ضغوط تجبر إيران على تقديم تنازلات للسجناء السياسيين

أجبرت ضغوط منظمات حقوق الإنسان السلطات الإيرانية على الإفراج عن الآلاف من السجناء والمعتقلين السياسيين بشكل احترازي خشية إصابتهم بفايروس كورونا المستجد، والذي تسبب في حالة ارتباك لطهران على كافة الأصعدة وظهرت آثار الأزمة بوضوح في إدارة دواليب الدولة المحاصرة داخليا وخارجيا بسبب سياساتها العدائية تجاه جيرانها العرب.
طهران – اضطرت إيران إلى اتخاذ خطوة الإفراج عن الآلاف من المعتقلين في سجون البلاد بعد أيام فقط من ضغوط لمنظمات حقوقية خشية حصول كارثة إنسانية بسبب تفشي وباء كورونا المستجد وخروجه عن السيطرة.
وأعلن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية الثلاثاء أنه تم منح إجازة مؤقتة لنحو 85 ألف سجين، وذلك في ظل انتشار الفايروس في البلاد.
وانتشر الفايروس في جميع أنحاء إيران، ويُشكل خطرا متزايدا في المؤسسات المغلقة. وللحد من خطر انتقال العدوى والوفيات، وجدت السلطات نفسها مجبرة على اتخاذ الخطوة ودعم التدابير داخل المؤسسات السجنية وضمان حصول جميع المحتجزين فيها على الرعاية الطبية المناسبة.
ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) إلى المتحدث غلام حسين إسماعيلي قوله خلال مؤتمر صحافي عقده في طهران عبر الفيديو إنه “تم إعطاء هذه الإجازة للسجناء لمغادرة السجن مؤقتا بسبب كورونا وأعياد رأس السنة الفارسية (نوروز)”، التي تبدأ في الـ21 من مارس الجاري.
وأوضح أن “القرار شمل نحو 85 ألف سجين، بينهم سجناء أمنيون، وأن نصف السجناء الأمنيين منحوا إجازة”. ولكن المتحدث لم يكشف بالتحديد ما إذا كان مع هؤلاء السجناء معتقلون بسبب آرائهم ومواقفهم ضد النظام.
وأعلنت إيران الاثنين ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن كورونا في إيران إلى 853 والمصابين إلى 15 ألفا، غير أن الحصيلة مرشحة للارتفاع.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد قالت في بيان نشرته نهاية الأسبوع الماضي على موقعها الإلكتروني إن على سلطات السجون الإيرانية تسهيل الإفراج المؤقت عن جميع السجناء المؤهلين والإفراج غير المشروط عن الأشخاص المحتجزين بسبب معارضتهم السلمية، وذلك بسبب تفشي كورونا”.
وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش مايكل بَيْج “يزيد خطر وباء كورونا من الخطر على صحة وسلامة السجناء السياسيين، الذين لم يكن ينبغي سجنهم أصلا”.
وأضاف “ينبغي للسلطات التعجيل بالإفراج عن العشرات من السجناء المحتجزين ظلما الذين لا يزالون خلف القضبان والسماح بالإفراج المؤقت عن السجناء المؤهلين الآخرين”.
وتشهد إيران واحدة من أسرع حالات تفشّي عدوى فايروس كورونا خارج الصين، مع الإبلاغ عن العديد من الحالات لمحتجزين تظهر عليهم الأعراض في أنحاء البلاد.
ورغم إعلان السلطات القضائية الإفراج عن هؤلاء السجناء لا يزال العشرات من المدافعين الحقوقيين وغيرهم من المحكومين بسبب جرائم ذات تعريف فضفاض متعلقة بالأمن القومي في السجن. وقالت أُسرهم إنها قلقة على صحة وسلامة أحبائها المحتجزين.
وتلقّت هيومن رايتس ووتش تقارير تفيد بأن نتائج فحوصات فايروس كورونا لبعض السجناء كانت إيجابية، بما في ذلك في سجن إيفين بطهران وفي مدينتي أروميه ورشت.
وفي رسالة مفتوحة في الـ27 من فبراير الماضي، ناشدت أسر 25 سجينا محتجزين بسبب نشاطهم المسؤولين القضائيين بالإفراج عن أحبائها أو على الأقل منحهم الإفراج المؤقت وسط تفشي الفايروس ونقص الرعاية الطبية الكافية في السجون.
ومطلع الشهر الجاري، قال جاريد غنسر، محام أميركي يُمثل عائلة سيامك نمازي، وهو رجل أعمال إيراني يحمل الجنسية الأميركية محكوم بالسجن 10 سنوات في محاكمة جائرة، في بيان إن “سجينا في جناح سيامك، ينام على بعد زنازين قليلة في الرواق نفسه، كانت لديه أعراض تنفسية حادة، وكانت نتائج الفحص المتعلق بالفايروس عنده إيجابية، ونُقل إلى الحجر الصحي”.
وقبل ذلك قالت عائلة نازنين زاغري راتكليف الإيرانية، التي تحمل الجنسية البريطانية وتعمل في المجال الخيري وحُكم عليها بالسجن 5 سنوات في محاكمة جائرة، إنها تعاني من أعراض فايروس كورونا المستجد. وتعتقد عائلتها أنها أصيبت بكورونا داخل سجن إيفين.
وأكدت عائلات العديد من المدافعين الحقوقيين البارزين الآخرين بمن فيهم نرجس محمدي ونسرين ستوده أنها قلقة حيال سلامة “أحبائهم المحتجزين”.
وغرّد تقي رحماني، الناشط السياسي وزوج محمدي، والذي يعاني من مرض عصبي نادر، بأن مدعيا عاما في مدينة زنجان، حيث نُقلت محمدي مؤخرا، رفض إطلاق سراحها مؤقتا.
وتحاول السلطات في طهران من خلال تصريحات بين الفينة والأخرى الترويج لانتصارات لا قيمة لها، لاسيما مع التقارير الدولية التي تفيد بوجود انتهاكات جسيمة طالت حقوق الإنسان.
ويرى بيج أنه من أجل السيطرة على انتشار كورونا فإن إيران مطالبة بمنع انتقال العدوى في سجونها المعروفة باكتظاظها.
وقال “ينبغي للحكومة العمل فورا للإفراج عن السجناء المؤهلين وضمان توفير النظافة الصحية والرعاية المناسبتين للباقين في السجن”.