كورونا يغلق أبواب السفر في العالم

ركود منتظر في القطاع السياحي منع الصينيين من مغادرة بلادهم.
الأحد 2020/02/02
لا أحد يرحب بالسائح المكمم

تفاجأت السوق السياحية في مختلف دول العالم بالانتشار السريع لفيروس كورونا الذي نشر معه الذعر، فأوقفت شركات الطيران رحلاتها من وإلى الصين، لتغلق المدن السياحية التي كانت تستهوي الصينيين في دول آسيا خاصة، وكذلك أوروبا رغم أن الموسم السياحي فيها مازال بعيدا، وتزداد مخاوف المستثمرين العاملين بالقطاع السياحي من أن تطول هذه الأزمة.

طوكيو - يثير فيروس كورونا المستجد في الصين الذعر في قطاع السياحة الآسيوي الذي يزداد اعتماده على تنامي أعداد الزوار الصينيين.

وفرضت دول عديدة قيودا على التأشيرات للمسافرين من ووهان أين ظهر الفيروس أول مرة، كما أوقفت أغلب شركات الطيران العالمية جميع رحلاتها المباشرة إلى البر الرئيسي في الصين.

وحذر مجلس السياحة والسفر العالمي الجمعة من أن انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين يمكن أن يترك “تأثيرا اقتصاديا طويل الأمد” على السياحة العالمية في حال تم السماح بانتشار الذعر.

وقالت رئيسة المجلس غلوريا غيفارا “أثبتت لنا الحالات السابقة أن إغلاق المطارات وإلغاء الرحلات الجوية وإغلاق الحدود غالبا ما يكون لها تأثير اقتصادي أكبر من تأثير الوباء نفسه”.

وأضافت أن “التواصل السريع والدقيق والشفاف مهمّ للغاية لاحتواء الذعر والتخفيف من الخسائر الاقتصادية السلبية”.

وهناك مئات الآلاف في كوريا الجنوبية وماليزيا الذين وقعوا على التماسات إلكترونية تحث السلطات على منع زيارة الصينيين لبلادهم، كما حذرت بلدان عديدة مواطنيها من السفر إلى الصين.

وفي خطوة غير معتادة منعت جزيرة سامال في جنوب الفلبين  الخميس جميع السياح، ليس من الصين فحسب، بل من جميع الدول التي ظهر فيها الفيروس، من زيارة شاطئ مشهور.

وكان ازدهار حركة السياحة من الصين إلى الخارج قد خلق نمطا في السفر الدولي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية وحفز نمو شركات تخدم المسافرين الصينيين في مختلف أنحاء العالم. وقفز عدد السياح الصينيين من عدد بسيط في الثمانينات إلى ما يتجاوز 160 مليونا في 2019، لكن في وقت سابق من الأسبوع الماضي استقبل سكان محليون مجموعة من السياح الصينيين في سومطرة الغربية بإندونيسيا بلافتة كتب عليها “نحن مجتمعات سومطرة الغربية نرفض زيارة السياح الصينيين”.

وبدأ النشاط التجاري في وجهات تعتمد على الأعداد الكبيرة من السياح الصينيين يستشعر التداعيات مع شكاوى عن شواطئ ومحلات “مقفرة” ومخاوف إزاء المستقبل.

ولن تشعر أوروبا على الفور بتأثير الفيروس على السفر نظرا لأنها ليست حاليا في ذروة موسم السياحة الوافدة من الصين، ومع ذلك ظل الآلاف من الأشخاص عالقين على متن سفينة سياحية في ميناء تشيفيتافيكيا، بالقرب من روما، بسبب وجود حالة إصابة مشتبه بها بفيروس كورونا الجديد.

ويذكّر هذا الوباء بأزمة متلازمة الالتهابات التنفسية الحادة (سارس) التي شلت حركة السفر الإقليمية وضربت اقتصادات محلية في أواخر 2002. وبعد ذلك تراجع عدد السياح الصينيين بنحو الثلث، وقالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس “إذا تراجع عددهم بنفس المقدار مجددا، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي”.

ازدهار حركة السياحة من الصين إلى الخارج قد خلق نمطا في السفر الدولي لم يسبق له مثيل

وفي اليابان بدأ تراجع أعداد الزوار الصينيين يرخي بظلاله على أساكوسا، الوجهة السياحية المعروفة قرب معبد سنسوجي. وقالت يوشي يونياما (31 عاما) مسؤولة متجر لبيع الحلوى اليابانية التقليدية وشراب أمازاكي المصنوع من الأرز “بالتأكيد نرى عددا أقل من الناس هذا العام”.

وتابعت “أعتقد أن هناك أقل من نصف أعداد العام الماضي أو العام الذي سبقه”. وارتفع عدد الصينيين الذين يمضون عطلات في اليابان من نحو 450 ألفا في عام 2003 إلى 8.4 مليون في عام 2018، يمثلون 27 بالمئة من جميع السياح.

خبير الاقتصاد لدى مركز نومورا سيكوريتز قال إنه سيكون “من الصعب جدا” الآن لليابان تحقيق هدفها جذب 40 مليون سائح في 2020.

وستتأثر قطاعات أخرى عدا عن الفنادق والمطاعم والمواقع السياحية، نظرا لأن العديد من السياح الصينيين يزورون اليابان بشكل خاص للتسوق.

ووفق تاكاشيما، فإن على رأس قائمة التسوق المعدات الإلكترونية ومستحضرات التجميل. لذا، ستتأثر مبيعات محلات بيع التجزئة.

وقال كبير الإستراتيجيين لدى اكسيكورب، ستيفن إينيس، إن اليابان ستكون في موقع أفضل للوقوف بوجه الأزمة، مقارنة مع وجهة سياحية أخرى رائجة لدى الصينيين، هي تايلاند. وتبلغ حصة السياحة 18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في تايلاند، إذ يمثل السياح الصينيون أكثر من ربع العدد.

وكان وزير السياحة التايلاندي قد حذر بالفعل من أن أزمة بحجم سارس يمكن أن تكلف نحو 1.6 مليار دولار، والأثر يبدو واضحا في فوكيت. وقال كلود دو كريسي الذي يملك فندقا يضم 40 غرفة ومطعما في الجزيرة “ليومين، كانت الشوارع والمتاجر والشواطئ مقفرة”.

وأضاف أن “فوكيت ركزت جهدها حصرا تقريبا على السياحة الصينية، إذا استمر الوضع فسنتأثر جميعا”.

وأستراليا ستتأثر على الأرجح بتراجع عدد السياح، فعدد السياح الصينيين سجل ارتفاعا بمقدار الضعف خلال السنوات الست الماضية المنتهية في 2019، في وقت يمثل فيه القادمون من البر الرئيسي 15 بالمئة من عدد السياح القادمين إلى أستراليا.

وقال الرئيس التنفيذي لرابطة آسيا المحيط الهادئ للسفر ماريو هاردي إنه من الصعب معرفة المدة التي ستستغرقها هذه الأزمة. وقال “أظن أن التداعيات ستستمر لما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، لكن ذلك سيتوقف حقيقة على تطورات الأوضاع في الأسابيع القليلة القادمة”. ولن تظهر التداعيات على الفور في أوروبا التي لا تجتذب مثل هذا العدد الكبير من السياح الصينيين خلال الشتاء.

Thumbnail

وعلقت شركة “اير فرانس” الفرنسية كل رحلاتها من الصين وإليها ابتداء من الخميس وحتى التاسع من فبراير، كما أعلنت شركة الطيران البريطانية بريتيش إيرويز الأربعاء التعليق الفوري لرحلاتها كافة نحو الصين. وهذا القرار يأتي بعدما نصحت المملكة المتحدة رعاياها بتفادي السفر إلى هناك.

وألغت شركة لوفتهانزا الألمانية الأربعاء جميع رحلاتها إلى الصين حتى 9 فبراير، كما أعلنت شركة إيبيريا الإسبانية تعليق كافة رحلاتها إلى شنغهاي ابتداء من الجمعة، وكذلك فعلت شركات الطيران الأوروبية الأخرى. وقال جان بيار ماس الذي يرأس مجموعة ضغط فرنسية خاصة بالسفر “نحن في موسم أقل نشاطا في الوقت الحاضر، لكن إذا استمر الوضع فسيكون الأثر الاقتصادي كبيرا”.

العام الماضي، زار أكثر من مليوني سائح صيني فرنسا، وأمضوا ما معدله خمسة أيام وأنفقوا بالإجمال أربعة مليارات يورو.

وقال مسؤولو السياحة السويسريون إنهم يتوقعون أيضا تراجع الحجوزات من الصين التي تمثل 4.5 بالمئة من حجوزات الفنادق.

وقال مدير تحالف السياحة البريطاني كورت جانسون إن السياح الصينيين إلى المملكة المتحدة يمثلون أقل من 2 بالمئة من العدد الإجمالي السنوي “وبالتالي لن تكون هناك أي تداعيات تذكر بشكل عام”.

وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) أن هناك نحو 7 آلاف شخص على متن السفينة السياحية “كوستا سميرالدا”، التي تديرها شركة كوستا كروسيرا.

وكتبت امرأة من الركاب على تويتر “وصلنا إلى تشيفيتافيكيا على متن سفينة الرحلات كوستا سميرالدا، ولا يسمحون لنا بالنزول عن السفينة. إنهم يقولون إن ذلك من أجل الفحص الصحي”.

وأضافت أن السفينة السياحية “مليئة بالآسيويين” الذين يرتدون أقنعة الوجه.

16