خلافات حادة تفضي إلى انشقاق داخل الحشد الشعبي

بغداد – خرجت الخلافات الجارية منذ مدّة داخل الحشد الشعبي العراقي إلى العلن، بإعلان مجموعة من الألوية انفصالها عن هيئة الحشد والتحاقها إداريا بمكتب القائد العام للقوات المسلّحة.
وتأسس هذا الهيكل المكوّن في غالبيته العظمى من ميليشيات شيعية سنة 2014 استنادا إلى فتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني بهدف مواجهة تنظيم داعش الذي غزا في تلك السنة مساحات شاسعة من شمال وغرب العراق وهدّد العاصمة بغداد، لكنّه تضخّم كثيرا وتحوّل إلى هيكل أمني دائم وبات سلاحه بمثابة معضلة للدولة العراقية، خصوصا وقد امتلك سلطات سياسية كبيرة لا تتناغم بالضرورة مع سياسات العراق ومصالحه بالنظر لولاء العديد من كبار قادته وداعميه السياسيين لإيران.
والألوية التي أعلنت فكّ ارتباطها بهيئة الحشد الشعبي هي كلّ من “اللواء الثاني، تشكيلات فرقة الإمام علي القتالية”، و“اللواء الحادي عشر، العتبة الحسينية”، و“اللواء السادس والعشرين، العتبة العباسية”، و“اللواء الرابع والأربعين، أنصار المرجعية”، وتنتمي جميعها لما يعرف بـ“قوّات العتبات” وهي مرتبطة بالمرجعية الدينية التي يمثّلها علي السيستاني وتتبنّى رؤيته بعدم السماح بوجود سلاح خارج على إمرة الدولة، وهنا أحد مواضع الخلاف مع الحشد الشعبي الذي يحمل كبار قادته ولاء شيعيا أشمل يمتّد إلى إيران ومراجعها الدينية والسياسية.
وعلى هذه الخلفية أعلنت الألوية المنسحبة من هيئة الحشد ارتباطها المباشر إداريا وعملياتيا بمكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي هو رئيس الوزراء نفسه، مثل سائر تشكيلات القوّات النظامية.
وتقول مصادر عراقية مطّلعة إنّ الخلافات بين ألوية العتبات وهيئة الحشد الشعبي قد استشرت منذ اختيار أبوفدك المحمداوي في فبراير الماضي، ليتولى منصب نائب رئيس الهيئة رئيسا للأركان خلفا لأبومهدي المهندس الذي قتل في يناير الماضي مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بغارة أميركية خارج مطار بغداد.
ويوصف أبوفدك بأنّه من صقور الموالاة لإيران ومن المقربين لقاسم سليماني، وهو بالتالي من دعاة الحفاظ على هيئة مستقلّة للحشد، وغير خاضعة فعليا في تسليحها وتمويلها وتنظيمها وضبط حركتها لسلطة الدولة.
ويقول المحلل السياسي والأمني إحسان الشمري إنّ “هنالك توجها لدى المرجعية الدينية بربط قوات العتبات الدينية بالمؤسسة الأمنية العسكرية الرسمية”، ويشير متحدثا لشبكة رووداو الإعلامية إلى أنّ “المرجعية الدينية تؤيد انخراط من لبّى نداء فتوى الجهاد الكفائي بالمؤسسات الرسمية وعدم تعدد القوات والسلاح داخل الدولة العراقية”.
ويوضّح أن “طبيعة الخلافات بين ألوية العتبات الدينية والحشد الشعبي وصلت إلى طريق مسدود، لذلك وجدت الألوية أن الذهاب نحو وزارة الدفاع خير ما ينهي هذه الخلافات”، مبينا أن “أحد أسباب هذا الإجراء هو عجز رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي عن تهدئة الأمور وإيجاد توافق بين هذه الألوية ورئاسة هيئة الحشد الشعبي”.
ويضيف الشمّري “من الأسباب الأخرى لهذا الانفكاك، هو أن عملية اختيار البديل لنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، أعطت مؤشرات تفيد بأنه لا يحظى بتأييد”.