شقاق وتنافس يحتدمان بين فصائل الحشد الشعبي

تعيين المحمداوي قائدا للحشد الشعبي ونقص الأموال الإيرانية يزيدان من الشروخ والانقسامات داخل الفصائل المسلحة.
الأربعاء 2020/04/01
مجرد بداية لتفكك الحشد

كشف التنافس والشقاق، اللذان دبا بين فصائل الحشد الشعبي العراقي للظفر بمنصب القيادة لهذه القوة الموالية لإيران عن مدى اشتداد الخناق عليها وتخبطها وارتباكها بعد أن رفضت فصائل الاعتراف بزعامة القائد المخضرم عبدالعزيز المحمداوي الملقب بأبوفدك، بينما فضّل زعماء ميليشيات أخرى التواري عن الأنظار خوفا من الاستهداف الأميركي لهم.

بغداد - أدى وضع أحد قادة الفصائل العراقية، الذي تلقى تدريبا إيرانيا، يده على مكتب رئيسه أبومهدي المهندس، الذي سقط قتيلا قبل أسابيع مع القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية إلى انقسامات في فصائل في الحشد الشعبي.

وكان أمل الكثيرين من رجال الفصائل الموالين لإيران أن يكون هذا هو الحل لمشاكلهم، وأن يخلف ذلك القائد المخضرم عبدالعزيز المحمداوي المهندس كقائد عام للفصائل المسلحة العراقية التي تفرّقت بعد مقتل القائديْن.

ورفضت الفصائل الاعتراف بالمحمداوي المعروف باسم أبوفدك قائدا لقوات الحشد، التي تنضوي الفصائل تحت لوائها، بل إن البعض في فصيله، كتائب حزب الله، عارض ارتداءه عباءة القيادة.

وفرض مقتل سليماني والمهندس في يناير الماضي تحديا للفصائل المدعومة من إيران في العراق حيث تريد الولايات المتحدة تقليص نفوذ إيران عدوها في المنطقة.

والآن تتحدث مصادر في الفصائل بقوات الحشد وقادة جماعات أقلّ قربا من إيران عن خلافات متزايدة على القيادة وتقلّص الأموال الإيرانية الأمر الذي يحبط محاولات الوحدة في مواجهة الظروف المعاكسة.

وتزيد الخلافات من سرعة التراجع على الساحة السياسية حيث أصبح قادة الفصائل يختبئون خوفا من أن تغتالهم الولايات المتحدة ومن مواجهة معارضة مناهضة لإيران في الشوارع بعد أن كانوا يسيطرون على مناصب في الحكومة والبرلمان.

ويواجه القادة تنصيب رئيس وزراء ينهج نهجا مماثلا للنهج الأميركي، ويشير إلى أنه سيعمل على وقف هيمنة الجماعات التي تعمل بالوكالة لحساب إيران.

وصعّدت الفصائل هجماتها على القوات العاملة تحت قيادة أميركية في العراق بعد ما واجهتها من مشاكل. ويقول مسؤولون غربيون عسكريون ودبلوماسيون إن ذلك يثير إمكانية حدوث تصعيد بين الولايات المتحدة وإيران لن تتمكن بغداد من وقفه.

وكان محور الانقسامات هو قيادة قوات الحشد الشعبي، التي شكلت لمحاربة تنظيم داعش المتطرف بعد أن دعا المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني كل القادرين إلى حمل السلاح للتصدي للمتشددين من السنّة.

وتضم قوات الحشد الشعبي التي تموّلها الدولة العشرات من الفصائل أغلبها من المذهب الشيعي، ولها ولاءات مختلفة غير أن الفصائل القوية التي تتلقى أوامرها من إيران تهيمن على الحشد، ومنها كتائب حزب الله التي كان المهندس قائدها ومنظمة بدر وحركة النجباء وغيرها.

وكان لسليماني القول الفصل في أقوى الفصائل الشيعية. غير أن فقدان المهندس القائد العسكري لقوات الحشد الشعبي كان له مغزى أكبر لدى هذه الجماعات، إذ كان شخصية يلتفّ حولها الجميع.

وفي فبراير أعلنت كتائب حزب الله أن المحمداوي سيصبح القائد العسكري للحشد. والآن يعمل في مكتب المهندس القديم في بغداد وفقا لما يقوله مصدر كبير في الفصيل طلب إخفاء هويته قبل الحديث عن الخلافات بين الفصائل.

وقال مصدر مطلع لوكالة رويترز إن ذلك “خلق انقسامات بما في ذلك داخل الكتائب”.

ووصف المصدر ومسؤولان آخران من الفصائل تحول التحالفات بما في ذلك تحولات في صفوف فصيلين مؤيدين لإيران. وقالوا إن الانقسامات تدور حول خلافة المهندس وأوجه إنفاق الأموال الإيرانية، للعمل العسكري أم للنفوذ السياسي.

وقال المصدر الأول “معسكر في الكتائب بقيادة أبوفدك. ومعسكر آخر يعارضه يسيطر على قوات الحشد الشعبي”.

وأضاف “في (منظمة) بدر، جناح يؤيده وكان مقرّبا من المهندس وجناح آخر لا يؤيده وهو الجناح السياسي”.

ولم تقدّم المصادر تفاصيل عن تخفيض التمويل الوارد من إيران التي تضرّرت بشدة من انتشار فايروس كورونا والعقوبات الأميركية.

وقالت المصادر إن من شأن الخلافات أن تبدأ الفصائل في شنّ هجمات من تلقاء نفسها دون التشاور مع بعضها بعضا.

وفي إشارة إلى هجوم أسفر عن مقتل جنديين أميركيين وجندي بريطاني في مارس الماضي، قال مسؤول “لم يوافق الكل على استهداف قاعدة التاجي العسكرية”. وأضاف “بعض الجماعات تعمل دون التشاور مع التسلسل القيادي في الحشد الشعبي”.

وتتحدث مصادر الفصائل عن انقسام إضافي في الحشد الشعبي. فقد رفضت عدة فصائل أقرب إلى السيستاني، الذي يعارض هيمنة إيران على الحشد الشعبي، علنا تولّي المحمداوي القيادة في فبراير، وذلك في تحد نادر الحدوث للمعسكر الموالي لإيران.

وقال قادة تلك الفصائل إنهم اتفقوا من حيث المبدأ بعد ذلك مع وزارة الدفاع على الاندماج في القوات المسلحة في خطوة من شأنها أن تفصلهم عن الفصائل المدعومة من إيران. وأكد مصدر مقرّب من السيستاني إن مكتبه بارك تلك الخطوة.

الشارع أيضا يرفض تغول الميليشيات
الشارع أيضا يرفض تغول الميليشيات

وفي خضم ذلك يعتري القلق الفصائل المدعومة من إيران، وقال المصدر الأول بالفصائل “إذا كان السيستاني يؤيد ذلك فربما يقتدي به 70 في المئة من المقاتلين من ذوي الرتب الأقلّ في كل الفصائل إذ أنهم لم ينضموا إلا تلبية لفتواه”.

ولا يمكن لأي من هذه الخطوات أن تكتسب الصفة الرسمية إلى أن تتولى حكومة جديدة السلطة. غير أن نوابا ومسؤولين في الحكومة يقولون إن من المرجّح أن يوافق عليها رئيس الوزراء المكلّف عدنان الزرفي هذا الشهر، وذلك نتيجة لضعف الفصائل المؤيدة لإيران.

وقال نائب من أكبر تكتل في البرلمان العراقي طالبا عدم نشر اسمه “من قبل كان بإمكان الفصائل والساسة المدعومين من إيران فرض من يختارونه رئيسا للوزراء”.

وأضاف “أما الآن فلا يمكنهم حتى الاتفاق في ما بينهم على من يريدونه لهذا المنصب”، مضيفا أن كثيرين يفضّلون أن يشغل الزرفي هذا المنصب.

3