منتقدو الإسلاموفوبيا يسقطون في فخ "الكورونوفوبيا"

حوادث التنمر ضد الآسيويين عموما والصينيين خصوصا بعد تفشي فايروس كورونا كثيرة في العالم لكنها لافتة في العالم العربي وقد كانت مواقع التواصل الاجتماعي شاهدة عليها.
القاهرة - أثار مقطع فيديو يظهر تنمرا ضد سائح صيني في العاصمة المصرية القاهرة ردود أفعال كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي
ويظهر الفيديو المتداول السائح الصيني داخل سيارة أجرة، حيث يجلس في المقعد الخلفي، بينما يضع السائق منديلا على فمه وأنفه كنوع من السخرية، حينما حدثه أشخاص آخرون في سيارات مجاورة أثناء الازدحام المروري على الطريق الدائري المحيط بالقاهرة، طالبين منه إنزال الشخص الآسيوي وسط الطريق خوفا من عدوى كورونا. واستجاب السائق بالفعل لطلبات السائقين، ليظهر الشخص الآسيوي وهو مصاب بالهلع وسط السيارات في الطريق المزدحم، والجميع يشير إليه ويصيح “كورونا كورونا”.
وأطلق مغردون مصريون حملة اعتذار للسائح الصيني على مواقع التواصل، فيما توجهت فتاة مصرية لمقابلة السائح والاعتذار عما حدث له.
ونشرت الإعلامية الصينية، التي تتحدث العربية، فيحاء وينغ، فيديو على صفحتها الرسمية على فيسوك، يظهر الفتاة المصرية وهي تعتذر للسائح.
وتظهر في الفيديو الفتاة المصرية وهي تعتذر باللغة الصينية، قبل أن تهديه باقة ورد وكعكة عليها العلم الصيني.
كما تحدثت الفتاة المصرية باللغة العربية في الفيديو قائلة “أنا نيابة عن الشعب المصري، أعتذر لك عما حدث، وأتمنى أن تقبل اعتذارنا”.
وكتبت الإعلامية الصينية التي تعمل مراسلة صحافية في القاهرة:
يذكر أن وزارة الصحة المصرية قد أعلنت، الاثنين، ارتفاع حالات الإصابة بفايروس كورونا في البلاد إلى 59 حالة.
ويتعرض سائحون صينيون حول العالم لممارسات عنصرية وتنمر من قبل البعض، نظرا لكون الصين موطن فايروس كورونا المستجد.
ويوصف الصينيون على مواقع التواصل الاجتماعي بأنهم “إرهابيون بيولوجيون”.
وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، تبدو التعليقات فاضحة لأصحاب حسابات من العالم العربي، وهي تحمل إساءات لآسيويين، في ربط يتسم بالجهل، بين منطقة كانت بؤرة لانتشار الفايروس لظروف بعينها، وأبناء هذه المنطقة أو من يشبهونهم في ملامحهم حتى لو كانوا يعيشون في بقعة أخرى من العالم.
ورغم أن الظاهرة تبدو عالمية، حدثت وتحدث في العديد من المدن حول العالم، إلا أن البعض من المثقفين في العالم العربي، عابوا على من انساقوا وراء تلك الموجة التي تتسم بالشعبوية من أبناء المنطقة العربية، التي كان أبناؤها يدينون دوما، ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، حين تحدث في الغرب، قائلين إنهم في ممارساتهم تلك، ينسفون كل ما أسسوا له من انتقادات لمن يمارسون الإسلاموفوبيا.
وقال مغرد:
وفي لبنان انتشر شريط مصور، نشره طالب صيني، يدرس في الجامعة اللبنانية، تحدث فيه بالعربية الفصحى، عن معاناته من الممارسات العنصرية، بعد انتشار فايروس كورونا.
وفي الجزائر، وفي سوق منطقة الحروش في الشرق الجزائري، قام بعض الشباب بالاستهزاء بصيني مقيم في المدينة ومناداته بـ”كورونا”، مما جعل الرجل يبكي. وبعد الاقتراب منه والحديث معه تبين أنه لم يغادر الجزائر منذ سنة وأنه فقد عدة أقارب بسبب هذا الوباء.
والأمر لا يختلف في تونس، وتحت عنوان “أنا إنسان ولست فايروسا”، دون شاب صيني يدعى غوانغ شين تعرضه لاعتداء:
Guang Chen
“أنا صيني وأفتخر بذلك، والصين غنية عن التعريف وستتجاوز الأزمة، ولكن أنا إنسان عادي ولست فايروسا. لماذا تنادونني بكورونا وتضربونني بالحجارة؟ ألستم مسلمين؟ ولعلمكم إن كنت مريضا فلن أكون في تونس بل سأكون في المستشفى، فأنا لا أريد أن أنقل الخطر إلى الآخرين”.
وبعد ساعات، نشر غوانغ تدوينة أخرى قال فيها:
Guang Chen
“شكرا جزيلا على اهتمامكم ودعمكم. أود أن أعتذر منكم سامحوني، لقد كان خطأ مني أن غيرت نظرتي عن المسلمين بسبب بعض الأشخاص السيئين. أنا أحب تونس وأحب الشعب التونسي كثيرا”.
وسخر مدون تونسي:
Dely Saber Marsois
#عندما ضرب فايروس كورونا الصين.. قالو عنه عقوبة ربانية لأنها دولة كافرة. وعندما وصل الفايروس إلى ديار المسلمين ارتفع سعر الكمامات أربعة أضعاف.. ودولة الصين “الكافرة” توزعه على مواطنيها مجانا… مات أبوجهل فأصبح الجهل يتيما.. فتبناه العرب.
وأظهر مقطع فيديو تعرض امرأة صينية في الرباط للتعامل للسخرية من طرف المارة والتجار بعد مناداتها بكورونا… كورونا!
ولا تبدو الظاهرة عربية فقط، إذ أن التقارير تتوالى عن حوادث مشابهة في عدة بلدان غربية رغم ما ترفعه تلك البلدان من شعارات مناوئة للعنصرية. وابتدع البعض مصطلح “الكورونوفوبيا” لتجسيد حالة الخوف من كل ذوي الملامح الآسيوية، والتي تصل إلى حد العنصرية، في خلط واضح بين المكان الذي انتشر منه فايروس كورونا المستجد وهو الصين، وكل من هو صيني، أو يحمل ملامح آسيوية، رغم فساد الربط والاستنتاج وعدم منطقيته.
ونشرت وسائل الإعلام الحكومية الصينية في الأسابيع القليلة الماضية العديد من مقالات الرأي الساخرة التي تدين التمييز والعنصرية، ووجهت انتقادا شديد اللهجة لوسائل الإعلام الدولية التي اعترضت على تعامل الحكومة الصينية مع أزمة كورونا، وأطلقت على هذه الاعتراضات اسم “الإبلاغ الخاطئ” أو وصفتها بأنها تمييز غير عادل ضد الصين، حتى أن مذيع التلفزيون البارز ليو شين من محطة الإذاعة الحكومية “سي.جي .تي.أن” قام بمقارنتها بـ”ركل الصين أثناء وقوعها”.
على الصعيد الرسمي، انتقدت الحكومة الصينية عدة دول لقيامها “بإثارة الخوف ونشره” بسنّ قوانين تفرض ما وصفته بحظر الدخول “غير الضروري” على المسافرين الصينيين.
وفي مقال بعنوان “فايروس كورونا أخرج أسوأ ما في البشر”، كتب الصحافي مارك لونغلي على موقع “نيوز هب” النيوزيلندي، أنه “قد لا يستغرق الأمر كثيرا حتى تختفي قشرة الأدب الرفيعة للكثير من الناس، حينما تكون هناك ملامح تهديد محتمل للبشرية، هنا يظهر الجانب المظلم من أنفسنا الداخلية”.
وأضاف لونغلي “لم يصب فايروس كورونا الذي ينتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم، الضحايا الذين أصيبوا به فقط. فقد اتضح أن الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا والعزلة الذاتية ليست النتائج الوحيدة للفايروس، لأنه يمكن أن يحولك إلى متنمر وعنصري”. وتابع “ما عليك سوى استخدام غوغل للبحث عن علاقة كورونا بحوادث العنصرية أو جرائم الكراهية، لتجد قصصا من جميع أنحاء العالم عن الأشخاص الذين يتعرضون للهجوم لأنهم يبدون صينيين”.
يذكر أن آسيويين أطلقوا هاشتاغا بعنوان “أنا لست فايروسا” على تويتر للإعراب عن غضبه تجاه ما يلاقونه من ممارسات عنصرية.