توهج أنس جابر ينفض الغبار عن الألعاب الفردية في تونس

دونت لاعبة التنس التونسية أنس جابر اسمها ضمن قائمة المتألقين في الدورات الكبرى على الصعيد العالمي في هذه الرياضة، حيث أصبحت أول لاعبة عربية تبلغ دور الثمانية في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس إحدى البطولات الأربع الكبرى عالميا، لتضمن بذلك دخول نادي الخمسين في تصنيف محترفات التنس عالميا، والأكثر من ذلك أنها خطفت الأضواء وكانت محور اهتمام المتابعين للشأن الرياضي في تونس على امتداد أسبوع.
تونس – في سن الخامسة والعشرين بدأت التونسية أنس جابر تقطف ثمار عمل دؤوب ومتواصل على امتداد سنوات طويلة، فهذه اللاعبة أمكن لها حاليا أن تدخل قائمة أفضل اللاعبات في العالم، وباتت اليوم تحلم بأن تكون منافسة قوية وجدية للظفر بلقب إحدى البطولات الكبرى في عالم التنس.
ابنة مدينة قصر هلال الواقعة في الساحل التونسي، خطفت الأضواء وانتزعت النجومية خلال مشاركة استثنائية في دورة ويمبلدون الأسترالية، وما حققته خلال بداية منافسات هذه البطولة دفع بالمولعين بالرياضة التونسية إلى الاستيقاظ فجر كل يوم من أجل متابعة مسيرتها الناجحة التي توقفت في حدود الدور ثمن النهائي.
ما حققته هذه اللاعبة الاستثنائية في رياضة لم تجد حظها سابقا سواء في تونس أو في أغلب البلدان العربية التي لم تقدر على اللحاق بركب المتألقين عالميا في هذه الرياضة، يعتبر بكل المقاييس إنجازا تاريخيا وحدثا استثنائيا من شأنه أن يفتح الأبواب مستقبلا أمام لاعبي التنس التونسيين أو العرب للتألق في أقوى البطولات العالمية.
رغم سطوع نجمها مبكرا إذ ولجت عالم محترفات التنس من الباب الكبير وتحديدا سنة 2011 عندما توجت بلقب بطولة رولان غاروس للوسطيات، بيد أن أنس جابر لم تقو بعد ذلك على تأكيد قدراتها وتفجير مواهبها سريعا، واكتفت بسبب الإصابات المتلاحقة على لعب “دور ثانوي” في البطولات الكبرى.
غير أن إصرارها ورغبتها القوية في تحقيق إنجاز عالمي ساعداها على تحقيق نجاح باهر في بداية العام الحالي، ليسطع نجمها في سماء ويمبلدون وتحقق ما عجزت عنه في السابق، بعد أن أزاحت من طريقها إلى الأدوار المتقدمة نخبة من أفضل اللاعبات في العالم. عن إنجازها التاريخي تحدثت أنس وأشارت إلى سعادتها الغامرة التي لن تكتمل إلا بعد أن تنجح مستقبلا في تحقيق لقب عالمي وتدوين اسمها بأحرف من ذهب.
وفي تصريحاتها عقب انتهاء مشاركتها في بطولة ويمبلدون قالت اللاعبة التونسية “مشاركتي الحالية عززت ثقتي في قدراتي، الآن أصبح بوسعي التأكيد على أن حلمي القادم هو التتويج بلقب إحدى البطولات الكبرى، أطمح أيضا للتقدم أكثر في التصنيف العالمي والوصول إلى المراتب العشر الأولى”.
مؤشرات واعدة
يبدو التألق التونسي في منافسات التنس على الصعيد العالمي ليس حكرا على أنس جابر فقط، بل تمكن ابن بلدها مالك الجزيري من ترك “بصمته” خلال مشاركاته السابقة واحتل مراكز متقدمة على امتداد السنوات الأخيرة.
وما حققه هذا الثنائي جعل هذه الرياضة في تونس محل إشادة دائمة واهتمام متزايد رغم الصعوبات المالية العديدة التي تعاني منها هذه الرياضة وخاصة على مستوى المنشآت الرياضية على غرار بقية الألعاب الفردية الأخرى.
وفي هذا السياق أشارت سلمى المولهي رئيسة الاتحاد التونسي للتنس في تصريح سابق لـ”العرب” أن رياضة التنس في تونس تشهد طفرة وتطورا، مضيفة بالقول “تألق أنس جابر ومالك الجزيري يلهم بقية ممارسي هذه اللعبة في تونس للتألق مستقبلا، لقد تخطت أنس الحافز وأثبتت أن بمقدور الرياضيين التونسيين الوصول إلى المستوى العالمي والمراهنة على الألقاب الكبرى".
وأوضحت المولهي أن هناك مؤشرات واعدة للغاية تؤكد أن التنس التونسي سيكون حضوره أكثر توهّجا في السنوات المقبلة شريطة توفير كل ظروف النجاح ومساعدة اللاعبين الشبان على التطور والتقدم، خاصة وأنهم يعتبرون أنس جابر قدوة لهم.
واقع مماثل
ما يخص رياضة التنس ينسحب على بقية الألعاب الفردية التي تمكنت من خطف الأضواء وتحقيق نجاحات في عدة دورات كبرى رغم المشاكل المالية “المزمنة” وغياب الدعم المطلوب مقابل التركيز على الألعاب الجماعية وخاصة كرة القدم.
منذ سنوات قليلة وتحديدا سنة 2008، برز السباح التونسي أسامة الملولي كأفضل ما يكون في دورة الألعاب الأولمبية بالعاصمة الصينية بيكين، ليتمكن في تلك الدورة من تذوّق طعم الذهب الأولمبي وإعادة تونس إلى مصاف الدول المتوجة أولمبيا بعد سنوات من الانتظار. في الدورة الموالية سارت العداءة حبيبة الغريبي على خطى الملولي لتنجح في التتويج بالذهب خلال دورة لندن 2012.
ولم يقتصر نجاح الألعاب الفردية على تألق الملولي والغريبي في الألعاب الأولمبية فقط، بل تمكن عدد كبير من الرياضيين التونسيين من التتويج ببطولات عالمية ودورات كبرى لتخطف تونس الأضواء في عدة مناسبات من الألعاب الجماعية في ظل تواضع نتائجها في أغلب المشاركات العالمية.
أما اليوم وفي ظل ما حققته أنس جابر فإن بقية الرياضيين التونسيين في بقية الألعاب الفردية سيعملون على “استلهام” هذا النجاح الباهر من أجل مضاعفة جهودهم وتخطي كل الصعاب من أجل تحقيق تألق مماثل خاصة وأن الموعد الأولمبي طوكيو 2020 بات قريبا.
في هذا السياق أوضحت مروى العامري البطلة التونسية للمصارعة في تصريح لـ”العرب” أن أبطال الألعاب الفردية في تونس لديهم كل القدرات لبلوغ المراتب الأولى على الصعيد العالمي. وأضافت المتوجة بميدالية برونزية في الألعاب الأولمبية “رغم كل المصاعب وغياب المساندة والدعم فإن الألعاب الفردية التونسية تمكنت من الحصول على عدة ألقاب عالمية وساهمت في وضع تونس ضمن المشهد الرياضي الأول عالميا على غرار ما حققته أنس جابر مؤخرا”.