سياسات اليمين تقود العرب إلى فوز استثنائي في انتخابات الكنيست

إصرار اليمين على ضم سريع للمستوطنات وغور الأردن مقابل منح بلدات عربية للفلسطينيين ساهم في تدفق الناخبين العرب إلى التصويت لصالح القائمة المشتركة.
الخميس 2020/03/05
الأحزاب العربية حصدت 15 مقعدا

القدس- حققت الأحزاب العربية انتصارا تاريخيا في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الثالثة والعشرين، حيث حصدت 15 مقعدا، أي بزيادة مقعدين عن الانتخابات السابقة التي جرت في سبتمبر الماضي لتكون بذلك الكتلة البرلمانية الثالثة في الكنيست المقبل.

ويعزو ساسة ومحللون هذه النتيجة التي حققها تحالف لأربعة أحزاب عربية (القائمة المشتركة) إلى عوامل عدة بينها شعور متنام بخطورة المرحلة، في ظل توجه في الداخل الإسرائيلي إلى تكريس قبضة اليمين الذي نجح في السنوات الأخيرة في تمرير تشريعات وصفت بالعنصرية على غرار “قانون القومية”.

ويشير كثيرون إلى أن إصرار اليمين بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، على ضم سريع للمستوطنات وغور الأردن (يمثل ثلث مساحة الضفة الغربية) في مقابل منح بلدات عربية للسلطة الفلسطينية في حال نجاحه في تشكيل حكومة، ساهم بشكل كبير في تدفق الناخبين العرب إلى مكاتب الاقتراع والتصويت لصالح القائمة المشتركة في الانتخابات التي جرت الاثنين.

ووفقا لما قاله الباحث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي أريك رودنيتزكي، فقد زاد إقبال الناخبين العرب إلى 64.7 في المئة، وهو الأعلى منذ 20 عاما. وساعد هذا الأداء القوي في الحد من المكاسب التي حققها حزب ليكود اليميني وشركائه، وذلك بعدم حصولهم على أغلبية برلمانية تخول لهم الانفراد بتشكيل حكومة.

الأعضاء العرب في الكنيست كثيرا ما يدعون إلى إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية ويشكون من أن مجتمعاتهم تواجه التمييز في مجالات مثل الصحة والتعليم والإسكان

وقال أيمن عودة، رئيس ائتلاف القائمة المشتركة، في مدينة شفاعمرو العربية أمام مؤيدين مبتهجين التقطوا صورا شخصية مع السياسيين حتى وقت متأخر من ليلة الانتخابات، إن “نظام نتنياهو” لم يحصل على 61 مقعدا بسبب صعود القائمة المشتركة.

وأوضح “نتنياهو كان يقول لا حكومة لغانتس دون المشتركة.. وحتى الآن لمعسكر نتنياهو لا توجد 61 لسبب واحد وحيد هو ارتفاع القائمة المشتركة”. لكن من غير المرجح أن تترجم القائمة المشتركة هذا الأداء الذي لم يسبق له مثيل إلى ممارسة نفوذ خلال مفاوضات الائتلاف لأنه لم يسبق لأي حزب عربي الحصول على منصب وزاري في حكومة إسرائيلية.

ونفى زعيم تحالف أزرق أبيض المنافس الرئيسي لليكود أن تعتمد أي حكومة يقودها حزبه على القائمة المشتركة بعد أن حاول ليكود تشويهه خلال الحملة من خلال ربطه بالأعضاء العرب في الكنيست.

في المقابل فإن القائمة المشتركة بإمكانها أن تكون فاعلة على الصعيد النيابي وتوسيع دائرة مشاركتها في لجان بحث القوانين والتشريعات، وقد أكد النائب في القائمة المشتركة، يوسف جبارين، في تصريحات صحافية أنهم سيطالبون برئاسة لجنتين برلمانيتين، ليس فقط لجنة واحدة كما كان الأمر سابقا.

واحتج كثيرون من مواطني إسرائيل العرب على اقتراح في خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أُطلق عليها اسم “صفقة القرن”، من شأنه أن يضع مجموعة من المدن العربية الإسرائيلية بالقرب من الضفة الغربية في دولة فلسطين المزمع إقامتها في المستقبل.

واستغلت القائمة المشتركة الغضب العربي في تلك المجتمعات الحدودية من احتمال حرمانها من مزايا المواطنة الإسرائيلية، وذلك لتشجيع الناس على التصويت.

وقال رودنيتزكي إن القائمة حصلت كذلك على دعم من المواطنين العرب الذين صوتوا للأحزاب الإسرائيلية غير العربية اليسارية في الانتخابات السابقة التي جرت في سبتمبر.

وفي الطيبة، وهي قرية عربية تصطف على جانبيها الأشجار ربما تصبح خارج إسرائيل بموجب خطة ترامب، قال أحمد عويضة إنه أدلى بصوته لمواجهة ما سماه “عنصرية نتنياهو” ورفض خطة السلام الأميركية بالشرق الأوسط.

وأوضح عويضة “السبب الرئيسي هو عنصرية بنيامين نتنياهو وتحريضه على العرب، والسبب الثاني هو صفقة القرن حركت شوي بالعرب خلاهم يروحوا يصوتوا (من أجل) تغيير إشي أو يحاولوا يبطلوها (يحاولوا وقفها)”.

زاد إقبال الناخبين العرب إلى 64.7 في المئة
زاد إقبال الناخبين العرب إلى 64.7 في المئة

وأعربت ريناد مصلح جبارة، وهي أيضا من سكان الطيبة، عن أملها في أن يؤدي الأداء القوي للقائمة المشتركة “إلى زيادة وعي الناس بضرورة ممارسة حقهم الطبيعي والديمقراطي في التصويت في انتخابات الكنيست”.

وشددت “كتير منيح إنه هاي المرة يكون هناك 15 مقعدا للقائمة المشتركة وبتمنى كمان إنه يزيد الوعي أكتر وأكتر لمشاركة الناس في حقهم الديمقراطي الطبيعي في التصويت في انتخابات الكنيست”.

وأضافت “إذا أخذنا 15 مقعدا إيمان الخطيب راح تكون أول امرأة محجبة في الكنيست، هذا إشي كتير بيسعدني كامرأة بشكل عام”.

وقالت السياسية من عرب إسرائيل، إيمان الخطيب، التي أصبحت عضوا في الكنيست “أنا مطمئنة ومرتاحة.. أنا إنسانة مؤمنة.. أؤمن أن الله خير ولا يقدر إلا الخير.. أنا ثقتي بأبناء وبنات شعبي كبيرة.. إحنا اشتغلنا وتعبنا والناس وعيت وعرفت وبإذن الله التعب معوض بإذن الله”.

وتنحدر أصول معظم الأقلية العربية في إسرائيل من نسل الفلسطينيين الذين عاشوا تحت الحكم العثماني ثم الاستعمار البريطاني قبل البقاء في إسرائيل بعد إنشائها عام 1948 والحصول على الجنسية الإسرائيلية.

وكثيرا ما يدعو الأعضاء العرب في الكنيست إلى إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية ويشكون من أن مجتمعاتهم تواجه التمييز في مجالات مثل الصحة والتعليم والإسكان. وردا على ذلك يقول حزب نتنياهو إن خطته الاستثمارية التي تبلغ قيمتها 15 مليار شيقل (4.34 مليار دولار) للقطاع العربي هي الأكبر على الإطلاق من قبل حكومة إسرائيلية.

2