غوغل في مرمى نيران شركات السفر الأوروبية

تواجه شركة غوغل مأزقا كبيرا نتيجة الضغوط المسلطة عليها لمعرفة كافة تفاصيل نشاطاتها خلال السنوات الأخيرة مع تزايد شكوك عشرات الشركات الأوروبية المتخصصة في خدمات السفر من احتمال قيام عملاق التكنولوجيا الأميركي بتجاوزات لا تنسجم مع قوانين المنافسة في السوق.
بروكسل – تنظر المحكمة العامة التابعة للاتحاد الأوروبي الأربعاء في اتهامات ضد شركة غوغل الأميركية بأنها تسيء استغلال وضعها المهيمن في نشاط الإعلان على محرك البحث على الإنترنت، ما أدى إلى الإضرار بالشركات المنافسة.
وقدمت أكثر من ثلاثين شركة متخصصة في خدمات السفر، من بينها تريب أدفايزر وإكسبيديا، الاثنين الماضي، شكاوى ضد عملاق التكنولوجيا في وادي السيليكون لدى هيئة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي بتهمة المنافسة غير المشروعة.
وتعتبر الخطوة أحدث مساعي الضغوط الأوروبية، التي يتم تنفيذها ضد عمالقة التكنولوجيا الأميركية، وهي “ألفابيت” الشركة الأم لغوغل، وكذلك أبل وأمازون وفيسبوك.
واتهم الشاكون في رسالة غوغل، باستغلال الموقع المهيمن لمحرك البحث التابع لها لإطلاق خدمات خاصة بها والترويج لها على حساب جهات فاعلة في القطاع.
وبعثت الشركات بهذه الرسالة الموجهة إلى المفوضة الأوروبية لشؤون التنافسية مارغريته فيستاغر، والمنشورة عبر الإنترنت، قبل يومين من تقديم غوغل استئنافا أمام محكمة تابعة للاتحاد الأوروبي في حكم صادر في قضية مشابهة تطاول خدمتها للتسوق “غوغل شوبينغ”.
وجاء في الرسالة “نشهد حاليا محاولة من غوغل لتوسيع هيمنتها على السوق (محركات البحث) إلى أسواق منفصلة مرتبطة بخدمات وساطة متخصصة في إيجارات العطلات”.
9 مليارات دولار أميركي حجم الغرامات الأوروبية المفروضة على غوغل منذ 2017
وأشارت الرسالة التي أوردتها صحيفة فايننشل تايمز البريطانية في بادئ الأمر إلى أن المجموعة الأميركية العملاقة “تعطي موقعا تفضيليا لخدماتها في نتائج البحث العامة”.
وفي وثيقة منفصلة، تقدمت إحدى الشركات التي وقعت الرسالة، وتتخذ من ألمانيا مقرا لها، بشكوى رسمية أمام الاتحاد الأوروبي غير الملزم قانونا بالنظر في القضية.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن المفوضية الأوروبية أكدت تلقيها الرسالة لكنها رفضت الإدلاء بأي تعليق حول الأمر.
ونقلت وكالة بلومبرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية عن محاميي غوغل قولهم إن “جلسات الاستماع أمام المحكمة التي تستمر ثلاثة أيام ستساعد في إلقاء الضوء على الملاحقة واسعة النطاق التي تقوم بها مفوضية حماية المنافسة ومكافحة الاحتكار الأوروبية ضد شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة”.
واشتكى موقعو الرسالة، ومن بينهم شركات متخصصة في تأجير مساكن العطلات من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا، بأن نتائج البحث الظاهرة عبر محرك غوغل باتت تروّج لعروض “غنية بصريا” توجّه المستخدمين نحو خدمات خاصة بالشركة الأميركية.
وأشارت غوغل إلى أنها تختبر نسقا جديدا لنتائج البحث عبر محركاتها “يمكّن الأشخاص من رؤية سلسلة من الروابط التي تحيلهم على مواقع مباشرة فوق النتائج التي تظهر في المقدمة”.
ولفتت إلى أن هذا الأمر يرمي إلى إعطاء المستخدمين “معلومات وافية وموثوقا بها من مروحة متنوعة من المصادر” مع تقديم “المعلومات الأكثر ارتباطا بموضوع البحث”.
ويأتي ذلك قبيل تقديم غوغل استئنافا أمام محكمة أوروبية بالحكم الصادر من المفوضية الأوروبية في قضية ارتكابات منسوبة للمجموعة الأميركية عبر خدمتها للتسوق.
وكانت هذه القضية المستمرة منذ عقد قد بدأت بعدما اشتكت خدمات متخصصة في مقارنة الأسعار للتسوق بأن غوغل لا توفر لها موقعا منصفا في نتائج عمليات البحث عبر محركاتها بغية تقويض نموها.
وقد حُكم على غوغل بدفع غرامة قدرها 2.4 مليار يورو (2.6 مليار دولار أميركي) في العام 2017 على خلفية هذه القضية، غير أن المجموعة تنفي بصورة قاطعة الاتهامات الموجهة إليها.
وكانت المفوضية الأوروبية قد فرضت خلال السنوات القليلة الماضية ثلاث غرامات على غوغل بقيمة إجمالية تقدر بنحو 9 مليارات دولار أميركي.
ويؤكد المتابعون لفصول هذه القضية أن السلطات الرقابية الأوروبية كانت مستعدة لتخفيف الغرامة من خلال تسوية تلزم غوغل بتغيير قواعد عرض نتائج البحث على محركها مقابل إنهاء التحقيق الأوروبي دون غرامات.
ولكن الغضب من جانب الناشرين والسياسيين الأوروبيين أدى إلى تغيير موقف المفوضية الأوروبية للتنافسية ولتتحرك في نهاية المطاف نحو فرض الغرامات على شركات التكنولوجيا الأميركية بعد تولي فيستاغر عام 2014.
وتشير التقديرات والبيانات إلى أن شركات مثل غوغل تحقق عوائد بالمليارات من الدولارات من خلال الإعلانات في بعض الدول.
ولكنها في المقابل لم تكن تدفع أي ضرائب تذكر بسبب وجود مقراتها في دول أخرى أو ملاذات ضريبية بعيدة عن تلك الأسواق.
وتنهمك العديد من الدول بما فيها الاتحاد الأوروبي بوضع تشريعات لمطاردة شركات التكنولوجيا لدفع نسبة عادلة من الضرائب في البلدان التي تحقق إيراداتها فيها، بعد أن أصبح مفهوم السيادة الوطنية رائجا مرة أخرى.
ويشير محللون إلى أن تلك العوامل تؤكد أن العصر الذهبي لشركات التكنولوجيا يقترب من نهايته بعد أن بدأت السلطات المحلية برصد إيراداتها التي كانت خفية لوقت طويل.