صلاحيات إضافية للمؤسسة العسكرية في مصر على خلفية كورونا

القاهرة- أقر البرلمان المصري جملة من التعديلات على قانون الطوارئ للتعامل مع الأوضاع الجديدة التي فرضها تفشي وباء كورونا، وأعطى أدوارا جديدة للجهات العسكرية في التعامل مع ضبط المخالفين للقانون، في ظل تخوفات من إمكانية استغلال خلايا إرهابية نائمة حالة الحظر الجزئي المفروضة على البلاد منذ منتصف الشهر الماضي.
وفرضت جائحة كورونا طقوسها على الكثير من الدول، وجعلت البعض يلجأ إلى تغيير قوانين راسخة للتكيف مع انعكاساتها غير المتوقعة، ومنح جهات رسمية القيام بمهام تمكنها من التعامل مع المستجدات بهدف سد ثغرات أو استثمار اللحظة لتوسيع الصلاحيات.
ومكنت التعديلات الجديدة التي أقرت مساء الثلاثاء، النيابة العسكرية من مساعدة جهات التحقيق المدنية في الوقائع والجرائم التي يتم ضبطها عبر القوات المسلحة، وأفسحت المجال أمام دعم القضاة العسكريين في بعض الجرائم المرتكبة مع تطبيق قانون الطوارئ على أن يكون التصرف النهائي للمحاكم الجنائية.
وقالت مصادر مصرية لـ”العرب” إن الأجهزة الاستخباراتية لديها معلومات بشأن إمكانية نشاط العناصر الإرهابية بالتزامن مع انشغال الدولة بالتعامل مع المشكلات الصحية، وقد يكون شهر رمضان فرصة لبعض العناصر السلفية التي لديها اتصالات مع تنظيمات مسلحة لتأليب المواطنين ضد الحكومة وخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني الداخلي.
تفرض مصر حالة الطوارئ منذ ثلاث سنوات، وتمددها بقرار إجرائي يتخذه رئيس الجمهورية كل ثلاثة أشهر، لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله
وأكد عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي صلاح فوزي لـ”العرب” أن القوات المسلحة تشارك في ضبط الأمن العام وفقا لإجراءات الطوارئ، ومشاركتها في الإجراءات القضائية إلى جانب محكمة أمن الدولة المخصصة لحالات الطوارئ عملية طبيعية، وسوف تحيل القضايا الواردة إليها من قبل عناصر الجيش إلى المحكمة الجنائية بعد النظر فيها.
تعد هذه هي المرة الثالثة التي تقوم فيها الحكومة المصرية بتعديل قانون الطوارئ الصادر في العام 1958، إذ جرى تعديل القانون لأول مرة قبل عام تقريبا من اندلاع حرب أكتوبر 1973، ثم عدّله مرة أخرى الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1982، أي بعد عام من توليه السلطة، ووسع من إجراءات التقييد ووضع نصا بحبس المخالفين لمدة تصل إلى 15 عاما.
شملت التعديلات التي أقرها البرلمان بعض التدابير الجديدة لمواجهة فايروس كورونا، حيث منح لرئيس الجمهورية أو من يفوضه “اتخاذ كل أو بعض هذه التدابير لمواجهة حالة الطوارئ الصحية، ومنها تعطيل الدراسة بالجامعات والمدارس، وتعطيل العمل كليا أو جزئيا بالوزارات والمصالح، وتأجيل سداد مقابل خدمات الكهرباء والغاز والمياه جزئيا أو كليا”.
وأوضح صلاح فوزي لـ”العرب” أن المذكرة الإيضاحية للتعديلات هدفت إلى توصيل رسالة للمواطنين بأن الحكومة جادة في إجراءاتها التصعيدية التي تستهدف إلزامهم بقرارات مكافحة الوباء، لكنها في الوقت ذاته لن تسمح بأن يتسبب ذلك في مشكلات قانونية للمواطنين، والتأكيد على أن تعديلات القانون مكتملة لتواجه جميع المعوقات التي تسببت فيها إجراءات التقييد.
وذكر مجلس النواب المصري أن التعديلات تأتي في سياق الظروف التي فرضها انتشار فايروس كورونا، حيث وضع شعوب العالم أمام تحديات ضخمة، وألقى بظلاله السلبية على المجتمع الدولي بأسره، واتخذت دول العديد من التدابير التي تناسب حالتها.
وتأتي خطوات البرلمان المصري بعد أيام قليلة على تصفية قوات الشرطة لخلية إرهابية في حي الأميرية (شمال شرق القاهرة) حاولت استهداف دور عبادة مسيحية بالتزامن مع أعياد الأقباط، ما يفرض حضورا أكبر للجيش الذي يتعاون مع قوات الشرطة لمجابهة الإرهاب.
وتسعى القاهرة للحفاظ على ما تحقق من نجاحات أمنية في مجابهة التنظيمات الإرهابية مؤخرا، وتحاول قطع الطريق على محاولات لاستغلال انشغال قوات الشرطة بفرض حالات الحظر المتعبة، وإحداث فوضى مع تزايد دعوات التحريض ضد مؤسسات الدولة من قبل وسائل إعلامية محسوبة على تنظيم الإخوان.
وتفرض مصر حالة الطوارئ منذ ثلاث سنوات، وتمددها بقرار إجرائي يتخذه رئيس الجمهورية كل ثلاثة أشهر، لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، ومتوقع أن يصدر قرار جديد بتمديد حالة الطوارئ في 27 أبريل الجاري، وهو الموعد المقرر لانتهاء آخر تمديد قبل ثلاثة أشهر، ما يفسر إقدام مجلس النواب على خطوة التعديل في أول جلسة عقدها منذ توقفه لمدة شهر إثر اتخاذ الحكومة إجراءات احترازية لمواجهة انتشار كورونا.
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان أحمد إسماعيل إن التعديلات الجديدة راعت الظروف الصحية والأمنية التي تعاني منها البلاد، ورأت الجهات المختصة ضرورة أن تكون هناك مساهمات أكبر من قبل قوات الجيش لتأمين الجبهة الداخلية، وقد ترتبت على ذلك الحاجة إلى تعديلات تتيح اتخاذ إجراءات حاسمة ضد العناصر التي تشكل خطرا على الأمن العام.
وأضاف لـ”العرب” أن التعديلات تعاملت بشكل سريع مع المشكلات التي واجهتها قوات الشرطة أثناء تطبيق الإجراءات الاحترازية، وسوف تشهد الفترة المقبلة تفعيل الضبطية القضائية للشرطة العسكرية للتعامل مع أي عناصر تحاول الإخلال بالأمن خلال ساعات حظر التجوال، والمساهمة في زيادة نسب التزام المواطنين بالحظر.
وشدد السيسي الأسبوع الماضي على أن الدولة “ستواجه بكل حزم أي مخالفات أو تجاوزات تضر بمصلحة الوطن والمواطنين حتى نتجاوز المحنة بسلام ونحافظ على ما حققناه من نجاح حتى الآن”.