المثقف الموسوعي شوقي ضيف يعتبره المصريون حارس الثقافة العربية

دافع طه حسين عن الثقافة العربية بتحريرها من الجمود، داعيا إلى التجديد العقلي، مما أثار عليه المعارك، التي وصل مداها إلى تكفيره، كما حدث بعد نشره كتاب «الشعر الجاهلي» 1926، أما التلميذ شوقي ضيف فقد أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن التراث العربي وهويته الثقافية، ومن أجل هذا وظّف كتاباته لدحض دعاوى المستشرقين في الهجوم على العربية وتراثها الأصيل، وقد انبرى للدفاع عنها في أكثر من مؤلّف.
أولى مقالات شوقي ضيف كانت في الدفاع عن أستاذه طه حسين بعد مهاجمة كاتب عراقي لما كتبه أستاذه عن الشَّاعر الفرنسي المتفلِّسف «بول فاليرى» وقصيدته «المقبرة البحرية». أما ثورته وغيرته على التراث العربي فجاءت في الجزء الخاص بـ«عصر صدر الإسلام» من موسوعته «تاريخ الأدب العربي»، حيث انبرى بالرّد على المقولة الباطلة التي روّجها المرجفون عن كون الإسلام «لم يتمخض صدره إلا عن أثر طفيف، ومُحدّد الفاعلية في أشعار المخضرمين»، هكذا وَجَدَ نفسه يدافع عن هذه الدعاوى الباطلة، مُفَنِّدًا أكاذيبها بالأسانيد والدلائل من أشعار المخضرمين، ومن النَّثر الفنِّي البديع الذي تجلَّى فيه جوهر الرِّسالة، وإلهامات القرآن.
فكر مرن
تصدَّى شوقي ضيف في كتابه «التطوير والتجديد في الشِّعر الأموي»، لأباطيل المستشرقين القائلة إن «الشّعر في عصر بني أمية لم يأتِ بجديد يختلف عن العصر الجاهلي، وأنَّ التجديد لم يظهر إلا في العصر العباسيّ» بقوله «إنّ التَّمَسُكَ بالثوابت والأصول التقليدية لم يمنع الشعراء من الاستجابة لإفرازات العصر من جديدٍ وتطوّر بل إنِّ العربَ واكبوا واستوعبوا ثم عبَّروا عن التطورات الجديدة التي لحقتْ بالحياة العربية في شتى الأمصار»، ثم يختم بقوله «إن التجديدات من صُنْع العنصر العربي وليست من ابتكارات الموالي». لكن يُمثّل دفاعه عن الشَّاعر أحمد شوقي في كتابه «شوقي شاعر العصر الحديث» مفارقة تكشف عن روح العصر ومرونته الفكرية الذي عاش فيه، فقد أوقف الكتاب للدفاع عن شاعرية شوقي، وما لحق به من غُبْنٍ، ووصفه بصفات هو براء منها.
|
مثقف موسوعي
تظل فكرة العالم الموسوعي في العصر الحديث مُنْتَفِيَّة، ولم يعد له ذكر سوى صدى العصور السَّابقة، إلا أن إسهامات الدكتور شوقي ضيف تنسبه إلى هذه العصور. فقد أثرى المكتبة العربية، بكتابات وصل عددها إلى ستين مؤلفًا، عالج فيها ألوانًا مختلفة من المعارف والعلوم ويكفي الدكتور شوقي فخرًا موسوعته الرائدة «تاريخ الأدب العربي» التي جاءت في تسعة أجزاء، طاف فيها بعصور الأدب منذ العصر الجاهلي، حتى العصر الحديث، وما بينهما.
أثرى المكتبة العربية بكتابات وصل عددها إلى ستين مؤلفا عالج فيها ألوانا مختلفة من المعارف والعلوم