بولتون ينعش حظوظ الديمقراطيين في إطاحة ترامب

تقرير لـ"نيويورك تايمز "يسرد شهادة لمستشار الأمن القومي السابق يرى مراقبون أنها قد تؤدي فعليا لعزل الرئيس الأميركي.
الأربعاء 2020/01/29
قادم من الخلف ومعه ما يدين ترامب

واشنطن - في تطور لافت في قضية عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أثار تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأحد حول التفاصيل التي يعرفها مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون عن قضية أوكرانيا جدلا واسعا لاسيما أن شهادة من بولتون قد تقلب موازين القوى داخل مجلس الشيوخ الذي سيكون له الكلمة الفصل في القضية.

وحسب ما نقلته نيويورك تايمز فإن بولتون الذي كتب في مسودة أولية لكتابه المقبل، أن ترامب أخبره أن الإفراج عن المساعدات العسكرية والأمنية لأوكرانيا سيبقى رهين مساعدة حكومة كييف في التحقيقات التي طالب بها ترامب والتي تستهدف خصمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة نائب الرئيس السابق جو بايدن وغيره من الديمقراطيين.

ويرى مراقبون أن شهادة مثل هذه من مستشار الرئيس الجمهوري السابق قد تلحق ضررا كبيرا بشعبية ترامب وقد تؤدي في النهاية إلى عزله بالفعل في حال ترك الجمهوريون الحسابات جانبا.

وأثارت التفاصيل التي يعلمها بولتون فضول الديمقراطيين الذين يدفعون نحو استدعائه للإدلاء بشهادته في مجلس الشيوخ.

وكان الديمقراطيون في مجلس النواب قد طالبوا بولتون بالإدلاء بشهادته في تحقيقاتهم، لكن بولتون تجاهل الطلب، مشيراً إلى أمر صادر عن ترامب يمنعه وغيره من المسؤولين في الإدارة من التعاون في هذا الملف.

ودفعت حجج بولتون مجلس النواب إلى توجيه تهم إلى ترامب بعرقلة عمل الكونغرس، ومطالبة مجلس الشيوخ باستدعاء شهود رئيسيين، بمن فيهم بولتون ورئيس أركان البيت الأبيض بالإنابة، مايك مولفاني.

ومع ذلك فإن الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، التي لا تبدي أي معاندة للبيت الأبيض، حالت دون تحقيق طلب مجلس النواب في محاولة من رفاق ترامب لإصدار تبرئة لمرشحهم في انتخابات الخريف الرئاسية المقبلة.

ولكن تقرير الصحيفة الأميركية أعاد زخما إلى جهود الديمقراطيين في إقناع أربعة جمهوريين على الأقل في مجلس الشيوخ بالتصويت لصالح اقتراح استدعاء الشهود، وهو الحد الأدنى الذي يحتاجونه لنجاح هذا التصويت.

ترامب أخبر بولتون أن الإفراج عن المساعدات العسكرية لأوكرانيا رهن مساعدة كييف في تحقيقات ضد جو بايدن

ومن المتوقع أن يتم هذا التصويت في الأيام المقبلة خلال الأسبوع الثاني للمحاكمة.

ومن الواضح أن بولتون الذي كتب روايته عن القضية في كتاب سيصدر قريبا في الأسواق، سيتسبب في متاعب كثيرة للرئيس الجمهوري وفريق دفاعه لأنه بحكم منصبه، مطلع على أسرار الدولة، ويملك رواية منقولة عن ترامب نفسه، تؤكد تورط الرئيس الأميركي دون أي لبس.

ويأتي تقرير نيويورك تايمز ليهدد الجهود المتواصلة لمحامي الرئيس ترامب وخاصة ما أعدوه من مطالعات للدفاع عن موقف الرئيس أمام مجلس الشيوخ، خصوصا، وأنه في حال وافق المجلس على استدعاء بولتون للشهادة، فإن ترامب سيكون في مواجهة حرجة مع مستشاره السابق للأمن القومي، ما يعد سابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

وقضية أوكرانيا انفجرت بشكل قانوني عندما وجّه مجلس النواب تهما إلى ترامب الشهر الماضي بإساءة استخدام السلطة من خلال محاولته مقايضة الرئيس الأوكراني للقيام بتحقيقات هدفها اتهام بايدن ومسؤولين ديمقراطيين بالتورط في صفقات فساد، مقابل رفع التجميد عن مساعدات عسكرية لكييف.

وفي الوقت الذي شرع فيه فريق الدفاع عن الرئيس في تشييد الدفاعات ضد مزاعم بولتون المحتملة خرج ترامب الاثنين في سلسلة من التغريدات على تويتر ينفي فيها مزاعم مستشاره السابق.

واعتبر ترامب أنه “إذا قال جون بولتون هذا، فإن الأمر فقط لبيع كتابه”.

وفي أول رد فعل لهم حيال المستجدات التي طرأت على محاكمة الرئيس قال مديرو الإقالة السبعة في مجلس النواب في بيان مشترك إن رواية بولتون المذكورة “تؤكد ما نعرفه بالفعل” و “تتناقض بشكل مباشر مع رواية” الدفاع التي ادعت أن قرار ترامب بتعليق المساعدات العسكرية يعكس رغبته في مساهمة دول أخرى في هذا الجهد.

وأضاف المديرون أنه “لا يوجد سبب يمكن الدفاع عنه للانتظار حتى نشر الكتاب”، ذلك أن معلومات بولتون خطيرة وتحدد مسار القضية.

ومن جانبها اعتبرت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي أن التصويت ضد استدعاء الشهود “لا يمكن الدفاع عنه” في ضوء ما ورد في تقرير بولتون.

وبعد ساعات قليلة من نشر أخبار المخطوطة مساء الأحد، ظهر كتاب بولتون متاحًا للطلب المسبق لدى موقع “أمازون”.

ويتكون الكتاب من 528 صفحة بعنوان “الغرفة حيث حدث كل شيء” وسيتم طرحه في الأسواق في 17 مارس 2020.

ويبدو أن تقرير بولتون أعاد ترشيح كفة الديمقراطيين حيث باتت مساعيهم للحصول على شهود تتعثر في الأيام الأخيرة، خاصة وأنهم قد لا يجدون العدد الكافي من الجمهوريين للتصويت لصالح استدعاء شهود في القضية.

وأكد الديمقراطيون أن دفاع البيت الأبيض شدد على غياب الشهود عن القضية بحيث سخر محامو ترامب من فراغ هذا الملف، علما أن ترامب نفسه هو من أمر مساعديه بعدم التعاون في هذا التحقيق. وسبق للديمقراطيين أن بذلوا ما في وسعهم للحصول على شهادة بولتون ومولفاني واثنين من كبار مسؤولي ميزانية البيت الأبيض يعتقد أنهم على معرفة مباشرة بابتزاز ترامب لأوكرانيا.

وقد شهد شهود آخرون بأنهم يعتقدون أن الرئيس حجب المساعدات من أجل الضغط على رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي لإجراء تحقيقات ذات دوافع سياسية، لكن هؤلاء الشهود أشاروا إلى آخرين مثل بولتون ومولفاني الذين يعرفون القصة أكثر منهم.

ويرى مراقبون أن مسألة أن يقرر 4 أعضاء من الجمهوريين من مجلس الشيوخ فقط الانضمام إلى المطالبين باستدعاء الشهود، لاسيما جون بولتون، قد يقلب مسار هذه المحاكمة رأسا على عقب.

ويشير هؤلاء إلى الصراعات داخل الحزب الجمهوري ما قد يستدعي مفاوضات داخلية تضمن محافظة الحزب على مسألة الدفاع عن ترامب، لاسيما وأن أي أضرار ستطال الرئيس ستسدد ضربة للحزب العاجز عن الدفع بمرشح من شأنه منافسة مرشح الحزب الديمقراطي.

ولا يستبعد المراقبون حدوث مفاجآت، خصوصا أن ما يرويه بولتون في كتابه يحتاج إلى مصداقية تؤمن تسويقا لمؤلفه.

ويقول هؤلاء إن ترامب حشر القضية في رغبة بولتون ببيع كتابه، وأن بولتون قد يحتاج إلى المضي قدما في اتهاماته على نحو سيحرج مجلس الشيوخ وخصوصا الحزب الجمهوري أمام ناخبيه.

5