إيران تهرب إلى الأمام في مواجهة انتقادات بعدم الاستثمار في القطاع الصحي

تراشقت إيران والولايات المتحدة مجددا بالاتهامات حول أسباب تدهور الوضع الصحي في البلدين حيث قالت طهران إن الأميركيين يعتمدون سياسة الإسقاط ضد الآخرين للتغطية على مشاكلهم في خطوة تؤكد أن مواجهة العدو المشترك والخفي للبلدين لا تؤجل الصراعات بينهما.
جون غامبريل
طهران – قالت إيران، الأربعاء، إن الولايات المتحدة تعتمد سياسة “الإسقاط ضد الآخرين للتغطية على مشاكلها” وذلك في رد على انتقادات وجهها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لإيران بشأن عدم الاستثمار في القطاع الصحي بعد تفاقم أزمة كورونا في طهران ومحاولة السلطات التخفي وراء العقوبات للتخلص من تبعات فشل سياساتها.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور ”وزارة الخارجية الإيرانية تتولى قطعا مسؤولية الرد الدبلوماسي على هذه المزاعم، لكن ما يتعلق بالجانب الصحي، هو أن الأميركيين ينتهجون سياسة الإسقاط ضد الآخرين، للحد من توسع الإحباط بين مواطنيهم، وللتغطية على مشاكلهم”.
وحتى في الوقت الذي تواجهان فيه عدوا مشتركا وهو فايروس كورونا، تبقى إيران والولايات المتحدة محاصرتين في حملات الضغط الانتقامية التي تنظر إلى تفشي المرض كعامل يحدّد أجدّ ساحة معركة بينهما.
وتسعى طهران إلى التأثير على الرأي الدولي حول العقوبات الأميركية من خلال تسليط الضوء على صراعاتها مع فايروس كوفيد – 19.
وطلبت 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في وقت تواصل فيه تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز الحدود الواضحة في الاتفاق النووي الذي أبرم سنة 2015.
وفي المقابل، تصرّ الولايات المتحدة، التي انسحبت من جانب واحد من الاتفاق النووي في 2018 تحت حكم الرئيس دونالد ترامب، على أن المساعدات يمكن أن تصل إلى طهران على الرغم من تأكيد منظمات أن عقوبات واشنطن تعطل حتى التجارة المسموح بها.
طهران تسعى إلى التأثير على الرأي الدولي حول العقوبات الأميركية من خلال التركيز على صراعاتها مع كورونا
ويغطي الوباء على خطر الصراع المفتوح بين الدولتين.
ويقول البعض إن الخطر وصل إلى مستويات مرتفعة مثل تلك التي سُجّلت إثر الغارة التي شنّتها الولايات المتحدة في يناير والتي قتلت قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق.
وقالت الباحثة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ماهسا روهي “بعد تصفية قاسم سليماني، اعتقد الجميع أن الحرب ستندلع، لكن لم يحدث شيء. ولم تعد الأمور إلى طبيعتها. عدنا إلى وضع يمكن لأي خطوة فيه أن تتصاعد إلى الصراع”.
ويمكن أن تبدو التوترات الحالية تافهة مقارنة بالوباء الذي أصاب مليوني شخص وقتل أكثر من 120 ألف آخرين في أنحاء العالم، وفي إيران تجاوزت حصيلة الوفيات عتبة الـ4700 شخص.
وفي الليلة التي ردت فيها إيران على تصفية سليماني، أسقطت إيران طائرة أوكرانية مما أسفر عن مقتل 176 شخصا كانوا على متنها.
وبينما كان صامتا في أيام تفشي المرض الأولى في إيران، بدأ وزير الخارجية محمد جواد ظريف حملة منسقة تستهدف العقوبات الأميركية.
وكانت طريقة لإعفاء الحكومة الإيرانية من مسؤولية تفش للعدوى لم تحتويه، لكن مزاعم ظريف عن إرهاب الولايات المتحدة الطبي سلطت الضوء على التحدي الذي تواجهه طهران في الحصول على بعض الإمدادات الطبية.
وفي حين تقول الولايات المتحدة إن المساعدات الطبية والإنسانية تستطيع الوصول إلى إيران، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن القوانين الأميركية تؤثر على وصول إيران إلى المعدات الحيوية.
وفي 6 مارس، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية توجيهات بعدم تطبيق العقوبات على المعاملات التي تشمل أصول إيران بالعملات الأجنبية المحتجزة في الخارج عند استعمالها لشراء لوازم إنسانية.
كما أصدر المكتب تراخيص عامة تسمح بتصدير “بعض السلع الغذائية والأدوية والمعدات الطبية الأساسية إلى إيران”، دون الحاجة إلى ترخيص إضافي محدّد. لكن، وبما أنّ الإعفاءات لم تعد متاحة لشراء النفط الإيراني، بالإضافة إلى العقوبات ضدّ بنكها المركزي، كان حصول إيران على العملة الأجنبية لشراء الإمدادات الطبية التي تحتاجها من السوق الدولية محدودا.
وفي الوقت نفسه، تبقى الشركات الدولية حذرة من مخالفة العقوبات الأميركية حتى بالنسبة للمعاملات المرخصة مع إيران. وقال أوليفييه فانديكاستيلي، مدير منظمة الإغاثة الدولية في إيران، في بيان، “تكمن إحدى مشكلات المساعدات الدولية في توضيح المسائل القانونية المتعلقة بالعقوبات لضمان إمكانية نقل الإمدادات الطبية والأدوية إلى إيران. وعطّل هذا الاستجابة الصحية في أسابيع تفشي المرض الأولى”.
ودعت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه لدعم حقوق الملايين من الناس الذين يعيشون في بلدان تخضع لعقوبات اقتصادية إلى “تخفيف العقوبات القطاعية أو تعليقها لأسباب تتعلّق بالصحة العامة العالمية، وإلى تعزيز حقوق الملايين في هذه البلدان وحماية حياتهم في ظلّ تفشي وباء عالمي يؤدي تقويض الجهود الطبية المبذولة فيه إلى تفاقم المخاطر بالنسبة إلى البلدان كافة”.
وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن دولا أوروبية سلمت معدات طبية إلى إيران في أول معاملة عبر آلية إنستكس للمقايضة التجارية التي تسمح بالالتفاف على العقوبات
الأميركية.
كما تبرّعت الصين، مثل دول الخليج التي كانت تشعر بالقلق من دور إيران في نشر الفايروس في دولها.
وفي غضون ذلك، تصرّ إيران على أنها تستطيع أن تنتج أقنعة وقفازات، وهو أمر جادلت الولايات المتحدة بأنه يقوّض طلب طهران لصندوق النقد الدولي، والذي سيكون أول قرض لها منذ 1962.
ويأتي كل هذا في وقت تواصل فيه إيران إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب بمعدات ومواقع محظورة بموجب الاتفاق النووي. وكرّر رئيس برنامجها النووي مؤخرا تهديدا بإمكانية انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي.