عمان تضطر لخفض ضريبة المبيعات لتحريك ركود الأسواق

يترقب أصحاب الأعمال في الأردن بفارغ الصبر انتعاش الحركة التجارية في أعقاب إقرار الحكومة سلسلة إجراءات توجت بخفض ضريبة المبيعات إلى النصف، بعد أن عانت الأسواق المحلية من الركود جراء ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وخاصة الطبقة الفقيرة التي ازدادت خلال السنوات الأخيرة.
عمان - تسعى الحكومة الأردنية إلى تعديل أوتار الأسواق التجارية بعد أن مرت بحالة ركود خلال الأشهر الماضية بسبب ضريبة المبيعات التي أدت إلى تراجع الطلب على السلع الاستهلاكية.
وأعلنت وزارة المالية في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أنها خفضت ضريبة المبيعات إلى النصف على حوالي 76 سلعة أساسية، في خطوة هي الأولى منذ عامين.
وأظهرت حركة المواطنين في الأسواق التجارية منذ 2018 أن مستوى الإقبال على المحلات التجارية بمختلف أنواعها متوسط، لكنه يقل كثيرا عند المقارنة بالأعوام السابقة.
وشكل المنحى التصاعدي لمنسوب الفقر طيلة السنوات الأخيرة صداعا مزمنا للسلطات، التي اضطرت لإقرار زيادة في الأجور مع مطلع 2020 حتى تضع الأمور تحت السيطرة، لكن ذلك أدى إلى إشعال غضب أصحاب الشركات.
وتقول الأوساط الاقتصادية إن التوجهات الحكومية لإنعاش الأسواق يجب أن تكون نحو تبني سياسات توسعية ولاسيما في ظل تراجع معدل النمو خلال العام الماضي مقارنة بالعام السابق.
وتفاقمت معاناة التجار والمستوردين خلال العامين الماضيين من حدة التراجع في استهلاك المواد الغذائية الأساسية، ومع تآكل مداخيل الطبقة الوسطى والفقراء بعد فرض أكبر سلسلة من الضرائب.
وكانت الحكومة قد فرضت بداية 2018 ضرائب على المبيعات في إطار الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي ليتراجع الطلب منذ ذلك الحين بنحو 30 بالمئة.
ورغم هذه الخطوة، اعتبر رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع تخفيض ضريبة المبيعات قرارا إيجابيا وخطوة أولية نحو تخفيض ضريبة المبيعات “لكنه غير كاف”.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية للطباع قوله في بيان إن “من الضروري خفض ضريبة المبيعات بشكل أكثر شمولية بحيث يتم تخفيض نسبة معينة من الضريبة على جميع السلع مع التركيز على أولوية البدء بالضرورية منها”.
وأوضح أن مثل هذا الإجراء ، سيكون له أثر الإيجابي مباشر على الاقتصاد والمواطنين لاسيما أن السلع التي شملها القرار تخضع لضريبة مبيعات تتراوح ما بين 4 و10 بالمئة.
وتزايدت المطالب بالإسراع في إعادة النظر بالمنظومة الضريبية ومحاولة معالجة التشوهات بالهيكل الضريبي بالشكل الذي يسهم في تحسين كفاءة التحصيل الضريبي.
ويعتقد الطباع أن أنجح الوسائل لتحقيق ذلك هو تقليل الاعتماد على مصادر الضرائب غير المباشرة، مشيرا إلى أن تخفيض العبء الضريبي على المواطنين يسهم في زيادة القدرة الشرائية وتحسين الطلب الاستهلاكي.
ولفت إلى أن تراجع العوائد الضريبية والإيرادات خلال العام الماضي وعدم تحقيقها لما كان متوقعا أكبر دليل على أن زيادة العبء الضريبي وفرض ضرائب جديدة كان له أثر معاكس ولم يؤدّ إلى زيادة العوائد الضريبية.
ويعتبر الاعتماد الكبير على ضريبة المبيعات والفجوة الكبيرة بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة من الملفات الحارقة، التي لا تزال تحتاج إلى إصلاحات عميقة.
ويرى البعض أن تقييم السلع وتصنيفها من حيث أهميتها بالنسبة إلى المواطنين مع التركيز على السلع الغذائية الأساسية هدف مهم ليتم التوسع بشكل أكبر في قرار التخفيض الضريبي مستقبلا.
ولم تستهدف الحكومة السلع التي تفرض عليها ضريبة مبيعات بقيمة 16 بالمئة، ومنها الأدوية والملابس والسكن، وهو ما يبقي الضغوط على أغلب المواطنين قائمة.
وتعاني البلاد من أزمات اقتصادية مزمنة، وقد زادت من أعبائها أزمة اللاجئين رغم انحسار المشاكل الأمنية لجارتيها العراق وسوريا في الأشهر الأخيرة.
وأرجع رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك محمد عبيدات النشاط البطيء للأسواق إلى الظروف الاقتصادية الحالية للأسر الأردنية التي وصلت إلى “مرحلة الصفر من حيث الإنفاق”.
واعتبر أن المتطلبات الضرورية للعائلة باتت مهددة بسبب تدني المداخيل، وأن فرض الرسوم والضرائب أدى إلى نسف القدرة الشرائية للمواطن، وهو ما ينعكس على الأسواق سلبا من الناحية الاقتصادية.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل التضخم ارتفع بنسبة 0.3 في المئة على أساس سنوي بنهاية العام الماضي، مقارنة بمستواه في العام السابق، ليصل إلى نحو 5.5 في المئة.
وحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، جاءت الزيادة نتيجة ارتفاع أسعار الإيجار والحبوب ومنتجاتها والتعليم والخضراوات والبقول الجافة والثقافة والترفيه.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) قد حذرت في تقرير حديث من ارتفاع جديد في مستوى الفقر بعد أن بلغ العام الماضي حدود 12 بالمئة من تعداد سكان الأردن البالغ 10.4 ملايين نسمة، بعد أن كان عند 5 بالمئة قبل عشر سنوات.
ويقول الخبير الاجتماعي الأردني حسين الخزاعي إنه استنادا لعدة مؤشرات فإن نحو 3.5 ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر.
وأوضح أنه باعتماد المداخيل والنفقات المعمول بها لقياس مؤشر الفقر، فإنه يمكن اعتبار أن الأسر، التي تنفق أقل من ستة آلاف دينار (8.5 آلاف دولار) فقيرة، وهذا يعني أن هناك 56 بالمائة من القوى العاملة دخلها أقل من 500 دينار (706 دولارات تقريبا) شهريا.
ويعتبر الأردن من بين أكثر دول الشرق الأوسط اعتمادا على المساعدات الدولية لتسيير شؤونه في ظل شح الموارد التي لا تكفي لسد النفقات السنوية في الموازنة.
وعجز الموازنة العامة المزمن هو المصدر الأساسي لنمو الدين العام نسبة وحجما، إذ تلجأ الحكومة إلى سد فجوة العجز في الإيرادات سنويا عن طريق الاقتراض بشقيه الداخلي والخارجي، وهذا بدوره يراكم المديونية عاما بعد آخر.