الإمارات حسمت زيادة تخفيضات الإنتاج النفطي لتحالف أوبك+

أبوظبي ساعدت الرياض في الضغط على موسكو لتقبل مزيدا من خفض الإنتاج، وروسيا رأت في الاتفاق وسيلة لتعزيز العلاقات الحيوية في المنطقة.
الخميس 2019/12/19
الرسالة وصلت

أكدت مصادر مطلعة في قطاع الطاقة أن الإمارات حسمت أمر زيادة تخفيضات الطاقة خلال سباق فورمولا 1 بأبوظبي أي قبل أيام قليلة من اجتماع فيينا لوزراء الطاقة في منظمة أوبك، بعد أن طلب من السعودية الضغط على روسيا أحد الحلفاء الرئيسيين في أوبك+.

لندن - كشفت مصادر للمرة الأولى الأربعاء أن الإمارات ساعدت السعودية في الضغط على روسيا للقبول بزيادة خفض إنتاج ضمن أوبك+ خلال سباق فورمولا 1 بأبوظبي.

ولتأكيد ذلك ظهر تماسك هذا التحالف الثلاثي مع الدعم الذي قدمته أبوظبي وموسكو لنجاح الطرح العام الأوّلي لعملاق النفط السعودي شركة أرامكو.

وذكرت مصادرة مطلعة على المفاوضات لوكالة رويترز أن السعودية لجأت إلى حليفتها الإمارات عندما احتاجت إلى مساعدة لإقناع روسيا بالموافقة على تخفيضات أكبر في إمدادات النفط خلال اجتماع أوبك هذا الشهر.

واستضاف الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، محادثات مهمة بين السعودية وروسيا في أبوظبي، حيث توصلت الدول الثلاث إلى ما سيصبح واحدا من أكبر التخفيضات في الإمدادات خلال عقد من الزمن.

ولم تُكشف سابقا تفاصيل المفاوضات التي جرت قبل إعلان منظمة أوبك والمنتجين من خارجها رسميا عن الخفض في السادس من ديسمبر الجاري.

20 بالمئة من الإنتاج العالمي تستحوذ عليها السعودية وروسيا، أكبر مصدرين للنفط

ويمثل دور الإمارات في المحادثات تغييرا عن السنوات الماضية، كما يبرز نفوذ روسيا المتزايد في المنطقة.

ومنذ بدأت روسيا التعاون مع أوبك بشأن اتفاقات الإمدادات في 2016، قادت الرياض وموسكو قرارات إمدادات النفط قبل اجتماعات أوبك دون تدخل يذكر من المنتجين الآخرين. وقال مصدران إن الرياض هذه المرة أرادت من أبوظبي أن تساعد في زيادة الضغط على موسكو للموافقة على التخفيضات.

ورأت روسيا في الاتفاق وسيلة لتعزيز العلاقات الحيوية في المنطقة. وقال أحد المصادر إن “الرسالة التي أرادت روسيا إرسالها هي أنها تدعم السعودية في لحظة حاسمة وأن التحالف قوي. دور الإمارات ليس مفاجأة. لروسيا علاقات قوية للغاية مع الإمارات”.

وروسيا والسعودية هما أكبر مصدرين للنفط في العالم، حيث يمثلان معا 20 بالمئة من الإنتاج العالمي.

وقالت ثلاثة من المصادر إن مشاركة الإمارات التي تنتج 3 بالمئة من إمدادات النفط العالمية جاءت بعد أن لمّحت موسكو إلى معارضتها لتخفيضات جديدة في الإمدادات قبل اجتماعات أوبك في فيينا يومي 5 و6 ديسمبر الجاري.

وامتنع صندوق الاستثمار المباشر الروسي ووزارة الطاقة الروسية اللذان يلعبان دورين رئيسيين في محادثات أوبك عن التعليق. ولم يرد مركزا التواصل الإعلامي الحكوميان في السعودية والإمارات على طلبات للتعليق.

الإنتاج من أجل دعم سعر الوقود والطاقة
الإنتاج من أجل دعم سعر الوقود والطاقة

ورتب وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان التخفيضات العميقة وأخذ يناقشها مع المسؤولين الروس منذ أكتوبر عندما زار الرئيس فلاديمير بوتين الرياض، وفقا لثلاثة من المصادر.

ومنذ ذلك الحين، قام مسؤولون سعوديون وروس برحلات مكوكية بين الرياض وموسكو وأبوظبي للتفاوض على صفقة إمدادات النفط.

وفي الـ27 من نوفمبر الماضي، التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في الإمارات.

وذكر مصدران أن السعوديين أطلعوا الشيخ محمد بن زايد على اقتراح إجراء تخفيضات أكبر وعرضوا تفاصيل التي سيتم توزيعها بين السعودية وروسيا والإمارات والكويت والعراق.

وأبلغت المصادر رويترز أنه في الأول من ديسمبر، التقى ولي العهد السعودي وشقيقه وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز مع كيريل دميترييف، وهو مستشار يتمتع بنفوذ مؤثر في الكرملين ويرأس صندوق الثروة السيادية الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار، على هامش سباق الجائزة الكبرى في أبوظبي ضمن بطولة العالم لسباقات فورمولا 1 للسيارات.

وقال أحد المصادر إن دميترييف طار إلى الرياض في اليوم التالي لإخبار ولي العهد السعودي وشقيقه بأن روسيا موافقة على التخفيضات.

وذكر أحد المصادر أن السعودية كانت بحاجة إلى تخفيضات في الإنتاج لدعم ارتفاع أسعار النفط قبيل الطرح العام الأوّلي لأسهم في شركة النفط أرامكو المملوكة للدولة السعودية.

وإضافة إلى ذلك تحتاج الرياض إلى سعر يزيد عن 80 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن بميزانيتها، بحسب صندوق النقد الدولي.

ولي العهد السعودي ووزير الطاقة التقيا كيريل دميترييف رئيس صندوق الثروة الروسي خلال سباق فورومولا 1 بأبوظبي

وتحتاج موسكو لسعر 42 دولارا فقط للوصول إلى ميزانية لا عجز فيها، وفقا لأرقام موازنة العام الحالي ووزارة المالية الروسية.

والإمارات حليف وثيق للسعودية ولها مصلحة أيضا في مضي الطرح العام الأوّلي على ما يرام.

وأفادت رويترز في نوفمبر الماضي بأن جهاز أبوظبي للاستثمار يستثمر أكثر من مليار دولار في طرح أرامكو بعدما اتجهت الرياض لحلفائها لدعم الطرح.

وكانت لروسيا أسباب كافية لمقاومة التخفيضات، فقد عارض الكثير من شركات النفط الروسية لوقت طويل كبح الإنتاج لأنها تخشى خسارة حصة سوقية لصالح الإنتاج المتزايد في الولايات المتحدة التي لا تتعاون مع أوبك.

وتصاعدت الضغوط على الحكومة الروسية في الأسابيع الأخيرة إذ قالت شركات من بينها شركة روسنفت العملاقة المملوكة للدولة وشركة لوك أويل الخاصة علانية إن تخفيضات الإنتاج السابقة أخّرت بالفعل ولوقت أطول من اللازم بدء العمل في مشروعات ناشئة لتطوير حقول نفط جديدة.

وأشار بوتين إلى تردده في إجراء مزيد من الخفض يوم 14 نوفمبر الماضي عندما قال إن تبني السعودية “موقفا متشددا” إزاء تخفيضات الإنتاج بسبب الطرح العام الأولي لأرامكو “ليس سرا”.

وقالت عدة مصادر في أوبك إن مندوبي المنظمة كانوا قلقين في الأيام السابقة لاجتماع فيينا من أن موسكو قد تخرج من الاتفاق وترفع إنتاجها قبل منتصف 2020.

وبحسب مصادر أوبك وتقديرات محللين مثل شركة إنرجي أسبكتس فإن أسعار النفط العالمية كانت ستهبط على الأرجح دون مشاركة روسيا.

وموسكو طرف رئيسي في تخفيضات إمدادات النفط العالمية من قبل أوبك والمنتجين من خارجها المتحالفين مع روسيا، الذين يعرفون معا بأوبك+. ودعمت التخفيضات الأخيرة أسعار النفط لتقترب من 65 دولارا للبرميل.

وتمكنت روسيا من تعزيز علاقاتها بكل من إيران والسعودية، اللتين تخوضان نزاعا منذ عقود على النفوذ مما أثار قلقا من اندلاع صراع بينهما بعد هجمات مؤخرا على منشآت نفطية سعودية. واتهمت الرياض وواشنطن طهران بالمسؤولية عن الهجمات.

التحالف الثلاثي مكسب سياسي
التحالف الثلاثي مكسب سياسي

وساعد دميترييف في التفاوض على الاتفاق الأولي بين روسيا والسعودية في 2016، مع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك.

وكان أحدث اتفاق لأوبك+ بمثابة حل وسط، فقد وافقت روسيا على زيادة تخفيضات النفط لكن للأشهر الثلاثة المقبلة فقط. ووافقت السعودية على القيام بأكبر تخفيضات جديدة للإمدادات.

وقد أبقى السعوديون والروس التفاصيل المهمة للاتفاق الذي توصلوا إليه في أبوظبي طي الكتمان حتى يوم الاجتماع بغرض مفاجأة السوق، التي توقعت مجرد الاتفاق على تمديد اتفاق الإنتاج الحالي. وصعد خام برنت 2 بالمئة إلى أكثر من 64 دولارا للبرميل بفعل النبأ.

ويدعو اتفاق أوبك+ إلى خفض جديد للإمدادات قدره 500 ألف برميل يوميا زيادة على التخفيضات السابقة التي تبلغ 1.2 مليون برميل يوميا.

ووافقت السعودية على خفض إنتاجها متطوعة بمقدار 400 ألف برميل يوميا دون حصتها المقررة في أوبك، مما يصل بإجمالي التخفيضات الفعلية إلى 2.1 مليون برميل يوميا، أو اثنين بالمئة من الإمدادات العالمية. وتنتج دول أوبك+ أكثر من 40 بالمئة من النفط العالمي.

وقال أحد المصادر إنه بالنسبة إلى روسيا كان قبولها خفض الإنتاج لثلاثة أشهر يستحق المكسب السياسي الذي غنمته بإظهار الدعم للرياض وأبوظبي. وأضاف “إجمالا، أصبح التحالف بين الثلاثة أقوى” بفضل هذه الخطوة.

11