
طهران- اختارت إيران الزجّ بورقة التصعيد ضد الولايات المتحدة من بوابة الدبلوماسية، في تحرّك يرى متابعون أنه مجرد بالون اختبار الهدف منه قياس ردّة فعل الرئيس دونالد ترامب وما إذا كان لديه نيّة للتضييق أكثر على أنشطة طهران العدائية.
وقلّل مراقبون من أهمية استدعاء وزارة الخارجية الإيرانية الخميس السفير السويسري في طهران، الذي يرعى المصالح الأميركية في البلاد بسبب التوتر الذي نشب مؤخرا بين طهران وواشنطن.
واعتبر كثيرون أنه في هذا الأسلوب حركة استعراضية يريد من خلالها المسؤولون الإيرانيون طمأنة الداخل أكثر ممّا هي رسائل موجّهة إلى الولايات المتحدة أو الدول الحليفة لها.
وكان ترامب قد أعلن الأربعاء الماضي، أنه أصدر تعليمات بتدمير أيّ زوارق إيرانية تتحرش بالسفن الأميركية في مياه الخليج العربي، في أحدث حلقات التلاسن الدبلوماسي بين العدوين اللدودين.
وكتب الرئيس الأميركي على حسابه على موقع تويتر يقول “لقد أصدرت تعليمات للبحرية الأميركية بإطلاق النار وتدمير أي وجميع الزوارق الحربية الإيرانية، إذا ما تحرشت بسفننا في البحر”.
وردا على تلك التصريحات أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي الخميس أن بلاده استدعت السفير السويسري لدى طهران باعتباره راعي المصالح الأميركية، مقدّمة له مذكرة احتجاج “شديدة اللهجة” على التهديدات الأميركية الأخيرة.
وتسلّم السفير ماركوس لايتنر رسالة لنقلها للولايات المتحدة مفادها أن إيران ستدافع بقوة عن حقوقها الملاحية في الخليج وستردّ على أيّ تهديدات.
وندّدت طهران في المذكرة “بتهديدات القوات الأميركية، بما في ذلك تواجد أسطولها البحري قرب المياه الشمالية للخليج العربي وسواحل إيران وإجراءاته غير القانونية والمزعزعة للاستقرار”.
ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية تسنيم للمتحدث الإيراني قوله إن “المذكرة تتضمّن تذكير الإدارة الأميركية بضرورة مراعاة القوانين الدولية لسلامة الملاحة وحرية الملاحة من قبل جميع الأطراف”.
وأضاف “لقد تم تحذيرها (الولايات المتحدة) بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وضمن دفاعها المقتدر عن حقوقها البحرية، ستردّ بكل ما هو مناسب على أيّ تهديد وإجراءات غير قانونية وعدوانية في منطقة الخليج وبحر عمان”.
ويأتي الموقف الإيراني القديم الجديد فيما يذهب المراقبون إلى التأكيد على أن سياسة ترامب تقوم على تطويق طهران دبلوماسيا والضغط عليها بفرض عقوبات جديدة، وليس عبر ضربات عسكرية خاطفة في داخل البلاد.
ولكنهم أشاروا إلى أن ردّة فعل الإدارة الأميركية كانت واضحة بتعقّب رؤوس النظام الإيراني في الخارج تماما كما حصل مع استهداف قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني قبل أشهر في مطار بغداد قادما من دمشق.
وتبادلت البحرية الأميركية والحرس الثوري الإيراني خلال الأيام الماضية الاتهامات بالتحرش بسفن كل جانب منهما الآخر في الخليج.
وأعلنت القوات البحرية الأميركية، تعرّض سفن حربية تابعة لها في الخليج العربي، في الـ16 من أبريل الحالي، للتحرش من قِبل قوارب للحرس الثوري الإيراني.
وهذا الأمر اعتبرته السلطات الإيرانية، المتهمة بإشعال نار الفوضى في الشرق الأوسط وبتدخلّها في شؤون دول المنطقة، استفزازا أميركيا في وقت يتطلّب فيه حشد الجهود من أجل مكافحة وباء كورونا المستجد، والتي تعدّ إيران بؤرة له.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر أن القوات التابعة للأسطول الأميركي في الخليج العربي، تستفزّ بلاده.
وأشار ظريف إلى إصابة خمسة آلاف جندي أميركي بفايروس كورونا، داعيا ترامب إلى تأمين احتياجات جنوده، بدلا من الاستماع لتهديدات “إرهابيي صدّام”، في إشارة إلى منظمة مجاهدي خلق المناهضة لإيران.
وأوضح في تغريدته أنه لا يحق للقوات الأميركية استفزاز البحرية الإيرانية في الخليج العربي.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لطالما ألحّوا على واشنطن لاتخاذ موقف صارم ضد إيران وسلوكها المزعزع للاستقرار والمهدد لبلدان يفترض أنها تاريخيّا داخل الخندق الأميركي.
ولم تكن إيران جادّة في نسج علاقات ودّ صادقة مع دول الجوار، لكنها كانت معنية بإظهار تباين في الموقف ما بين دول المنطقة والولايات المتحدة، ومهتمة بتسريب معلومات حول أيّ تواصل حقيقي أو مزعوم يجري بغية تقوية أوراقها ضد الأميركيين، وتحصين جبهتها الداخلية من خلال الترويج إلى أنها دولة مهمة وليست معزولة.