صفقة ترامب تحيي مخاوف الوطن البديل

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أخيرا عن صفقة القرن أو كما يحلو للفلسطينيين تسميتها بـ”صفعة القرن” بعد تأجيل متكرر. وكما هو متوقع أتت هذه الصفقة على ما تبقى من طموحات الفلسطينيين وأثارت مخاوف الأردنيين وسط خيارات ضئيلة بشأن سبل مواجهتها.
القدس – تشهد الأراضي الفلسطينية حالة غليان شعبي مع إعلان الرئيس دونالد ترامب لخطة السلام الأميركية المعروفة بصفقة القرن، والتي تنسف كل طموحات الفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة على أراضي 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وامتد الغضب إلى الأردن الذي يشهد حالة استنفار كبرى مع تحركات مكثفة للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني سبقت بساعات إعلان ترامب، لعل أبرزها زيارته إلى منطقة وادي عربة التي تحمل رمزية كبيرة حيث شهدت توقيع معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل في 29 أكتوبر 1994، أي بعد نحو عام فقط من توقيع اتفاقية أوسلو.
ويقول محللون إنه رغم إشارة الرئيس الأميركي في خطته إلى قيام “دولة فلسطينية” متصلة الأراضي عبر جسور وأنفاق، إلا أن هذه الفكرة غير منطقية عمليا وهي تحيي مخاوف “الوطن البديل” لدى الأردن.
ويلفت المحللون إن زيارة الملك عبدالله الثاني هي رسالة تحذيرية لجهة إمكانية تعليق اتفاقية “وادي عربة” أو حتى إلغائها، والتي سيكون لها تبعات كبيرة في المنطقة، ولا يستبعد أن يقدم الملك عبدالله الثاني على ذلك ولكن يبقى هذا الأمر خاضعا لترمومتر رد فعل الشارع الأردني.
ويشير البعض إلى أنه لن يكون من السهل على الملك عبدالله الثاني الإقدام على هذه الخطوة في ظل إدراكه بالتكلفة الباهضة التي عليه تسديدها سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، ولجهة إمكانية رفع واشنطن الغطاء عن عمّان، ليس هذا فقط ذلك أنه يمكن أن توظف إسرائيل هذه الخطوة لفائدتها من خلال رفع الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس التي أعلنها ترامب عاصمة لإسرائيل.
ومع إعلان ترامب لصفقته، تداعت الجماهير الفلسطينية للتنديد بها فقد شهد قطاع غزة مسيرات حاشدة.
وخرج الآلاف في الضفة الغربية رافعين أعلاما فلسطينية ولافتات تهاجم الرئيس ترامب وإدارته. وكانت إسرائيل قد رفعت من درجة الاستنفار في الضفة، وأرسلت تعزيزات إلى غور الأردن الذي ضمه ترامب لإسرائيل في خطته للسلام.
وامتدت الاحتجاجات إلى الأردن، فقد لبى المئات دعوات قوى حزبية ونقابية للاعتصام أمام السفارة الأميركية في عمّان استنكارا لخطة السلام الأميركية، التي أطلقوا عليها “صفعة القرن”.
وتزامنت التحركات الشعبية مع انعقاد جلسة طارئة للقوى الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس في رام الله شاركت فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وهذه المرة الأولى التي تحضر فيها قيادات من حماس لاجتماع برئاسة عباس منذ سنوات في ظل الانقسام بينهما منذ العام 2007.
وكان القيادي الفلسطيني محمد دحلان قد وجه قبل ساعات قليلة من إعلان خطة السلام الأميركية رسالة للرئيس عباس حمله فيها المسؤولية الكبرى لإجهاض “المؤامرة الأميركية الإسرائيلية”.
وعلى الصعيد الدولي كان الموقف الأعلى صدى هو ذلك الذي صدر عن روسيا قبيل إعلان الصفقة، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التوجه الأربعاء إلى موسكو للقاء الرئيس فلاديمير بوتين لإقناعه بالخطة التي تقول التسريبات إن المسؤولين الإسرائيليين شاركوا في صياغة أدق تفاصيلها.
ويقول مراقبون إن الكرة اليوم في ملعب الفلسطينيين، في استنهاض القضية مجددا وإعادة إشعاعها دوليا، مستدركين بالقول إن الخيارات لتحقيق هذا الهدف تبدو ضئيلة وستسعى إدارة ترامب وإسرائيل لامتصاص غضب الفلسطينيين وتحويل هذه الخطة المنحازة بالكامل لتل أبيب مع الوقت إلى مرجعية ثابتة للسلام
في الشرق الأوسط.
في المقابل يقول البعض إن إنهاء الانقسام الفلسطيني والاتفاق على التحرك بشكل جماعي ومنسق مع حراك الشارع الفلسطيني الذي يرجح أن يزداد زخما قد يفشل هذا المشروع الذي ينسف عمليا حل الدولة الفلسطينية.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط خلال لقائه أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل الرجوب، “الموقف الفلسطيني من الصفقة سيُمثل العامل الحاسم في تشكيل الموقف العربي الجماعي”.