شركات الطيران مهددة بفقدان 113 مليار دولار بسبب كورونا

يقترب قطاع النقل الجوي بشكل متسارع من كارثة غير مسبوقة نتيجة شلل رحلات الطيران والنشاط السياحي في وقت أصبحت فيه فنادق العالم خاوية مع استمرار الغموض بشأن مستقبل انتشار فايروس كورونا.
سنغافورة - تصاعدت تحذيرات الخبراء من دخول شركات الطيران العالمية في فترة ركود طويلة بعد أن بدأت في إحصاء خسائرها الناجمة عن تفشي فايروس كورونا.
وأعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أمس أن شركات الطيران قد تخسر ما بين 63 إلى 113 مليار دولار من إيرادات نقل المسافرين عالميا خلال هذا العام، بناء على مدى انتشار فايروس كورونا.
وقال كبير اقتصاديي الاتحاد برايان بيرس خلال مؤتمر صحافي في سنغافورة إن “المرة السابقة التي واجه فيها القطاع صدمة كهذه كانت في 2009 أثناء الأزمة المالية
العالمية”.
وأشارت إياتا إلى أن توقع خسارة 63 مليار دولار يقوم على افتراض انحصار المرض في الأسواق الحالية، التي بها أكثر من 100 حالة مسجلة كما في الثاني من مارس الجاري، أما الخسارة الأعلى فستكون على أساس توقعات لانتشار الفايروس على نطاق أوسع.
ويؤكد خبراء في القطاع أن هذا التراجع سيعني أن تنخفض إيرادات نقل المسافرين على مستوى العالم بين حوالي 11 و19 في المئة.
وكان الاتحاد قد قال الأسبوع الماضي، إن “تفشي الفيروس سيكلّف شركات الطيران إيرادات قدرها 29.3 مليار دولار، في حالة اقتصار التفشي بدرجة كبيرة على الأسواق المرتبطة بالصين”.
وفي علامة على مدى تداعيات الفايروس، أعلنت شركة الرحلات البريطانية فلاي.بي إفلاسها أمس بعد أن لحقتها خسائر جرّاء كورونا زادت على متاعبها المالية، التي تعاني منها أصلا.
وجاءت الخطوة بعد تصاعد التحذيرات من أن الشركة، التي تأسست في 1979 ستنهار في أعقاب فشلها في الحصول على قرض حكومي بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني.
ويرجح محللون اتخاذ المزيد من شركات الطيران حول العالم مثل هذه الخطوة في حال ضاق عليها الخناق ولم تجد جهات تدعمها ماليا للخروج من أزماتها، التي يبدو أنها لن تنتهي قريبا.
وكان المجلس العالمي للسفر والسياحة قد أعلن الأسبوع الماضي، عن توقعات صادمة للقطاع خلال العام الجاري بسبب توقف الرحلات الجوية جرّاء انتشار كورونا.
وقالت رئيسة المجلس غلوريا غيفارا في مقابلة مع صحيفة الموندو الإسبانية “أجرينا حسبة أولية قدرت أن هذه الأزمة ستكلف القطاع على الأقل 22 مليار دولار”.
وأوضحت أن الحسبة بنيت على خبرة أزمات سابقة، مثل سارس أو أنفلونزا الخنازير، ومرجعها الخسائر الناجمة عن إلغاء الصينيين سفرهم في هذه الآونة.
ويوافق مبلغ 22 مليار دولار السيناريو الأشدّ تفاؤلا في دراسة نشرها معهد أوكسفورد للاقتصاد، وبنيت على فرضية تراجع بنسبة 7 في المئة في سفرات الصينيين
للخارج.
لكن الفاقد يمكن أن يصل إلى 49 مليار دولار إذا امتدت الأزمة الحالية مثلما حصل مع أزمة سارس في 2003 و73 مليار دولار إذا طالت أكثر.
وليس قطاع الطيران المتضرر الوحيد من تفشي كورونا، فالمؤسسات الفندقية مثل هيات للفنادق وشركات تشغيل السفن السياحية مثل مؤسسة كارنيفال وشركات الرحلات مثل توي مُنيت بخسائر أيضا.
ودفعت سرعة انتشار الفايروس بصناعة السياحة والسفر التي تمثّل أكثر من 10 في المئة من النمو الاقتصادي العالمي إلى واحدة من أسوأ الأزمات العالمية.
ويرسم الخبراء صورة قاتمة في الأجل القريب. ويقول المجلس العالمي للسفر والسياحة إن هذه الصناعة أتاحت قرابة 319 مليون وظيفة أي نحو 10 في المئة من مجمل الوظائف العالمية في 2018.
وتقول شركة توريزم إيكونوميكس الاستشارية إن من المتوقع أن تنخفض حركة السفر الدولي بنسبة 1.5 في المئة هذا العام لتسجل أول هبوط منذ 2009 في ذروة الأزمة المالية العالمية. وخلال انتشار مرض سارس في 2003 انخفضت معدلات السفر بنسبة 0.3 في المئة فقط.
ولأن الصين في قلب الأزمة الأخيرة ستكون منطقة آسيا والمحيط الهادي الأشدّ تأثرا إذ تتوقع توريزم إيكونوميكس انخفاضا يبلغ 10.5 في المئة في عدد الزائرين القادمين إليها هذا العام.
ويبين تحليل أجرته الشركة أن الناس أصبحوا أكثر تكيفا مع الأزمات الصحية في السنوات العشر الأخيرة أو نحو ذلك إذ أصبحت عودتهم للسفر والعطلات سريعة بمجرد احتواء انتشار المرض.
غير أن كورونا لم يسبق له مثيل في انتشاره الجغرافي. وتستخدم الشركة مرض سارس كأساس للمقارنة، وهو ما يعني أنها تتوقع احتواء الفايروس بنهاية النصف الأول من العام الجاري.
ونسبت وكالة رويترز للعضو المنتدب لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط في توريزم إيكونوميكس ديفيد جودجر قوله إن “معدلات حركة السفر ستبدأ في ظل هذا السيناريو في الانتعاش من يوليو تقريبا لكنها لن تتعافى بالكامل إلا في 2021 و2022”.
وقالت الشركة في تقرير “إذا استمر انتشار فايروس كورونا فإن آثاره على السياحة قد تستمر لفترة أطول وتكون أشدّ قسوة من سارس”.
وتؤكد جوديث بولبان مالكة فندق سان سامويل في البندقية أنها لم تشهد منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة أياما بلغت فيها حركة العمل في الفندق المستوى الحالي من السوء.
وللأزمة آثار جانبية تتجاوز قطاع السياحة. وتعاني أنشطة تجارية بالقرب من فندق في جزيرة تناريف الإسبانية تم إغلاقه على من فيه من مئات السياح منذ الأسبوع الماضي، من غياب الزبائن.