أزمة ائتمان تضع عُمان تحت مجهر المراقبة

محللون يرون أنه لن تكون لدى السلطان هيثم القدرة المالية على الأقل في الوقت الراهن بالنظر لطبيعة الأزمة التي تعيشها البلاد بعد أن تأثرت بتراجع عوائد صادرات الطاقة الشحيحة أصلا.
الجمعة 2020/01/17
تعديل أوتار الاقتصاد مهمة مضنية

انتقلت نقاشات المحللين إلى التحديات الاقتصادية الشاقة، التي تنتظر السلطان هيثم بن طارق بعد إعلان تنصيبه في أعلى هرم السلطة بسلطنة عُمان الأسبوع الماضي، في مسار مواجهة الأزمات المالية، التي يمر بها البلد الخليجي، وسط تباطؤ وتيرة الإصلاحات الحكومية.

مسقط - يترقب حائزو سندات دولارية لسلطنة عمان تزيد قيمتها على 20 مليار دولار شروع سلطان البلاد الجديد في تنفيذ إصلاحات ملحة لتفادي أزمة ائتمان في الاقتصاد الأسوأ أداء في منطقة الخليج.

وطمأن التعيين السريع للسلطان هيثم بن طارق آل سعيد عقب وفاة السلطان قابوس بن سعيد الجمعة الماضي، المستثمرين، بينما كان البعض يخشى أن تستغرق عملية انتقال السلطة وقتا طويلا بما قد يجعل عمان عرضة لتدخل خارجي.

وبينما رحب قادة عالميون بتعهد السلطان هيثم بتبني سياسة خارجية متوازنة، يقول محللون إنه بحاجة للتغلب على بطالة متصاعدة ومالية عامة منهكة في الدولة المثقلة بالديون.

فابيو سكاتشيافيلاني: عُمان تقوم بعملية توازن مالي لكن تعترضها عدة تحديات
فابيو سكاتشيافيلاني: عُمان تقوم بعملية توازن مالي لكن تعترضها عدة تحديات

وقال روبرت موجيلنيكي من معهد دول الخليج العربية ومقره واشنطن إن “مجال السياسة الداخلية والسياسة الاقتصادية هو ما يحدد نجاح قيادة هيثم بن طارق آل سعيد في نهاية المطاف”.

وارتفعت نسبة الدين العماني، المصنف بأنه عالي المخاطر من جميع وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاث، إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى قرابة 60 بالمئة العام الماضي من حوالي 15 بالمئة في 2015. وترجح وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال أن تصل نسبة الديون العمانية إلى 70 بالمئة إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022.

ونسبت وكالة رويترز للمدير المساعد لدى ستاندرد آند بورز ذهبية سليم جوبتا إن البلاد “تواجه تناميا في مخاطر إعادة التمويل نتيجة لاستحقاقات كبيرة للدين الحكومي الخارجي قد تضيف ضغوطا كبيرة على احتياطيات النقد الأجنبي إذا لم يجر تمديد آجال استحقاق الديون”. وتتوقع الوكالة أن تصل الديون في 2021 إلى حوالي 4.3 مليار دولار على أن تبلغ في العام الموالي 6.4 مليار دولار.

ويعتمد منتج النفط الصغير نسبيا بشدة على الاستدانة لتعويض عجز آخذ في الاتساع ناجم عن تراجع أسعار الخام وإحجام عن إجراءات تقشفية قد تؤدي إلى اضطرابات.

وقال فابيو سكاتشيافيلاني كبير الاقتصاديين لدى نوفيرس “تمضي البلاد في مسار ضبط مالي مستدام.. ستمتزج إجراءات التقشف بتحرك حتمي نحو التنويع”. وأضاف الخبير، الذي كان كبير الاقتصاديين بصندوق الثروة السيادية لعمان قائلا إنها “عملية توازن دقيقة قد تواجه مقاومة في جوانب معينة”.

وكان السلطان قابوس وزيرا للمالية ومحافظا للبنك المركزي. وكان أيضا رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الخارجية وقائد القوات المسلحة. وقد عارض اللجوء إلى الجيران الخليجيين للحصول على مساعدة مالية من أجل الإبقاء على السياسة الخارجية مستقلة.

وعندما اندلعت احتجاجات في عمان بالتزامن مع ثورات الربيع العربي في 2011، أقال السلطان قابوس أكثر من ثلث مجلس الوزراء وخلق الآلاف من الوظائف وأعطى أموالا للعاطلين عن العمل.

ويرى محللون أنه لن تكون لدى السلطان هيثم القدرة المالية لمثل هذا السخاء على الأقل في الوقت الراهن بالنظر لطبيعة الأزمة التي تعيشها البلاد بعد أن تأثرت بتراجع عوائد صادرات الطاقة الشحيحة أصلا.

وقال دبلوماسي في عُمان، لم تكشف رويترز عن هويته “كانت لدى السلطان قابوس أدوار كثيرة جدا وكان منعزلا، مما كان يعني أن مستشاريه لن يبلغوه بالتحديات التي كانت البلاد تواجهها، ولكن السلطان الجديد سيكون حتما أكثر تقبلا للتحديات”.

ومن المرجح أن يشكل السلطان هيثم، الذي كان وزيرا للثقافة ومسؤولا عن خطة تنمية السلطنة، فريقا من المستشارين للسياسات بعد فترة حداد تدوم أربعين يوما بدأت يوم الأحد.

وقال الدبلوماسي إنه إذا عين رئيسا للوزراء واتخذ خطوات نحو تحقيق لامركزية السلطة، فسيشير هذا إلى رغبة في تحسين عملية صناعة القرار. ويشكل تباطؤ وتيرة الإصلاحات سببا جوهريا في إمكانية تعرض الدولة الخليجية إلى الصدمات المتنوعة خلال السنوات المقبلة.

Thumbnail

وقال جيسون توفي كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس لرويترز إن “اقتصاد عمان سيكون الأسوأ أداء في منطقة الخليج على مدار العامين المقبلين بتوقعات لنمو قدره 0.5 بالمئة للناتج المحلي الإجمالي هذا العام و0.8 بالمئة في 2021”.

وهذا العام، تخطط السلطنة لجمع ديون بأكثر من خمسة مليارات دولار لتغطية جزء من عجز متوقع عند حوالي 6.5 مليار دولار، بما يعادل ثمانية بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وستغطي باقي العجز بالسحب من الاحتياطيات التي تآكلت بالفعل في السنوات الأخيرة بوتيرة زادت المخاوف بشأن استدامة ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي.

وقالت كارلا سليم الاقتصادية لدى ستاندرد تشارترد إن “انزلاقا ماليا قد يحدث خلال العام الأول لهيثم، عندما يتجه الإنفاق للزيادة”. لكنها أضافت أن اعتلاءه الحكم “قد يكون بمثابة عامل مساعد لوتيرة الإصلاح وتخطيط المالية العامة في الأجل المتوسط”.

وأرجأت عمان تطبيق ضريبة للقيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة من 2019 إلى 2021، وتباطأت عملية تنويع مصادر الاقتصاد، إذ لا يزال النفط والغاز يشكلان أكثر من 70 بالمئة من إيرادات الحكومة.

10