اضطرابات الصومال تشل نشاط سوق السيارات

غياب السيولة المالية وتحجير دخول السيارات للمدن إلا بكفالة أو عملية تفتيش دقيقة من أسباب ركود سوق السيارات.
الخميس 2020/02/13
الملاذ الأخير للتنقل

أرخت الاضطرابات الأمنية في الصومال بظلال قاتمة على تجارة السيارات، التي دخلت في ركود اضطراري لا أحد يمكن التوقع متى سينتهي، الأمر الذي يختزل معاناة معظم القطاعات الاقتصادية في بلد يعاني من ويلات الحرب منذ عقود.

مقديشو - دخلت سوق السيارات بالصومال في حالة من الركود غير المسبوق نظرا للإجراءات الأمنية المشددة، في محاولة التصدي للهجمات الإرهابية المتكررة، حيث يحجر دخول السيارات إلا بكفالة أو عملية تفتيش دقيقة.

وتشهد الطرق المؤدية إلى العاصمة مقديشو شللا كبيرا جراء إغلاق الطرق الحيوية وتكدس آلاف السيارات في المعارض نتيجة عزوف المواطنين عن الإقبال على شرائها.

وتأتي الإجراءات الأمنية بعد صعود حالات وتيرة العنف والإرهاب آخرها حدوث عمليات تفجيرية عبر السيارات المخصصة، في ديسمبر الماضي، التي تسببت في مقتل ما يفوق 90 شخصا، في انفجار سيارة خلال ساعة الذروة الصباحية.

وتصطف المركبات في مرآب عادل لبيع السيارات الجديدة، بأنواعها المختلفة، لكن لا حركة فيها سوى لرجال نظافة وتلميع السيارات كعمل يومي لنفض الغبار عنها.

ويقول عثمان صوفي مالك المرآب إنه يعمل في مجال بيع السيارات قرابة 30 عاما، ولم يشهد ركودا مثل الموجود في الفترة الحالية، حيث باتت السوق بلا حركة تجارية خلال الفترة الأخيرة.

ونسبت وكالة الأناضول لصوفي وهو عضو لجنة مستوردي السيارات تأكيده أنه قبل ستة أشهر، كانت الحركة التجارية في السوق مربحة وكان يتراوح عدد السيارات التي تباع يوميا بين 10 و15 وهو “عدد كبير بالنسبة لنا، لكن الآن لم نبع سيارة واحدة في هذا الأسبوع”.

لجنة مستوردي السيارات في الصومال تؤكد أن المبيعات تراجعت بنسبة لا تقل عن 85 في المئة منذ 2015

ويغذي الشلل والركود في سوق السيارات الأزمة الاقتصادية للبلاد، إذ أثر الوضع الأمني والعمليات الإرهابية على النشاط الاقتصادي حيث يكبل الاضطراب الأمني كل النشاطات التجارية.

وعزا تجار تراجع مبيعات السوق من السيارات، لعوامل عدة، منها غياب السيولة المالية، إلى جانب الإجراءات الأمنية التي تفرضها السلطات الأمنية على مداخل وأحياء العاصمة، بغية التصدي للهجمات الإرهابية.

ويكاد الركود يغلق أبواب سوق السيارات المستعملة، التي كانت أكثر حركية في السابق، حيث كان روادها يصلون تباعا للبحث عن طرازات مناسبة ولا تتوقف الحركة فيها حتى ساعات متأخرة يوميا.

وتتوافد على سوق السيارات المستعملة يوميا، عشرات السيارات المعروضة للبيع، بعد أن اشتكى أصحابها من صعوبة التنقل في العاصمة، وقد اضطروا إلى استخدام عربات التوكتوك للوصول إلى أعمالهم.

ويجتمع تحت ظلال الأشجار عشرات السماسرة في السوق، مترقبين الزبائن، ليلاقي الزائرون فجأة عشرات العروض من قبل السماسرة بغية بيع ولو سيارة واحدة في اليوم.

ويقول محمود محمد إبراهيم، أحد سماسرة سوق السيارات، “كعادتنا نصل إلى السوق مبكرا، للاستعداد لاستقبال الراغبين في شراء السيارات، لكن يعود كل منا إلى المنازل خالي الوفاض”.

وأوضح أن بعض السماسرة توقفوا عن أعمالهم، بسبب الركود، حيث توجهوا لأعمال أخرى، لسد احتياجاتهم اليومية، هربا من لعنة تراجع المبيعات في سوق السيارات.

ويحمل السماسرة الحكومة وبلدية مقديشو، مسؤولية حالة الاضطراب التي تعاني منها السوق، نتيجة إغلاق الشوارع الرئيسية في العاصمة، ونشر نقاط تفتيش أمنية عند مداخل أحياء العاصمة.

حدوث عمليات تفجيرية عبر السيارات
حدوث عمليات تفجيرية عبر السيارات

ورغم غياب إحصائيات رسمية حول قائمة العلامات التجارية من حيث المبيعات في السوق المحلية، إلا أن مجموعة تويوتا اليابانية تعد الأكثر مبيعا.

وتعتمد الصومال بشكل شبه كامل على المنتجات اليابانية بنسبة تصل إلى 80 في المئة، بحسب لجنة مستوردي السيارات.

وتؤكد اللجنة أن المبيعات في سوق السيارات، تراجعت بنسبة لا تقل عن 85 في المئة، معتبرة هذه الحالة الأولى من نوعها خلال السنوات الخمس الماضية.

وتتعقد الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات يوما بعد آخر، في محاولات التصدي للهجمات الانتحارية، التي تنفذها حركة الشباب عبر السيارات المفخخة، حيث نشرت عشرات النقاط الأمنية في تقاطعات الشوارع الرئيسة.

وتخضع السيارات الخاصة لإجراءات التفتيش والتدقيق لساعات، بينما لا يسمح أحيانا بالعبور إلا للسيارات الحكومية، ناهيك عن الزيارات الرسمية والمناسبات المحلية الرسمية، حيث يتم إغلاقها طيلة يوم أو يومين.

ويقول جمال يوسف وهو مستشار اقتصادي، إن الحكومة الصومالية أعطت في المقام الأول تثبيت أمن العاصمة، من دون دراسة أو مقارنة انعكاسات هذه الإجراءات على التجارة أو الأسواق.

وأشار إلى أن السيارات المرخصة في العاصمة وحدها، ربما تتجاوز 80 ألفا. وقال إنه “في حال استمرار هذه الإجراءات من دون البحث عن خيارات بديلة تنصف هذا القطاع، سيتضرر تجار سوق السيارات إلى حد الإفلاس”.

11