تهاوي جبهات الجهاديين في إدلب يدفع أردوغان إلى التهديد بعمل عسكري

إسطنبول – قلل متابعون للشأن السوري من جدية تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتلويحه بشن عملية عسكرية في منطقة إدلب شمال غرب سوريا، مشيرين إلى أن الأخير لا يملك فتح معركة مع موسكو حول الشأن السوري في وقت باتت فيه أولوية تركيا الأمنية تتركز على “الخطر الكردي”.
وقال الرئيس التركي الجمعة إن تركيا قد تشن عملية عسكرية في محافظة إدلب إذا لم يتم حل الوضع بالمنطقة فورا.
ومنذ الأسبوع الماضي تتقدم قوات النظام السوري المدعومة من سلاح الجو الروسي بسرعة في إدلب. وسيطرت على العشرات من البلدات ومن بينها مدينة معرة النعمان المهمة وهي المعقل الرئيسي الأخير للمعارضة في الحرب الأهلية الدائرة منذ تسع سنوات.
ومنذ سيطرة الفصائل الجهادية على كامل المحافظة في العام 2015، تصعّد القوات السورية بدعم روسي قصفها للمحافظة أو تشنّ هجمات برية تحقق فيها تقدما وتنتهي عادة بالتوصّل إلى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا، كان آخرها اتفاق جرى الإعلان عنه في التاسع من الشهر الحالي لكنه لم يدم سوى عدة أيام.
وفي وقت لاحق الجمعة قال الكرملين إن روسيا تفي تماما بالتزاماتها في إدلب، لكنها تشعر بقلق عميق إزاء ما وصفته بهجمات مكثفة يشنها مسلحون على قوات الحكومة السورية وقاعدة حميميم الجوية الروسية.
ويقول محللون إن روسيا إلى جانب حرصها على أهمية استعادة الحكومة السورية لمحافظة إدلب فإنها تأخذ بعين الاعتبار استنزاف الخزان الجهادي لتركيا، باعتباره يشكّل تهديدا وجوديا ليس فقط على مصالحها في المنطقة العربية، حيث يقف الجانبان على طرفي نقيض (سوريا وليبيا مثالا)، بل وأيضا على أمنها القومي حيث لطالما نشطت أنقرة في ساحات خلفية.
ويرى مراقبون أن الموقف التركي المتوتر يعود لقلق من أن تتجاوز عملية إدلب السيطرة على الطرق الاستراتيجية، وأن تفقد أنقرة خزانا جهاديا تراهن عليه في عملياتها التوسعية بالمنطقة العربية وعلى رأسها ليبيا.
وكانت موسكو وباريس اتهمتا تركيا باستئناف نقل الجهاديين من إدلب إلى ليبيا، رغم وجود اتفاق تم التوصل إليه في اجتماع دولي عُقد ببرلين بشأن الملف الليبي يقضي بوقف إرسال مرتزقة إلى هذا البلد لما لذلك من تداعيات كارثية على مستوى تأجيج الصراع.
وباتت تركيا في موقف ضعيف أمام روسيا بسبب ما يربط البلدين من علاقات اقتصادية متقدّمة وحيوية بالنسبة إلى أنقرة، خاصة أن مرور أنبوب الغاز الروسي عبر الأراضي التركية كطريق لوصوله إلى أوروبا جعل من تركيا بلدا مرتهنا لهذا التحول الجيواستراتيجي.