إيران "المجهدة".. الظروف ليست مواتية للقضاء على إسرائيل

إسرائيل تعدل استراتيجيتها في سوريا في ضوء ترهل القبضة الإيرانية، فيما ينطوي الموقف الجديد لطهران على تراجع وإقرار غير مباشر بهشاشة وضعها الداخلي.
الأربعاء 2020/02/19
في حاجة لالتقاط الأنفاس

إيران وأذرعها تواجهان أزمة مركبة، وهناك أشبه بعملية توزيع أدوار بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة نفوذ طهران ولاسيما في لبنان وسوريا، وهذا ما يدفعها إلى تعديل سياساتها والركون إلى التهدئة لالتقاط أنفاسها.

بيروت - اعتبر القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي أن “الظروف ليست مواتية للقضاء على إسرائيل”، في تصريح لافت يتناقض والتصريحات التي دأب على إطلاقها المسؤولون الإيرانيون وآخرها تلك التي وردت على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الأسبوع الماضي، حين توعد فيها إسرائيل برد “ساحق” على خلفية مقتل ضباط من الحرس الثوري في قصف جوي يعتقد أنه إسرائيلي في سوريا.

وينطوي موقف إيران الجديد على تراجع وإقرار غير مباشر بهشاشة وضعها الداخلي في علاقة بالأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها نتيجة الضغوط الأميركية المتزايدة وتنامي الاحتقان الشعبي، وأيضا الخارجي حيث تواجه أذرعها في المنطقة خاصة في العراق ولبنان تحديات كبرى تهدد نفوذها، فضلا عن كون طهران تبدو عاجزة حتى الآن عن تثبيت وضعها في سوريا نتيجة الاستهداف المتكرر لمواقعها وقواتها هناك.

وقال سلّامي في مقابلة مع قناة “الميادين” القريبة من حزب الله اللبناني نشرتها على موقعها الإلكتروني “هناك إمكانات كبيرة للقضاء على إسرائيل، لكن الظروف حتى الآن ليست مواتية لحدوث هذا الأمر”، في رسالة بدت موجهة إلى الحكومة الإسرائيلية بأنه لا نية لطهران ولا رغبة لديها في التصعيد معها، خاصة مع إظهار إسرائيل نهجا أكثر حزما وصرامة في التعاطي مع التهديدات الإيرانية ولاسيما تلك القادمة من سوريا.

وفي محاولة للتخفيف من وطأة إعلانه “المدروس” قال قائد الحرس الثوري إن “الإسرائيليين، وهم أصغر وأعجز بكثير من الأميركيين، كل النقاط التي يحتلّونها في مرمى نيراننا”. ولفت “يجب ألا يعتمد الإسرائيليون على الأميركيين فالآخرون فعلوا ذلك ولم يحققوا أي نتيجة”، زاعما “بنينا قدراتنا على مستوى عالمي ولكي نصل إلى مستوى القوة العسكرية الأكبر في العالم”.

بروباغندا لم تعد مؤثرة
بروباغندا لم تعد مؤثرة

وبحسب سلّامي فإن “أهداف إيران تتمحور حول انهيار إسرائيل والقضاء على وجوده وعلى الوجود الأميركي في المنطقة”. وتقوم البروباغندا الإيرانية أساسا على شعاري “الموت لإسرائيل” و”الموت لأميركا”، ولكن مثل هذه الشعارات لم تعد تؤثر حتى في الشارع الإيراني نفسه، في ظل أزمة ثقة متنامية بينه وبين النظام القابض على الحكم منذ العام 1979.

ولطالما توعدت إيران بالقضاء على إسرائيل وتدميرها بيد أن تلك التهديدات لم تخرج عن دائرة الحرب النفسية، ويقول البعض إن النظام الإيراني ليس معنيا منذ البداية بحرب مباشرة سواء مع تل أبيب أو واشنطن لإدراكه بأنه سيكون الخاسر الأكبر فيها، بيد أنه يستثمر في هذه المسألة دعائيا لشد عصب الجمهور الإيراني إليه وأيضا لتبرير تدخلاته في المنطقة وتوفير غطاء لمشاريعه التوسعية التي لم تصب سوى الدول العربية.

ويرى محللون أن هذين الشعارين باتت ارتداداتهما السلبية أشد وطأة على النظام الإيراني خاصة مع وصول دونالد ترامب القريب من إسرائيل إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، والذي اتخذ من إضعاف إيران وتقويض نفوذها أولوية فكان أن انسحب من الاتفاق النووي في العام 2018 وفرض عقوبات خانقة على طهران، وآخر خطواته لتحقيق هذا الهدف هو اغتيال مهندس خططها التوسعية في المنطقة قائد فيلق القدس قاسم سليماني والقائد الفعلي لتحالف الحشد الشعبي العراقي “أبومهدي المهندس” في يناير الماضي.

نفتالي بينيت: سننتقل من الدفاع إلى الهجوم في مواجهة إيران في سوريا
نفتالي بينيت: سننتقل من الدفاع إلى الهجوم في مواجهة إيران في سوريا

ويشير المحللون إلى أن إيران تدرك أن حملة إضعافها ستشتد وأن هناك توجها في المرحلة الحالية لتكثيف الضغوط عليها في سوريا ولبنان على وجه الخصوص بالتوازي مع استمرار خلخلة وضعها الداخلي، ومن هنا يمكن تفسير رغبتها في الركون إلى التهدئة.

ويعتبر هؤلاء أن من أكثر المسائل التي تثير قلق إيران حاليا هي إمكانية فقدان نفوذها في سوريا ولبنان وتعرض ذراعها الأبرز في المنطقة أي حزب الله لضربة قاصمة خاصة وانه يواجه وضعا داخليا غير مسبوق نتيجة غليان الشارع اللبناني والأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها هذا البلد.

وقال سلّامي إن “حزب الله اليوم أقوى بعشرات الأضعاف مما كان عليه في حرب عام 2006، واستطاع التغلب على التكفيريين… ويجب أن ينتبه الإسرائيليون إلى أنهم يواجهون حزب الله الذي بات أكثر تسلحا ومناعة”.

وهناك أشبه بعملية توزيع أدوار بين الأميركيين والإسرائيليين في محاربة النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان ففيما تتكفل واشنطن بزعزعة أسس حزب الله في الداخل اللبناني، تتولى إسرائيل مهمة استنزاف إيران في سوريا.

وسجل مع بداية العام الجاري تصاعد وتيرة الغارات الجوية على مواقع إيرانية في الأراضي السورية، وكان آخرها الجمعة الماضية حينما قصفت طائرات مخازن أسلحة تابعة لإيران بالقرب من مطار دمشق الدولي، ما أدى إلى تدمير تلك المخازن ومقتل 4 ضباط إيرانيين، وجاءت الغارات بعد أيام قليلة من هجوم مشابه أدى إلى سقوط قتلى في صفوف الإيرانيين والميليشيات الموالية لهم.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت، الثلاثاء، أنّ حكومته تلاحظ علامات تغيير لخطط طهران في سوريا وترهل القبضة الإيرانية، مشددا على أن إسرائيل ستنتقل من الرؤية الدفاعية إلى الرؤية الهجومية في محاربة وجودها هناك. وكشفت تقارير سابقة أن إيران بدأت منذ يناير إعادة التموضع في سوريا من خلال نقل الجزء الأكبر من قواتها إلى شرق البلاد.

2